Tuesday 11th April,2000 G No.10057الطبعة الاولى الثلاثاء 6 ,محرم 1421 العدد 10057



فتح المجال للسياح الأجانب قفزة تنموية رائعة ولكن؟
د، مفرج بن سعد الحقباني *

تعتبر السياحة مصدراً هاماً من مصادر الدخل الرئيسة التي تعتمد عليها الكثير من دول العالم النامي والمتقدم على حد سواء، وإذا كان قطاع السياحة مهماً للكثير من الدول فإنه يبقى أكثر أهمية للدول التي لديها مجال رحب لتحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها السياحية المتاحة وفي مقدمة تلك الدول المملكة العربية السعودية التي ظلت بعيدة كل البعد عن تحقيق أي تقدم مثمر في هذا المجال مما أضعف الدور التنموي لقطاع السياحة وأبقى الاعتماد على النفط كبيراً كمصدر رئيسي للدخل الحكومي، ومن منطلق الرغبة في دعم هذا القطاع فقد وافق مجلس الوزراء الموقر في جلسته التي عقدها يوم الأثنين الموافق 28/12/1420ه على عدد من الضوابط لاصدارات تأشيرات زيارة للمملكة لغرض السياحة، وفي اعتقادي ان مثل هذا الإجراء يمثل نقلة نوعية في الفكر الوطني تجاه قطاع السياحة الذي ظل غائباً أو مغيباً في جميع الخطط التنموية السابقة، فعلى الرغم من ان جميع الخطط التنموية السابقة قد تسابقت في اختيار العبارات الرنانة الداعية الى تتطوير قطاع السياحة ليصبح احد القطاعات الاقتصادية الهامة القادرة على تنمية مصادر دخل ذاتية وعلى الاسهام في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، إلا ان هذه الدعوة قد ظلت تراوح مكانها ضمن الإطار النظري للخطط التنموية دون ان تجد لها مجالاً تطبيقياً يذكر باستثناء بعض الجهود المباركة التي يبذلها بعض أمراء المناطق وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير يحفظه الله ، ولعل أهم الأسباب التي ادت الى اضعاف الدور التنموي لقطاع السياحة عدم وجود جهة حكومية مستقلة مسؤولة عن تخطيط وتنشيط الخدمات السياحية حيث نلاحظ ان المسئولية في هذا المجال مشتتة بين عدة جهات حكومية كوزارة المعارف ووزارة التجارة ووزارة الزراعة ونحو ذلك مما أفقد قطاع السياحة الشخصية الاعتبارية القادرة على تربية وتنمية متطلبات السياحة الرئيسية،
ولكن ومع قرب فتح المجال للسياح الأجانب لزيارة المملكة العربية السعودية فإن هنالك العديد من المخاوف التي ربما تحرمنا من تحقيق الاستفادة الكبرى من قطاع السياحة والسياح الأجانب ولعل أهم هذه المخاوف يتمثل في الآتي،
1 نظراً لعدم وجود جهة حكومية مركزية تشرف على قطاع السياحة فإن من المتوقع ان تساهم البيروقراطية الإدارية المبررة وغير المبررة في حرمان السائح الأجنبي من زيارة بعض الأماكن الأثرية والمعالم السياحية خاصة في ظل تشتت المسؤولية بين جهات حكومية مختلفة، ولعل من الواجب في الوقت الحاضر ان نعمل على الحد من مساحة الاختلاف المتوقعة بين الجهات الحكومية المختلفة حتى نستطيع تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردنا السياحية المتاحة، وهنا أعتقد ان أفضل الحلول المطروحة هو المسارعة في انشاء وزارة مستقلة تعنى بالسياحة والأماكن السياحية وتساهم في تنشيط العمل والفكر السياحي بين الأشخاص المعنويين والاعتباريين ذوي العلاقة بقطاع السياحة،
2 نظراً للعشوائية الكبيرة التي يعج بها سوق العمل السعودي فإن من المتوقع ان يكون العامل الأجنبي هو المستفيد الأكبر من فرص العمل التي سيخلفها فتح المجال للسياح الأجانب، نعلم جميعاً ان عنصر العمل السعودي ما زال غير محبذ من قبل القطاع الخاص مما يوحي باستمرار هذا القطاع في الاعتماد على عنصر العمل الأجنبي حتى في قطاع السياحة، وبالتالي يجب علينا ان نحمي هذا القطاع الهام من سيطرة العمالة الوافدة حتى نحقق الفائدة المرجوة من القرار وحتى لا نصل الى مرحلة يتولى فيها العامل الأجنبي مهمة الدليل السياحي الذي يقوم بإرشاد السائح الأجنبي وحتى لا تظل الفنادق السعودية خاضعة لسيطرة العمالة الأجنبية،
3 نظراً للعشوائية التي يعج بها سوق العمل السعودي فإن من المتوقع ان نواجه مشكلة حقيقية تتمثل في عدم مغادرة بعض السياح الأجانب البلاد بمجرد انتهاء التأشيرات الممنوحة لهم اذ من الممكن ان يأتي الأجنبي بتأشيرة سياحة ثم يذوب كغيره في سوق العمل السعودي مستغلاً ضعف الوعي والحس الوطني لدى بعض المواطنين والانتشار العشوائي غير المقنن للعمالة الأجنبية، ولعل تجربتنا مع التأشيرات الممنوحة للحج والعمرة خير دليل على إمكانية حدوث مثل هذا الأمر مما يستدعي اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان مغادرة الجميع البلاد بمجرد انتهاء الفترة الزمنية المقررة للزيارة،
4 نظراً للنقص الكبير في الخدمات التي يتطلبها قطاع السياحة ونظراً لضعف دور القطاع الخاص في هذا المجال فإن من المتوقع ألا ترتقي الخدمات المقدمة للسياح الأجانب الى المستوى المأمول خاصة في الفترة الأولى التي تعقب تطبيق القرار والذي سينعكس سلباً على هذا القطاع والعاملين فيه كما سيعطي صورة غير جيدة عن موروثنا الثقافي والفكري والسياحي، وبالتالي فإن من المأمول ان يسبق تطبيق القرار مراجعة شاملة لكل مواقعنا الأثرية والسياحية المتاحة للسياح الأجانب لضمان توفر كافة الخدمات المنشودة بما في ذلك خدمة الدليل السياحي الذي يمثل حلقة الوصل المباشرة بالسياح الأجانب،
5 نظراً لعدم وجود جهة مركزية تشرف وتحمي قطاع السياحة فإن من المتوقع ان يتعرض السياح الأجانب الى ابتزاز مباشر من اصحاب المصالح الخاصة خاصة فيما يتعلق بأسعار الخدمات المقدمة لهم وبالتالي فإن من المأمول ان يتم وضع ضوابط عامة وواضحة يلتزم بها الجميع تكفل حسن تقديم الخدمة وبأسعار مناسبة ومعقولة،
وأخيراً فإن مثل هذه الفكرة تمس الوطن من كل جانب مما يعني ضرورة العمل الجاد على تحقيق الإيجابيات المنتظرة وتلافي السلبيات المتوقعة من خلال دراسة الفكرة دراسة شاملة يشترك فيها كل العناصر ذات العلاقة حتى نضمن سلامة التطبيق ودقة الإجراءات، كما ان التأني في التطبيق خير من الاستعجال فيه خاصة ونحن لا نمتلك الخبرة الكافية ولا الثقافة اللازمة للتعامل مع السياح ولا الاستعداد المناسب لتنفيذ مثل هذه الفكرة الطموحة،
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

لقاءات

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved