Tuesday 11th April,2000 G No.10057الطبعة الاولى الثلاثاء 6 ,محرم 1421 العدد 10057



مشاركات,, وتجارب
الباحثون,, والفيضان المعلوماتي
خالد بن عبدالرحمن الجبري *

في عصور مضت ليست بالبعيدة كان الباحث يركب الصعاب ويجوب الدنيا مشرقا تارة ومغربا أخرى سعيا وراء المعلومة، فلا يكاد يسمع عن عالم في أقاصي الدنيا إلا ويشد رحاله قاصدا إياه طلبا للعلم والمعرفة في زمن لم يعرف من وسائل النقل والاتصال إلا أدناها بمفهومنا المعاصر, ولقد سطر تاريخنا الإسلامي أعظم حضارة عرفتها الإنسانية بعون من الله ثم بجهود كوكبة من العلماء المخلصين لدينهم الذي رغّب في العلم ورفع من منزلة أهله، فكان بعضهم يسافر في طلب حديث واحد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولقد كان لندرة المعلومات وصعوبة الوصول إليها أهم المشكلات التي تواجه الباحثين، أما في الوقت الحاضر (عصر الثورة المعلوماتية) فقد انقلبت الموازين لتصبح زيادة المعلومات Information Overload هي المشكلة التي لا تقل عن سابقتها.
فإن النمو المتسارع لشبكة الانترنت خير دليل يشير إلى حجم تلك الظاهرة خاصة بعدما ازداد معدل النشر على صفحاتها وتضاعف عدد المواقع المعلوماتية خلال السنوات الأخيرة التي تشير الاحصائيات إلى أنه في شهر أغسطس من عام 1995م كان مجموع مواقع الانترنت لا يتجاوز 100 ألف موقع وفي يونيو عام 1996م ازداد المعدل إلى 132 ألف موقع ثم تجاوز المليوني موقع في فبراير من عام 1997م, أما صفحات الانترنت فإنها تتضاعف كل 35 يوما.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن عدد صفحات الشبكة العنكبوتية الوب Web يزيد عن مليار صفحة ونخلص من هذا أن الباحث أصبح يواجه أطناناً ضخمة من المعلومات في شتى أشكالها ولغاتها وفي أدق التخصصات العلمية, وهذا الكم الهائل من المعلومات بات يشكل عبئا على الباحثين ومتخذي القرار وأصبح سببا في تشتيت أفكارهم وضياع الوقت والجهد في كيفية السيطرة على ذلك السيل المتدفق من المعلومات, ففي استطلاع للرأي أجرته وكالة رويتر للأنباء عام 1996م لموظفي الشركات الذين يستعملون الانترنت تبين أن:
33% من المديرين يعانون مشاكل صحية نتيجة للجهد المرافق لزيادة حجم المعلومات.
48% يتوقعون أن الانترنت تساهم في تعقيد المشكلة.
43% يتوقعون أن قرارات هامة تتأخر لتضخم حجم المعلومات.
80% يتوقعون أن الزيادة في استخدام شبكات المعلومات أثناء العمل سبب رئيسي في الضغط النفسي الذي يشكو منه بعض الموظفين.
ولقد نص قانون مورز Mooers الذي نشر عام 1960م على أن الباحثين يمكن أن ينصرفوا عن نظام استرجاع المعلومات حينما يكون حصولهم على المعلومات أكثر إزعاجا من عدم الحصول عليها وهذا منذ أربعين عاما فماذا يقول مورز الآن؟
وخلصت بعض الدراسات إلى نتيجة مهمة وهي إحساس كثير من الباحثين بما يمكن أن نطلق عليه بالفيضان المعلوماتي فهم مرهقون في ملاحقة ما نشر وينشر وحتى ما لم ينشر في مجالات بحثهم ويحصلون على معلومات أكثر مما يتوقعونه وينتهي بهم المطاف إلى عجزهم عن الإلمام بها واستيعابها وثم الإفادة منها فانطبق عليهم قول الشاعر:

تكاثرت الظباء على خراش
فما يدري خراش ما يصيد
والتساؤل حاليا هو كيف يمكن أن يواجه الباحثون هذه المشكلة؟ وهل من آلية يمكن توظيفها أو الاستعانة بها بهدف الحصول على المعلومات المناسبة في الوقت المناسب وبالقدر المناسب؟
إن اللجوء إلى الأسلوب الانتقائي في جمع المعلومات وتبويبها من أهم الوسائل المعينة على الحل.
وكذلك تحليل المعلومات المنتقاة وفرزها حسب أولوياتها وعلاقتها بالموضوع المتناول وتجنب العموميات والاتجاه نحو التخصص، فالتوسع والإطناب وضم الموضوعات الرديفة والقضايا غير المباشرة له نتائجه السلبية التي تعوق التقدم في إجراءات البحث وتقادم المعلومات المتوفرة ومن الممكن أن تؤدي إلى تشعب الموضوع وتوقف الباحث وصرفه النظر عن المواصلة.
ومن هنا يبرز الدور الفعّال لخدمات المعلومات في المكتبات في حين يعمل القائمون عليها بتلمس احتياجات الباحثين الحالية والمستقبلية واحاطتهم بالجديد في مجالات اهتمامهم وهو ما يعرف بالبث الانتقائي للمعلومات Selective Dissimination of Information والقيام بمهمة تكشيف الدوريات العلمية واصدار الكشافات والمستخلصات للمقالات المهمة وبثها للمتخصصين وأن وظيفة المكتبة الحديثة تتعدى جمع المعلومات وتنظيمها وحفظها إلى الترويج لها وايجاد السبل العصرية الكفيلة بالوصول إلى المستفيدين أينما كانوا ودراسة اتجاهاتهم وحاجاتهم المعلوماتية ومحاولة تحقيقها، فالمعلومة سلعة اليوم واستثمار المستقبل.
* عضو هيئة التدريس ورئيس قسم خدمات المعلومات بمعهد الإدارة العامة

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

لقاءات

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved