أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 5th May,2000العدد:10081الطبعةالاولـيالجمعة 1 ,صفر 1421

مقـالات

ممّ تتحرر المرأة؟!!
التحرير نقيض الرق والعبودية، وبذلك، فإن من يتبنون قضية تحرير المرأة يرونها أسيرة ورقيقة، في حاجة الى من يفك أسرها، ويعتق رقبتها من الرق, وتثير هذه القضية جملة تساؤلات إذا تعلق الأمر بالمرأة المسلمة، ومن ذلك: هل المرأة رقيقة في المجتمع المسلم؟ ولماذا التركيز على المرأة المسلمة اساساً حين تثار هذه القضية؟ وهل ستحقق المرأة المسلمة غايتها من التحرر كما يدعي انصار القضية او ماذا حققت حين انساقت وراء دعاوى التحرر والانعتاق؟ ان من الخطورة بمكان أن نغفل أثر دعاوى التحرر، وان نكتفي بالقول ان الاسلام اعطى المرأة حقوقها, لان الحملة المنظمة لاختراق المجتمع الاسلامي وتغيير بنيته القائمة على أساس العقيدة والدين لا تهدأ ابداً وتتخذ وسائل شتى تستحق الانتباه والتفنيد، ولن يجدي دفاع يكتب هنا او يبث هناك, لان الأمر جد خطير، لانه يتعلق بالاسرة التي هي نواة المجتمع وبالمرأة التي هي قوام هذه الاسرة ودعامتها الرئيسية بوصفها المربية الأولى في ظل انشغال الرجل ولهاثه خلف مطالب الحياة العصرية التي لا تترك غير وقت يسير للالتفات الى الشئون الدقيقة لأسرته, ومن ينظر الى توصيات مؤتمر السكان والتنمية الذي انعقد في الفترة من 5 12 سبتمبر 1994م ومؤتمر المرأة في بكين الذي انعقد في الفترة من 4 15 سبتمبر 1995م, يدرك ابعاد تلك الحملة المنظمة التي اصبحت ترتكز الى مقومات الهوة في فرض رؤية أحادية على جميع المجتمعات من غير اي احترام لقيمها ومبادئها, والعجب أن اولئك الذين يحاولون فرض رؤيتهم القاصرة هذه يتناسون ما تعانيه مجتمعاتهم من مشكلات الانحلال والفوضى الجنسية، حتى اصبحت الارقام والاحصاءات تجسد صورة مرعبة لتلك المجتمعات فهل هناك خطورة أكبر من أن يكون اكثر من 54% من المواليد في الولايات المتحدة الامريكية اطفالاً غير شرعيين، او أن تكون هناك امرأة تتعرض للاغتصاب كل ست دقائق.
وهل يعقل أن يكون الذين لا يستطيعون حل مشكلاتهم الاجتماعية قادرين على طرح رؤاهم حول مشكلات مجتمعات لا يعرفون عنها الا القشور، والأعجب أن ينساق وراء دعاوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل -على غرار ما هو حادث في المجتمع الغربي- من لا يعرفون حقيقة المجتمع الغربي الذي تشكو فيه المرأة من عدم مساواتها بالرجل بالرواتب, دعك من الامور الاخرى غير المنظورة حتى اصبحت المتاجرة بالرقيق الابيض امراً مشاعاً من خلال شبكات دولية أخطبوطية تعيد المرأة الى عصور الاضطهاد والتهميش والاحتكار، ومن يتتبع وضع المرأة في مختلف المجتمعات عبر العصور المختلفة يستطيع أن يقرر المفهوم الصحيح لتحرير المرأة, ومن غير هذا الاستقراء يكون الخوض في غمار هذه القضية، كمن يرمي بنفسه في اليم من غير ان يكون قادراً على السباحة.
والتاريخ يوضح لنا أن الهند عرفت قانوناً باسم قانون مانو كان ينظر الى المرأة على أنها رجس، بل كان يجب حرقها عند وفاة زوجها وفي ظل الحضارة اليونانية كانت المرأة تباع وتشترى في الاسواق، حتى أن افلاطون في جمهوريته رأى ضرورة أن تباح النساء بين الحكام ورجال الجيش حتى لا ينشأ صراع بينهم.
وأقر الرومان اعدام الرجل لزوجته إذا وجد منها اهمالا، بل حرمت من دخول المعابد لانها نجس لا تستحق دخول الجنة, وعانت المرأة في تلك الحضارات اصناف الذل والهوان, ومثل هذا الوضع الذي عانته المرأة في ظل حضارات الغرب يجعل الغربيين انفسهم يشعرون بعقدة الذنب, ويسقطون أخطاءهم على المجتمعات الاخرى التي لم تعرف مثل هذه المعاناة القاسية للمرأة, وان لم يخل الامر من معاناة في الجاهلية.
مما جعلهم يطلقون العنان لاعطاء المرأة الحرية المطلقة والتي تجاوزت طبيعتها وتنكرت لواجباتها ومسئولياتها, ان ليّ عنق الحقيقة في مثل هذه القضية المهمة التي ترتبط ببناء المجتمع المسلم يستحق الوقفة الصارمة التي تجلي الحقائق وتثبت الواقع بلا رتوش او تزيين ليمكن تلمس القضايا الحقيقية للمرأة التي تستحق ان توضع على بساط المناقشة والتحليل للوصول الى النتائج المحققة لتفعيل دورها في المجتمع بما يعود عليها وعلى المجتمع بالخير العميم, ومن الحقائق التي تصمد امام كل محاولة للتشويه أن الاسلام رفع من شأن المرأة وجعلها صنو الرجل وشريكة له فلا معيار بينهما للمفاضلة الا التقوى ولا أساس للعلاقة بينهما إلا المودة والرحمة، فيها يتحقق مقصد الشرع من حفظ النسل, والمرأة في الاسلام طرف كامل في عقد الزواج، ولها كامل حريتها في الاختيار وهي وارثة كما أن الرجل وارث وهي ذات رأي ومشورة حتى كنّ يشرن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الخلفاء الكرام من بعده، وهي تنافس الرجل في العبادة والعلم ومجالات الخير, وهي لها حق الاشتراك في الجهاد بنفسها ومالها كالرجل، الا ان الجهاد لا يجب عليها وجوبا وهي لأنها جوهرة غالية، وضعها الاسلام في حرز مصون وفي حصن امين لا خوفا منها فقد غرس الاسلام في نفسها الثقة والانفة ونشّأها على الهدى, اقول ليس خوفا منها كما في بعض الافكار في العالم ولكن خوفا عليها من ان تمتد اليها نظرات العابثين او اساءات المجرمين, وبذلك لا مجال للقول إن المرأة المسلمة في حاجة الى التحرر, أن الذين يدعون تبني قضية تحرير المرأة في مجتمعنا الإسلامي يستطيعون رؤية الحقيقة بوضوح إذا تحرروا من احكامهم المسبقة, وانفكوا من سيطرة الافكار الغربية, ومن العجب أن يقر بعض الغربيين المنصفين بما اعطاه الاسلام للمرأة المسلمة من حقوق كما صرح به الامير تشارلز في محاضرة له بعنوان الاسلام، والذي يعترف فيه بأن المرأة نالت حقوقها الواسعة في ظل الاسلام كحق التملك والارث وممارسة الاعمال التجارية الخاصة قبل اربعة عشر قرنا,
بل أن المرأة في الغرب تحمل اسم زوجها بينما تحتفظ المرأة المسلمة باسمها, وهذا ما جعل من أسلمن من النساء في الولايات المتحدة اربعة اضعاف ممن اسلم من الرجال ومثل هذا الواقع يعتبر كافيا ليلقم المتشدقين بتحرير المرأة حجراً بل احجاراً,,, وسيظل السؤال المشروع قائما ممّ تتحرر المرأة المسلمة؟!
د ,عناد العجرفي العتيبي

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved