Tuesday 11th April,2000 G No.10057الطبعة الاولى الثلاثاء 6 ,محرم 1421 العدد 10057



الهجرة ,, إلى الميلاد,,!؟
عبدالله بن عبدالعزيز ادريس

كان الشعراء هنا في المملكة، ولعلهم كذلك في العالم العربي والاسلامي، يحتفون خلال العقود الأربعة او الخمسة الماضية بدخول العام الهجري الجديد، ويحيونه بالسحب الهاطلة من قصائد الشعر ووابله الصيب,, حينما كانوا يقفون على شرفات الأعراف بين ماض مجيد، وحاضر هزيل، ومستقبل يدور في فلك مجهول,, لكن هذا المستقبل، ولا زال، يومض أحيانا باشعاعات تبشر بما بعدها من آمال عراض في تطور نهضوي عربي اسلامي يحقق لهذه الأمة في جملة ما يحققه وقفة العزة الشامخة الصلبة في وجوه أعدائها المتربصين بها من الصهاينة والمتصهينين الذين يسعون، ومنذ القدم الى اذلال وانهزام أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتحطيمها، وقهرها، وتمزيق أواصرها، وسلب خيراتها، وتحويلها من مستعمرات سابقا الى مستعبدات لاحقا.
***
كان الشعراء هنا يستوحون من عامهم الهجري الجديد فيضا من التفاؤل في تغيير ماهم عليه من جمود، وخمود، وركود، بقدر ما يعتقدون انه يسهم ولو الى حد ما في ايقاظ الأدمغة النائمة، والقلوب الواجمة,, من ليل طال أمده، وضاع رشده ولم يفض بهم الى صباح تتبلج أساريره بالمستقبل الأمثل، والأعز الأمكن.
كان الشعراء، كغيرهم من أصحاب الحساسيات الرهيفة، يتجرعون من واقع الأمة غصصا، تبكيهم أحيانا على واقع اليم فيه من الذلة والمهانة للأمة ما لله به علم.
كانوا يرسلون قصائدهم الاحترافية الى بوابة الجامعة العربية والى الشارع العربي المسكون بخلافات زعمائه وقادته,, ولكن تلك القصائد تعود الى أوكارها كالطيور المدجنة,,!
ولذلك السبب أصيب الشعراء في العقود الأخيرة بشيء كثير من الاحباط ,, فلم يعودوا يكتبون الشعر في الترحيب بالعام الهجري الجديد,, بل أصيبوا بما هو أشد وأنكى حيث انصرف الكثير من العرب والمسلمين الى الاحتفاء والاحتفال بالعام الميلادي عيد النصارى الذين اخذوا عهدا على أنفسهم، بالتعاون مع اليهود ألا يتركوا سبيلا يسلكه العرب والمسلمون بحثا عن العزة والكرامة والمنعة والتطور النهضوي الا سدوه أمامهم، أو وضعوا فيه من الألغام ما يكفي لتفجيرهم، واعاقتهم عن الوصول الى مبتغاهم.
لقد تحولت غالبية الدول العربية والاسلامية من اعتماد التاريخ الهجري الى التاريخ الميلادي,, حتى أصبح القليل النادر منهم من يعرف الشهور العربية الاسلامية الا عند مواسم العبادات كالصيام والحج.
فأين غيرة هؤلاء العرب الذين ينسب التاريخ الاسلامي الهجري اليهم، من غيرة بعض المسلمين من غير العرب,,؟ أين هم من المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان الذي نقلت عنه في مقالي المنشور هنا في آخر يوم من شعبان 1420ه قوله حينما سأله رئيس تحرير مجلة المعرفة : ماذا يعني لك عام 2000م ؟ أجاب بقوله أنا لم يعد لي علاقة أو احتفالية بالتاريخ الميلادي منذ ان دخلت في الاسلام,, والعام القادم بالنسبة لي هو عام 1421ه ,,؟!
شتان بين الموقفين ,, موقف من يعتز باسلامه,, وموقف من يعتز بجلاده,,! ولله في خلقه شؤون.
ان المسلمين اليوم يمثلون رقما كبيرا في عدد سكان الأرض من البشر بما يقارب 20% ولديهم امكانات هائلة معنوية ومادية ,, تؤهلهم لقيادة الأمم,, فيما لو التزموا دينهم الاسلامي وطبقوه في مجالات حياتهم العامة والخاصة, فهم الأمة الوسط أي العدل والخيار, وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا الآية 142 من سورة البقرة.
فهل هناك عزة ومكانة اكبر من عزة ومكانة الأمة الاسلامية,, التي جعلها الله شاهدة على جميع الأمم يوم القيامة بأن أنبياءهم بلغوهم رسالات الله اليهم,, من خلال ما قصه الله سبحانه في كتابه الكريم على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من مواقف الأمم السابقة مع الرسل والأنبياء ,, وتكذيبهم لهم, وشهادة الأمة الاسلامية تأتي يوم القيامة حينما يقول الكفار ما جاءنا من بشير ولا نذير .
ترى بماذا اسقبل العالم الاسلامي عامه الهجري الجديد,,؟ ماهي التغيرات السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والعسكرية التي خطط لها ودخل بها عامه الجديد؟ ماذا جد في اخماد ما تحت رماد الخلافات الحادة بين بعضها وبعضها الآخر,,؟
ماذا أعدت الأمة العربية والاسلامية لمجابهة الهجمة الاستعمارية الصليبية القديمة المتجددة,, التي تقودها احدى الدول الكبرى وحلفاؤها لتركيع العرب والمسلمين أمام جبروتها العلمي، والاقتصادي، والعسكري والثقافي الصليبي؟
ماذا عمل العرب والمسلمون لتوحيد موقفهم وكلمتهم تجاه ما تتظاهر به أمريكا من أنها وسيط محايد لاحلال السلام في الشرق العربي العربي نعم,, وان رغمت أنوف الأعداء في حين أنها الشريك اليهودي الأخطر على قضايا العرب الرئيسة في فلسطين والجولان، ولبنان وفي كل أرض داستها حوافر الصلبان,,؟
الى ان نجد جوابا شافيا على بعض هذه التساؤلات، ونحن ما زلنا في بداية العام الجديد,, ولا أظننا واجدين أعود بكم الى بداية المقال,, من حيث الاهتمام بميلاد السنة الهجرية,, من قبل الشعراء قبل عقود من السنين,.
وكمثال على ذلك سأورد عدة أبيات من قصيدة كتبتها في بداية سنتي الأولى الجامعية التي كانت تبدأ ببداية محرم من كل عام, وذلك عام 1373ه تحت عنوان تحية العام الهجري من ديوان في زورقي :

عام تبلج بالسنا الوقاد
فكسا الضياء عوالم الأمجاد
من تونس الخضراء ومن جاراتها
بله الجزيرة موطن الاساد
يا عام هل لك ان تبشر يعربا
بالنصر والاقبال والاسعاد
الذائدين عن الديار عداتها
والثائرين لدرء كل فساد
والطالبين لدينهم وبلادهم
حق السيادة رغم أنف العادي
يا عام حسبك ان تكون موحدا
لصفوفنا في صد كل معاد
يا عام حسبك أن تكون بلادنا
في عهدك الزاهي أعز بلاد
***

يا شرق فيك تبسم وتجهم
يا ليت شعري ما نصيب الضاد ؟
أترى بها الوعي الفتي قد احتسى
ريق الحياة وحل كل فؤاد
أم قد ترى ان الشعوب تتيه في
ليل الخمول وظلمة الأخلاد؟!
بله التساؤل فابتسامك فجرنا
نحن العروبة بعد طول رقاد
***

والغرب أنشب في العروبة ظفرة
أبدا يروم اثارة الأحقاد
ليس العجيب بأن نرى مستعمرا
حربا لكل فضيلة ورشاد
أو أنه يسعى بكل جهوده
ضد النهوض بأمة وبلاد
فالذئب لم يركض وما انتجع الفلا
طلب العلا,, لكنه للزاد
ان العجيب هو اندفاع زعانف
ظلت تناصر حكمه وتنادي
ما ساءها ما جره لبلادها
من محنة وكوارث وعواد
***

يا فتية العرب الكرام تزودوا
بالعلم، ان العلم أنفع زاد
أنتم لأمة يعرب آمالها
وعتادها من قبل كل عتاد
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

لقاءات

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved