Tuesday 11th April,2000 G No.10057الطبعة الاولى الثلاثاء 6 ,محرم 1421 العدد 10057



صوموا يوماً قَبله أو يوماً بعده
رئيس مجلس القضاء الأعلى :صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية

* الرياض واس
وجه فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى صالح بن محمد اللحيدان كلمة عن صيام يوم عاشوراء فيما يلي نصها,.
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين قائد الغُر المحجلين وسيد العباد الصادقين والدعاة المخلصين, وبعد، فإن الله خلق الخلق ويعلم ضعفهم وأنهم يُخطئون ويُذنبون وهو يحب أن يرحمهم وأن يغفر لهم ذنوبهم فيسر لهم أسباب القبول والتوبة من التائبين ودعاهم إلى الانابة والاعتذار إليه من ذنوبهم والعمل الذي به تزكو نفوسهم وتطهر قلوبهم ووالى عليهم مواسم الخيرات ليتدارك من زلت به القدم أو أخذته الغفلة أو اغتر بالدنيا وطول الأمل فتأخر عن مسايرة أهل الفضل ومسابقة ذوي الهمم العالية والرغبات الجليلة.
وقد بيّن لنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كل أمر يدنينا من رحمة ربنا ويجنبنا أسباب سخطه من الأعمال والأقوال وأرشدنا إلى مواسم الخيرات وطرق الوصول إلى ادراك منازل السُعداء وإن مما أبانه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم وحثنا عليه التقرب إلى الله بالصيام تطوعاً لما له من أثر كبير على القلب من تقوية الإيمان والحياة القوية وما ينتج عنه من أثر على النفس بتزكيتها وتطهيرها من أدران الذنوب وتذكيرها بفضل الله عليها, ونحن في هذه الأيام نستقبل يوماً مباركاً هو يوم عاشوراء عاشر شهر الله المحرم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هُريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل), رواه مسلم وغيره, وما رواه مسلم وغيره عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: (يُكفر السنة الماضية).
فيوم واحد يُفكر الله به مع التوبة ذنوب عامٍ كاملٍ جدير بالاهتمام وحري بأن يتسابق إلى صيامه كل قادرٍ على الصيام رجاء تكفير الذنوب واقتداء بسيد أهل الإيمان، فإن يوم عاشوراء يومٌ مُعظمٌ عند العرب قبل الإسلام وله شأن هام عندهم، فقد كانت العرب تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت قريش تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصومه فلما فرض صوم شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه) وفي رواية لها: (وكان يوم تستر فيه الكعبة), وروى البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (ان أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان فلما فرض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه ).
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدِم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً لله، فنحن نصومه تعظيماً له, فقال عليه الصلاة والسلام فنحن أحق بموسى منكم , فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه).
وكان مما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا مُخالفة أهل الكتاب في كثير من الأمور فروى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع), يعني والعاشر, وروى الإمام أحمد وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا يوماً قَبله أو يوماً بعده), وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا يوماً قبله ويوماً بعده).
فيا أخي المسلم أدعوك إلى نفع نفسك وتزكيتها بالأعمال الصالحة، فقد قال سبحانه: (ونفسٍ وما سواها قد أفلح من زكاها), فبادر إلى تزكية نفسك وتعرض لنفحات ربك وأوقات عطائه عند إفطار الصائمين وفي وقت الاستغفار مع المستغفرين في الأسحار وقد ذكرت لك مصابيح نيرة من كلم نبي الهدى وفيها الدعوة إلى التقرب إلى الله بجميل الأعمال وجليل الأفعال وخذ بتوجيهات نبيك بمخالفة اليهود في صيامك فصم يوماً قبل يوم عاشوراء أو يوماً بعده وإن صمت يوماً قبله ويوماً بعده فأحسن، ثم اعلم أنه في هذا العام لم يثبت بالبينة دخول شهر محرم هذا العام يوم الأربعاء ويبقى معنا اكمال شهر ذي الحجة ثلاثين يوماً فيكون دخول شهر الله المحرم هذا العام يوم الخميس ويكون يوم الجمعة هو التاسع من محرم وهو موافق لتقويم أم القرى والاحتياط صوم يوم الجمعة ويوم السبت العاشر حسب تقويم أم القرى وبذلك تكون صمت بيقين يوم عاشوراء وفزت إن شاء الله بتكفير ذنوب السنة الماضية بحول الله وقوته.
فعليك أن تحفظ عامك المقبل وتصون نفسك ثم إني أذكر لك بعض ما قيل عن يوم عاشوراء عن علماء الصدر الأول من علماء الإسلام، فقيل إن يوم عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام وقيل إنه اليوم الذي نزل فيه نوح عليه السلام من السفينة وفيه خرج يُوسفُ من الجب ونجى الله فيه يونسَ من بطن الحوت وفيه ولد عيسى كما كانت تكسى فيه الكعبة في الجاهلية وفيه نجى الله موسى وقومه وأغرق الله فيه فرعون وجنده وما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمد وما سواه فالله أعلم به.
وبعد فيا أخي المسلم ما أجمل اغتنام الفرص واقتناص المناسبات الكريمة والتعرض لعفو الكريم المنان, إن صيام يوم واحد يكفر بإذن الله ذنوب عام كامل وإضافة يوم آخر إليه دليل صدق المتابعة لرسول الله, ما أطيب تعرض المسلم لنفحات ربه الكريم والتقرب إليه بالأعمال الصالحة التي يحبها جل وعلا رجاء مغفرة الذنوب والتوفيق في سائر أوقات الحياة ثم أوصيك أن تهتم بالدعاء وأن تستحضر أهم المطالب عند الإفطار فإن للصائم دعوة تستجاب عند فطره, أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفعل الصالحات وأن يتجاوز عنا ويكفر سيئاتنا ويتقبل منا صالح الأعمال ويوفق ولاة أمر المسلمين في كل مكان للاهتمام بأمر المسلمين واعانتهم على طاعة ربهم وكف الأذى والجور والظلم عنهم والعدل معهم في كل الأمور والرفق بهم رجاء الحصول على رفق الله بهم فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يرفق بمن رفق بأمته وأن يشق على من شق عليها والله مستجيب دعاء نبيه.
وأخيراً هذه تذكرة لي ولكم أيها المسلمون, جعلنا الله جميعاً من أهل الذكر المنتفعين بالذكرى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى من صدق في متابعتهم إلى يوم الدين.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

لقاءات

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved