د, ثامر المطيري

لاشك أن تحقيق أهداف التنمية والتحديث والمواكبة الفاعلة للمتغيرات والمستجدات يفرض على جهاز الدولة أعباءً جسيمة سياسية وإدارية واقتصادية ومالية، ومافي الأمر من خيار سوى أن تكون الإدارة الوطنية بمستوى الحدث أو لاتكون، ولابد من بذل جهود خارقة تستهدف تحقيق أقصى إنتاج ممكن في كل قطاع حكومي إنتاجي وخدمي بأحسن أداء وفي أقصر وقت وبأدنى كلفة.
وسبيل الوصول إلى هذه الغاية السامية يكمن في استخدام وتبنّي استراتيجيات إدارية تطويرية شاملة تعمل على التعبئة الصحيحة لإمكانات وموارد المجتمع بحيث توجه إلى أفضل الاستخدامات وأكثرها إنتاجية، كما تعمل على إيجاد مسار تصحيحي شامل هدفه تبسيط الجهاز الإداري للدولة وإزالة كل أشكال التعقيد والتداخل والازدواج والتشابك بين مختلف النشاطات والوحدات والأجهزة التي تعوق العمل وترفع من تكلفة الأداء وتتسبب بالتالي في ضياع الوقت وتشتيت الجهود وهدر الموارد.
ولعل من المناسب في هذا الشأن أن تنزع من الوزارات والمصالح الحكومية المركزية جميع أشكال العمل التنفيذي (تقديم الخدمة) وتُنقل بالكامل وفق منهج تدرجي إلى السلطات المحلية في حالة الأجهزة الخدمية وإلى مؤسسات تجارية في حالة الأجهزة الإنتاجية,
ويترتب على ذلك أن تتحول جميع الأجهزة الحكومية المركزية عدا أجهزة السيادة (الأمن والدفاع والشئون الخارجية) إلى أمانات فنية مهمتها الرئيسية التخطيط والتطوير وإجراء البحوث والدراسات الهادفة إلى تحسين الأداء وعلاج مشكلات التنفيذ وتطوير أساليبه وتقديم الخدمات المساندة لوحدات التنفيذ، وبذلك يتقلص حجم الوزارات والمصالح الحكومية المركزية وينحصر دورها في هذه المهمة الرئيسية كدور طبيعي ومنطقي تعجز أي وحدة تنفيذية عن القيام به, كذلك فإن الأمر يقتضي علىنحو أو آخر إعادة النظر في ذلك الحشد الكبير من المجالس واللجان والهيئات العليا,, والتي تمتص بطفيلياتها التنظيمية والإجرائية قدرات الآلاف من العاملين في الأجهزة الرئيسية المعنية، وتحجبهم عن المساهمة الإيجابية في الإنتاج، وتُحمّل ميزانية الدولة مئات الملايين من الريالات سنوياً، وهذا التضخم التنظيمي عائق في حقيقته أمام تقدم وسرعة الخدمات، ولن يضيف للإدارة والموارد الوطنية شيئاً له قيمة.