أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 5th May,2000العدد:10081الطبعةالاولـيالجمعة 1 ,صفر 1421

الثقافية

الخطوة الأولى
تعتذرين!
*عادت ,, لتنكأ الجراح من جديد,.
عادت بعد عام من الغياب,, بعد أن كاد يصدق بأن تلك الذكريات البهية لن تعود، عاشق هو,, استلهم الوفاء والاخلاص لحبه,, متيم تتنازعه الهواجس والاماني بعد الفراق الحزين,, فلم يحتو مجيئها,, لم يقبله، ورغم ذلك عادت إليه تتوشح الخجل,, وتنهدات عاصفة اطلت من صوتها النادم,, قالت له:
إنني آسفة,, نظر إلى قلبه للحظة، ثم أومأ مستخفاً بما سمع,, ردد كلماتها بهمسة ساخرة,.
آسفة,,! قالت بهدوء وبساطة نعم ياحبيبي,, فقد جئتك اليوم لأعتذر ,,لم تكن كلماتها الهادئة سوى بداية لغضب أخذ يشعل بقايا صبره,, صاح بألم:
تعتذرين,, الآن!,, تعتذرين عن ماذا,, وعن ماذا,, اخبريني، إلى من تعتذرين؟
قالت مندهشة لانفعاله المفاجىء، اعتذر لك أنت بالطبع ياحبيبي، ومن غيرك يستحق اعتذاري؟!
أطلق زفرة جمعت كل خيوط الوجع, فجأة تكومت الذكريات في عينيه، قال بحزن:
أنا!,, تعتذرين لي أنا!,, ولمن فيّ بالتحديد، هل تعتذرين لعينيّ اللتين لم تعرفا الراحة ولا النوم منذ أن غبت عنهما,, عيناي اللتان سهرتا تترقبان حضورك وعودتك، تعتذرين لمن,, لقلبي المنفطر حزناً,, الذي ما كل وهو يسألني,, اين ذهبت,, لماذا ابتعدت,, وهل غضبت مني,, هل أسأت إليها، قلبي المجهد الذي بات يستجديني في كل وقت وحين,, ان ابحث عنك,,وافتش عن مكانك، إلى من تعتذرين ياسيدتي,, إلى شفتيّ,, اللتين لم تفترا عن ترديد اسمك حتى اصبحتا تناديانك جهراً,, فيرتطم نداؤهما بجدار الصمت وكأنهما تصرخان بواد سحيق لايعرف سوى اغتيال الاصوات، قولي لي,, إلى من تعتذرين,, إلى طيفك الذي زارني كثيراً وتعلم اختلاس النظر من وراء الستائر,, تعلم الإماءة خجلاً من خلف الابواب,, وبين اجفاني الهزيلة وهويترنح على حدقاتي وكأنه غيبوبة ابدية لن اصحو منها ابداً، اجل,, الى من تعتذرين,, لاذنيّ اللتين لم يعد يطربهما الاصوات والالحان بعد ان عشقتا صوتك ورقصتا ترنما لضحكاتك ,, بعد أن انهكتهما حمى فراقك,, فراحتا تتوسلانك كي تعودي، اتريدين أن تعتذري!,, إذن اعتذري لساقي اللتين تحفزتا للسير والعدو للقائك,, لخطواتي التي نفرت من كل السباقات,, الا سباق ملاقاتك,, خطواتي المتعبة من طول الدروب التي طرقتها بحثاً عنك,, سليها كم ذرعنا الطرقات والأمكنة بسببك,, سليها كيف كنا نلقي بركام قوانا على أقرب مقعد ثم نستجمع عزيمتنا الخائرة لنطوف الحجرة من جديد حتى يغادرنا الليل ويفاجئنا النهار بشروق لم نكن نرى فيه اي وهج أو وميض,, أتأتين بعد ذلك وتقولين إني آسفة,, أتأتين ببساطة لتعتذري,.
قالت توزع بصرها في كل زاوية حائرة:
اذا كان هذا يرضيك,, فإني اعتذر لكم جميعاً,.
صمت لبرهة ولم ينطق بكلمة,, فقالت تتأمله بخوف:
صدقني,, لقد اكتشفت أني لا اتخيل الحياة بدونك، وكل ما اطمع فيه هو فرصة اخرى,, لاثبت لك صدق حبي,, هنا,, قرر العقل والقلب والطيف والعينان والشفتان والاذنان والقدمان، عقد اجتماع عاجل ومغلق، وبعد اقل من دقيقة كانت بالنسبة لها تمثل عمراً بكامله، ظهرت النتيجة، فوقفوا جميعاً يستعدون لإلقاء كلمة واحدة,, وبصوت رجل واحد,, قال لها بحنان يتأملها مبتسماً: لقد سامحتك,.
عماد درويش
ننشر هذه المحاولة الاولى للصديق الجديد عماد درويش,, وهي محاولة جميلة كان بالامكان ان تتحول الى قصة مدهشة لو ان الصديق عماد ابتعد عن الحوار الوجداني المباشر الطويل الذي اضعف هذا النص واحاله الى مجرد خاطرة وجدانية,.
وعندما نقول انها محاولة جميلة فلأن الصديق عماد لديه استعداد فطري لكتابة القصة وبشكل مثير لو احسن كتابة القصة بشكلها الصحيح,, ومن خلال بعض السطور القليلة يظهر لنا انه استطاع ان يتقن فن القصة ولكنه بعد ذلك خانه الاسلوب عندما اغرق النص في حوار وجداني جميل,, ولكنه يجعل القصة اشبه برسالة استرحام موجهة من حبيب إلى حبيبته.
نتمى ان نرى في المحاولات القادمة للصديق عماد درويش تعمقا اكثر في كتابة القصة القصيرة.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved