Tuesday 11th April,2000 G No.10057الطبعة الاولى الثلاثاء 6 ,محرم 1421 العدد 10057



قصة قصيرة
الدُّر والرماد

اخيرا أيها القلب تساقطت أوراق الربيع بعدما كانت تأنس بنسمات عابرة وشمس ساطعة وطيور مغردة أخيرا وقفت على أبواب الخريف يا لها من دورة اخيرا تساقط مداد قلمك حزنا على آمال بالامس كانت حلما دافئا اخيرا صار ذلك العملاق الضخم من العواطف ساكنا بين دروب الضعف والألم لا يملك من امر طموحاته سوى ظلال يظن بها بعضا من التفاؤل واخرى يعتقد انها لأشباح ليست لها حق الحلم في دنيا الناس حتى الصدق إن توفر بين الزوايا فكثيرا ما تكون هناك سدود هائلة صعبة الاقتحام اخيرا أيها القلب تعيش الواقعية بكل ما تحتويه من مرارة فما اصعب ان نقفز بأسلحتنا المحطمة الى دنيا الواقع حيث الاحزان المكان مزدحم لعل اليوم سوق سخونة أعصابي وتوتري الشديد جعلني لا اشعر بما يدور حولي في الزحام اصوات متعالية متشابكة تبتغي الربح قبل انتهاء ذروة الظهيرة حيث قوافل العمال والموظفين يهمس بأذني صديقي أيمن هذا أبو صلاح يجلس في مقهى السوق ومعه الكثير من المعارف صفوفهم منتظمة ومرتبة سألت أيمن هل جاءها احد خبراء الزراعة أو رجال المحليات المشهورين كي يحاضر في الناس عن ما يهمهم ويزيد دخلهم لا انها مباراة في كرة القدم لأحد فرق القمة المشهورة التي يشجعها ابو صلاح قبل ان ننتهي من ذلك المشهد قفز الجميع في فرح ورفع كل شخص كرسيه لأعلى ابتهاجا بهدف في مرمى الفريق الخصم قلت آه من تلك المجنونة قال تقصد الطماطم ابتسمت في غيظ وهززت رأسي وتعجبت من الناس في هذا الزمان لا تسمع من افواههم سوى تمتمات اليأس والحسرة على ما كانت تتمناه ولم يكن لا تعرف لجولات الحياة عودة من جديد إذا تمنوا فهم يعيشون بأماني هي الى المستحيل أقرب لابد من التخلص من تلك المرأة نعم فقد حطمت آمالي واحلامي بجهلها وغبائها لم اعرف سابقا ان الجهل والحماقة لهما من التدمير ما رأيت ضاعت آمالي عندما تقدم ل(سيدة) احد زملائي بالبلدة تزوجته بعد موافقة اهلها هي ابنة خالي اعرفها جيدا راجحة العقل والقلب كنت أعرض عليها الكثير من اموري لتشاركني الرأي تمنيتها لنفسي وحياتي رُزقت بطفلين من هذا الرجل ليس أقسى على النفس من لحظات الوداع مع الأحباب خاصة اذا كانوا من قلوبنا بمنزلة عالية واشواقنا اليهم لا تنقطع فيا ليت الأحباب يعلمون مدى غربتنا بدونهم فكم نشتاق للسفر الى ذكريات الماضي التي شاركونا فيها بالعواطف وحلو الأحاسيس كم سنتألم ونبكي الذكريات لن انسى مشهد الاحتضار الرهيب لزوجها بالمستشفى فقد طلب منها ان تسامحه لأنه ظلمها لم يكن يعلم انها أخفت عنه سوء معاملة اهله لها طوال هذه السنوات وتسامت بأخلاقها عند مرضه لم تتركه لحظة واحدة رغم انه قد طردها من البيت قبل المرض ظلماً تمنيت لو تسعفني قدماي بالإسراع نحو نهاية السوق اقتربت الشمس من الرحيل وما زلت اسابق عقارب الساعة قلبي يدق قشعريرة تمتلكني ودفء يسري بداخلي يزداد مرة بعد مرة حتى كادت حرارة الاشتياق تفضحني امام المارة ها هو محل البقالة الصغير الذي تمتلكه (ام خالد) طلبت شرابا باردا عند جلوسي كي اطفىء الظمأ مع اني اعلم عدم جدوى الشراب بادرتها بطلب الزواج تعجّبت في حنين وتساءلت عن زوجتي وامتدحتها قاطعتها ساخطا وشرحت لها كيف كانت سنواتي السابقة جحيما لا يطاق صبرت على جهلها وغبائها وإهمالها وعدم درايتها بالمسؤوليات الزوجية وما تعنيه تلك الرابطة كذبتني وصدقت اخواتها وهم من ينامون على احلام الدرهم والدينار ماديون في بشاعة المكر والدهاء سمتهم لا يعرف ذلك الا من التحم بهم وبخاصتهم صارحتها بمرضي جحظت عيناها قالت في ذهول ان اخوتي عندهم حق في زواجك مني وانه كان لعلة بك او طمع في المئات التي ادخرها من نصيبي في الميراث لم تكن تعلم اني امتلك الآلاف قذفتها خارج البيت بلا رجعة صمتت (أم خالد) اعدت السؤال وعيناي متعلقتان بالأمل امهلتني لشروق الغد خرجت والشمس قد رحلت مفسحة للغروب وقلبي يتمنى لو تأتي سيدة في الصباح بالإيجاب لن اتركها تضيع كما ضاعت من قبل فليت الأحباب يعلمون اننا بدونهم لا شيء وقلوبنا تحن الى بسمتهم وبشائر أطيافهم نود ان نطوي الأميال ونختصر الساعات كي نحيا سعداء بقربهم ونهنأ برؤية عيونهم السمراء الجميلة فليت المساء يعبر عن خزائن الأسرار وما يدور في الدهاليز ليتكم تعلمون اننا نعيش بكم ولكم يراودنا أمل اللقاء.
علي عبده النوبي

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

لقاءات

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved