أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 24th April,2000العدد:10070الطبعة الأولىالأثنين 19 ,محرم 1421

مقـالات

قراءة في كتاب
الملك فهد ومسيرة الإنجازات الحضارية في المملكة العربية السعودية
تأليف الدكتور ناصر إبراهيم الرشيد والدكتور إسبر إبراهيم شاهين
د, عبدالله الصالح العثيمين
الصلة بين النهضة الحضارية في المملكة العربية وقائدها الآن، خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، يعرف مداها كل مواطن من أبناء هذه البلاد وكل مواطنة من مواطناتها، كما يعرف كل متابع لتاريخها وأوضاعها من غير مواطنيها, فالانطلاقة التعليمية العظيمة المتمثلة في التوسع التعليمي وإنشاء أول جامعة وطنية حدثت عندما كان أول وزير للمعارف، وكثير من تطوير أنظمة وزارة الداخلية بما يمثله الأمن من أهمية لأي تقدم حضاري تم حين كان وزيراً لها ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء, وكان الساعد الأيمن لأخيه الملك خالد، رحمه الله ، عندما كان ولياً للعهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، والفاعل الأكبر، تخطيطاً وتنفيذاً، لكل إنجاز حضاري في عهد ذلك الملك, أما ما تم في عهده زاده الله توفيقاً ورعاية فأوضح من أن يقال شيء عنه.
والكتاب، الذي ألفه باللغة الانجليزية الدكتوران الرشيد وشاهين عن الملك فهد ومسيرة الإنجازات الحضارية في المملكة العربية السعودية، ترجمه إلى العربية الأستاذ أحمد شفيق الخطيب ترجمة جيدة، وصدر في أمريكا قبل سنوات، وإن لم توضع سنة الطباعة على غلافه.
والدكتور ناصر الرشيد نال الدكتوراه في الهندسة من جامعة تكساس عام 1400ه ثم عمل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أربع عشرة سنة, وهو من شخصيات المجتمع السعودي المرموقة المشهورة بإسهامها في أعمال الخير، زاده الله توفيقا, أما الدكتور إسبر شاهين فنال الدكتوراه في الفلسفة من جامعة تنيسي الأمريكية، وأصبح رئيس المعهد الدولي للتكنولوجيا في جوبلين, وقد جمعته الزمالة مدة مع الدكتور الرشيد في جامعة الملك فهد, وأراد الدكتوران الكريمان تسجيل المنجزات الحضارية التي شهدتها المملكة العربية السعودية كما قالا: إخلاصاً للتاريخ ولفائدة محبي الحقيقة والعدل أينما كانوا, فكان هذا الكتاب .
أما الكتاب المتحدث عنه، هنا، فيتكون من 439 صفحة ، مشتملة على مقدمة، وستة فصول، وملاحق, والحديث فيه عن جوهر ما ألف عنه، وهو إنجازات الملك فهد الحضارية، حديث قائم في معظمه على إحصاءات كافية، بحد ذاتها، لإعطاء صورة واضحة عن تلك الإنجازات, وهذا هو الجانب المهم في تأليفه, على أن الجانب الضعيف في الكتاب هو الحديث عن غير المقصود الأساسي من تأليفه، وبخاصة الفصل الأول الذي جعل خلفية تاريخية لموضوع الكتاب، والملحقب الذي عنوانه: خلاصة موجزة عن تاريخ العرب, ولذلك فإن هذه القراءة ستقتصر على تناول ذلك الفصل وهذا الملحق.
لقد اشتمل الفصل والملحق المشار إليهما على مسائل واضحة الخطأ، منها ما يأتي:
قيل ص19 :بلغت الامبراطورية العربية أوجها في عهد الخليفة هارون الرشيد,, وبسقوطها سنة 656ه رانت على التاريخ العربي حقبة ظلامية عانى فيها العالم العربي بخاصة من عنت الحكم العثماني الذي استمر حتى أوائل القرن العشرين .
والمراد بالامبراطورية العربية وقد تكرر هذا التعبير في مواضع عدة من الكتاب تلك الدولة الإسلامية التي انطلقت جيوشها من قاعدتها، المدينة المنورة، تنشر عقيدة التوحيد الخالص، وتبشر بالعدل والخير للبشرية في ظل الشريعة الغراء, ولقد نجحت وقادتها في بداية الأمر من العرب الذين اختار الله، سبحانه، نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم منهم في إدخال مناطق واسعة داخل الجزيرة العربية وخارجها تحت رايتها.
على أن أولئك القادة قاموا بما قاموا به من أعمال جليلة يحملون رسالة الإسلام، لاشعار قوم معينين من أتباعه, وكانت نهاية الدولة الفارسية، ونهاية حكم الامبراطورية البيزنطية في الشام وفلسطين ومصر، قد حدثتا في عهد عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم, وما أبعد عن الإنصاف أن يطلق اسم الامبراطورية العربية على دولة كان في حقبة من حقب تاريخها مثل ذلك الخليفة الراشد العظيم, ثم استمرت جهود الدولة الإسلامية، منطلقة من دمشق، لإدخال البلدان تحت لوائها حتى بلغت أقصى اتساع لها في عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك المتوفى سنة 96ه.
ولم يبلغ حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد المتوفى سنة 191ه، اتساعاً جغرافياً، أكثر مما بلغه حكم ذلك الخليفة الأموي.
ومع أن الحكم الإسلامي في الدولتين الأموية والعباسية كان حكماً أسرياً مختلفاً عن حكم الخلفاء الراشدين فإن وصف الدولة الإسلامية بالامبراطورية العربية، سواء أكان وصفاً لها في عهد هؤلاء الخلفاء الراشدين أم في عهدي الخلفاء الأمويين والعباسيين، وصف لا تؤيده الحقائق التاريخية.
أما الكلمات التي وصف بها العثمانيون في الكلام السابق من الكتاب فتوحي بنظرة خاصة كثيراً ما ظهرت في كتابات من لا يكنون وداً للدولة العثمانية، التي انتزعت القسطنطينة من أعداء المسلمين، ونشرت الإسلام في شرقي أوروبا، ودافعت عن شواطىء الجزيرة العربية، التي تضم الأماكن المقدسة للمسلمين، أمام اعتداءات البرتغاليين.
على أنه من المعروف، أيضاً أن العرب قد فقدوا مراكز الصدارة في كثير من جوانب قيادة الدولة الإسلامية في العهد العباسي قبل سنة 656 ه بأكثر من ثلاثة قرون وإن بقي الخليفة العربي رمزاً رسمياً, ومن المعروف، أيضاً ، أن العالم العربي لم يدخل تحت الحكم العثماني مهما كانت طبيعة ذلك الحكم إلا بعد سنة 656 ه بما يقرب من ثلاثة قرون.
قيل ص19 : رافق سقوط الامبراطورية العربية سنة 656ه فقدان المسلمين اندفاعهم وحماستهم لممارسة شعائر السلف الصالح,, حتى إن كثيراً من الممارسات الوثنية عادت إلى الظهور في المناطق الداخلية من الجزيرة العربية كجزء مكمل للشعائر الإسلامية الحنيفة .
والثابت تاريخياً أن حدوث البدع في الدين، ودخول الانحرافات إلى ممارسات بعض المسلمين في مجال العقيدة، قد حدثا قبل التاريخ المذكور 656ه بفترة طويلة, ولم تكن المناطق الداخلية من الجزيرة العربية مختلفة عن كثير من مناطق العالم الإسلامي من حيث وجود تلك البدع والانحرافات, بل ربما وجد في غيرها ما هو أسوأ منها, وقد ذكر في هذا الكتاب نفسه بعد الكلام السابق مباشرة ما يوحي بالتناقض, ذلك أنه قيل:ظل في نجدونجد أنسب من غيرها لوصف الأجزاء الداخلية من الجزيرة العربية مواطن تمارس فيها الشعائر الإسلامية الحنيفة وتعلم .
وضعت ص20 خريطة لقبائل جزيرة العرب وأقسامها السياسية قبل ظهور الإسلام, ومن الواضح أن مواقع بعض القبائل التي ذكرت، كبني أسد، غير صحيحة, لكن مما يلفت النظر أكثر من غيره أنه قد وضعت أسماء الفئات اليهودية الثلاث: بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، في المناطق الواقعة بين المدينة يثرب والبحر الأحمر، ولم تذكر قبيلتا الأوس والخزرج العربيتان, ولعل عدم ذكرهما حدث نسيانا.
قيل ص 21 :وقد حكم سعود بن محمد بن مقرن منطقة الدرعية 1132ه حتى وفاته عام 1139ه، وقد خلفه محمد بن سعود حتى وفاته عام 1179ه, وفي هذه الفترة اتخذ آل سعود لقب الإمامة .
والمصادر الأصلية، كابن بشر والفاخري، تذكر أن سعود بن محمد بن مقرن توفي عام 1137ه ، وأن الذي خلفه في الإمارة زيد بن مرخان, أما محمد بن سعود فلم يتول إمارة الدرعية إلا بعد سنتين من وفاة أبيه، وذلك بعد قتل محمد بن معمر لزيد بن مرخان عام 1139ه, أما القول بأن آل سعود اتخذوا في الفترة المذكورة لقب الإمامة فقول يحتاج إلى برهان وتدقيق, فقد مضت ثماني عشرة سنة من إمارة محمد بن سعود على الدرعية قبل المبايعة التي تمت بينه وبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وأول مصدر مهم لتاريخ دعوة الشيخ ودولة آل سعود، وهو كتاب ابن غنَّام، لم يذكر أن الأمير محمد بن سعود قد اتخذ لقب إمام.
قيل ص23 :في بداية دعوته لم تلق تعاليم الشيخ ابن عبدالوهاب قبولاً حسناً لدى بني قومه في العيينة، فغادرها مضطراً إلى الدرعية .
والصحيح أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لقيت قبولاً طيباً لدى أمير العيينة، عثمان بن معمر، وأتباعه, ودخلت مرحلة التطبيق العلمي في مجال العقيدة وهو هناك، إذ هُدمت القبة المقامة على قبر يعتقد البعض أنه قبر زيد بن الخطاب، رضي الله عنه، واجتثت أشجار كان يتوسل بها الجهال في المنطقة, لكن ذلك الأمير لم يستطع مخالفة أوامر زعيم بني خالد، حاكم الأحساء والقطيف، بإخراج الشيخ محمد من بلدته، أو القضاء عليه، فطلب من الشيخ الرحيل عن العيينة، ورحل الشيخ عنها إلى الدرعية.
وقيل في الصفحة نفسها:حين توفي الأمير محمد، سنة 1179ه، كانت الدعوة قد انتشرت,, حتى ان أولئك الذين طردوا الشيخ ابن عبدالوهاب من موطنه سرعان ما تحولوا إلى تعاليمه الإصلاحية الصافية .
وهذا القول خطأ, فأمير العيينة موطن الشيخ وأهلها كانوا متبعين لتلك التعاليم الإصلاحية قبل مغادرته لموطنه، وظلوا متبعين لها بعد تلك المغادرة, بل إن ذلك الأمير وجماعته وفدوا على الشيخ والأمير محمد بن سعود مبايعين سياسياً بعد استقرار الشيخ في الدرعية بشهور, وما حدث لابن معمر بعد ذلك كان عائداً إلى عامل سياسي، لا إلى عامل ديني.
قيل ص23 : تم الاستيلاءاستيلاء أنصار دعوة الشيخ محمد على مدينة كربلاء عام 1217ه .
وغزو سعود بن عبدالعزيز بمن معه من أتباع الدولة السعودية لكربلاء كان سنة 1216ه، لا سنة 1417ه.
والواقع أنه كان هجوماً خاطفاً، إذ دخل ذلك القائد ومن معه البلدة ساعات، ثم خرجوا منها مسرعين عائدين إلى بلادهم.
وكان سبب ذلك الغزو الخاطف قتل قبيلة الخزاعل، التي كانت تسكن قرب النجف، لأناس من أتباع الدولة السعودية، ورفض والي العراق أن يصل مع قادة هذه الدولة إلى حل سلمي ترضى عنه مقابل اعتداء تلك القبيلة, فكان ذلك الهجوم رداً على عدوان سابق، ولم يكن يهدف إلى استيلاء البلدة المذكورة.
قيل ص24 :ناشد باشا بغداد السلطات العثمانية المساعدة في سحقها أي الدعوة الإصلاحية ، لكن التماساته تجوهلت في بادىء الأمر لاستهانة العثمانيين بقوة الدعوى هكذا ومدى نفوذها, إلا أن فقدانهم المدينتين المقدستين، مكة والمدينة، غير الموقف .
وقد يفهم من الكلام السابق أن القادة العثمانيين لم يهتموا بأمر الدولة السعودية ، التي قامت على أساس دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وناصرتها، إلا بعد دخول الحرمين الشريفين تحت حكمها, وهذا غير صحيح, فقد أحسوا، بقوة تلك الدولة عندما وحدت نجداً، ثم ثبتت حكمها في الأحساء والقطيف، وهزمت قوات شريف مكة في معركة الجمانية سنة 1210ه.
ولهذا أمروا واليهم على بغداد أن يرسل حملة ضدها من العراق في نهاية السنة التالية, ولما فشلت هذه الحملة أرسل ذلك الوالي حملة أخرى، سنة 1213ه لكن مصير هذه الحملة لم يكن أحسن من مصير سابقتها, أما فقدان القادة العثمانيين لمكة والمدينة فقد ضاعف تحمسهم للقضاء على الدولة السعودية، إلا إنه لم يكن بداية عزمهم على محاربتها.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved