أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th May,2000العدد:10091الطبعةالاولـيالأثنين 11 ,صفر 1421

مقـالات

قراءة في كتاب
الملك فهد ومسيرة الإنجازات الحضارية في المملكة العربية السعودية
تأليف الدكتور ناصر إبراهيم الرشيد والدكتور إسبر إبراهيم شاهين 4 - 4
د, عبدالله الصالح العثيمين
انتهت القراءة في الحلقة السابقة بنهاية الفصل الاول من الكتاب، الذي جعله المؤلفان الكريمان خلفية تاريخية لموضوع كتابهما, وستكون هذه الحلقة عن الملحق (ب) الذي جعلاه خلاصة موجزة عن تاريخ العرب.
قيل (ص361 363): عاش في شبه الجزيرة العربية فئتان من العرب: إحداهما بدو رحل في الغالب يجوبون الصحاري الشاسعة الممتدة بين نهر الفرات وأواسط شبه الجزيرة، والفئة الاخرى هم مستوطنو القسم الجنوبي الذي هو اليمن, وقد اطلق اسم العرب (أو الاعراب) غالبا على الفئة الاولى, وقبل ظهور الاسلام كان العرب هم بدو الجزيرة العربية.
ومن الواضح ما في الكلام السابق من تناقض, فأوله يجعل العرب فئتين:
فئة من البدو الرحل، وفئة يستوطنون اليمن, وآخر هذا الكلام يجعل العرب غالباً البدو الرحل فقط، وكأن مستوطني اليمن من غير العرب! ومن المعروف ان اسم العرب شامل لمن كانوا منهم في اليمن، ومن كانوا منهم في غيرها من مناطق الجزيرة العربية ولم تكن اليمن خالية حينذاك من البادية الرحل، كما لم يكن العرب قبل ظهور الاسلام هم بدو الجزيرة العربية فقط، بل كانوا الحاضرة والبادية على حد سواء، ونبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي ولد ونشأ في مكة، كان عربيا، وكان من مجتمع مستقر، لا من بادية رحل بل لم تكن هناك بلدان ومجتمعات عربية مستقرة في الحجاز وتهامة وعسير فحسب، وإنما كانت هناك بلدان ومجتمعات عربية مستقرة في نجد ايضا.
وقيل (ص362): إن البيئة الصحراوية التي عاش فيها البدوي فرضت نظما جعلت الاسرة او القبيلة مسؤولة عن تصرفات اي فرد منها، وكان العقاب صارماً وعاجلا: النفس بالنفس والسن بالسن والعين بالعين.
ومن المعلوم ان النفس بالنفس الخ حكم كتبه الله سبحانه وتعالى على بني اسرائيل في التوراة كما ورد في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
قيل (ص 370): ان المسلمين بعد مقتل الحسين بن علي، رضي الله عنه (توالت انقساماتهم الى فرق، ثم عُدِّدت هذه الفرق وعُرِّفت كل فرقة, والفرق التي اوردت هي: الاسماعيلية، والعلوية التي قيل عنها: (الانصارية او النصيرية) والزيدية، وطائفة علي إلهي، والبختية، والقرامطة والدروز والبهائية والصوفية.
لم يسمِّ احد الفرقة العلوية بالانصارية، بل كانت تسمى النصيرية فقط، وسواء عُدَّت بعض هذه الفرق من المسلمين أو لم تعد فان مما يستغرب عدم اشارة المؤلفين الى الغالبية من المسلمين، وهم السنة، والى فرقة اكبر من الفرق التي اشاروا اليها، وهم الإمامية الاثناعشرية!
قيل (ص 371): انتشرت دعوة القرامطة في ايران والعراق واليمن خلال العصور الوسطى,, وقد اندثرت هذه الطائفة حين قضى الامام يحيى حميد الدين على ما تبقى منهم في اليمن بعد توليه الملك.
من المعروف ان مركز القرامطة عند استفحال امرهم أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع من الهجرة كان في هجر الواقعة الآن في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية, وليس من الثابت تاريخيا وجود بقية لهم في اليمن زمن الامام يحيى,
وكانت هناك هجمات من الأئمة الزيديين في القطر الاخير على الموجودين هناك من الاسماعيلية.
قيل (ص 371): البهائية مذهب ديني أسسه ميرزا حسين علي، الملقب بهاء الله، في ايران كردة فعل ضد المادية والفساد, وتركز الدعوة على وحدة الاديان، ووحدة الانسانية ومحبة البشر بعضهم بعضاً, وقد لاقى اتباع البهاء اضطهادا وقتل منهم كثيرون.
وإظهار البهائية بالصورة التي أُظهرت بها هنا، قد يجعل القارىء الذي يجهل حقيقتها متعاطفا معها ومعجبا بها, فهي في نظر المؤلفين الكريمين ضد المادية والفساد، وهي تركز على وحدة الانسانية ومحبة البشر بعضهم لبعض، وأتباعها يلاقون اضطهادا ويُقتل منهم كثيرون!
والواقع ان المسلمين يكادون يجمعون على ان البهائية ليست من الاسلام في شيء وجدير بالذكر ان مركز هذه الطائفة الان في فلسطين المحتلة من قبل اليهود.
قيل (ص 371): يدور معتقد الصوفيين الاساسي في الاسلام حول اتحاد النفس البشرية بالذات الإلهية عن طريق الهدى الإلهي الكلي الوجود, فتمالك النفس والتأمل الباطني والصلاة ضرورية للسلوكية الصوفية, وهي كلها متوافقة مع السلوك البشري كما تقرره ارادة الله.
ومذهب السلف الصالح لهذه الامة واهل السنة والجماعة فيها لا يقر فلسفة اتحاد النفس البشرية بالذات الإلهية, ولا دليل على ان ما ذكر في الكلام السابق عن الصوفية من الامور التي تقررها ارادة الله, ثم ان الصوفية اقسام عدة, ولكل قسم آراؤه وممارساته, وكثير منها لا تؤمن بالمعتقد الذي ذكر في الكتاب، وهو المذهب المعروف بمذهب الحلول او الحلولية, على ان فئات من الصوفيين تعتقد اعتقادات او تمارس ممارسات تصل، احيانا، الى حد الشرك, ومن الصوفيين من اعمالهم ومعتقداتهم لا تصل الى هذا.
وضعت (ص 376) خريطة للامبراطورية العثمانية في القرن العاشر الهجري.
ومن الواضح ان تلك الخريطة بعيدة كل البعد عن الصحة، ذلك انها تشمل من بين ما تشمل ايران وكثيرا من المناطق الواقعة شمال شرقها، كما تشمل منطقتي ظفار وعمان وهذه المناطق لم تكن تحت الحكم العثماني.
قيل (ص 377): ينظر العرب اليوم الى فترة القرون الستة من الحكم العثماني كأسوأ وأظلم حقبة في تاريخهم .
ومن المعلوم ان الحكم العثماني لم يشمل مجمل اجزاء العالم العربي الا سنة 974ه، كما قال المؤلفان نفساهما (ص375), وكان أول تلك الاجزاء دخولا تحت ذلك الحكم بلاد الشام وفلسطين ومصر سنة 923ه, ومن المعلوم ان الحكم العثماني للبلاد العربية قد انتهى بهزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الاولى سنة 1337ه, ومعنى هذا ان البلاد العربية لم تكن تحت ذلك الحكم الا اربعة قرون لا ستة قرون, ثم ان الحقبة التي كان العرب خلالها تحت الحكم العثماني لم تكن بالتأكيد أسوأ حقبة في تاريخهم، اذ لم تكن أسوأ من تاريخهم في العصر الجاهلي، ولا عندما احتل الصليبيون بعض اقطارهم، ولا عندما استعمر بعض بلدانهم الاوروبيون؛ سواء في المشرق العربي او المغرب العربي, وهل احتلال اليهود الصهاينة فلسطين الان اقل سوءا بالنسبة للعرب من الحكم العثماني لهم؟
وما الوصف الذي ورد في الكلام السابق، للعثمانيين الا مثال يوضح موقفا عاما لبعض المتعصبين من غربيين وغيرهم، ومن المؤسف ان يوجد في الكتاب المتحدَّث عنه عبارات هنا وهناك مثل (الامبراطورية العثمانية كثيرا ما شجعت الخلافات بين المسلمين أتراكا وعربا، وأثارت الطوائف المسيحية واحدتها على الاخرى تطبيقا لسياسة (فرِّق تسد) التي كانت تنتهجها و(المشاعر القومية وقوى التحرر تغلبت عليها في النهاية بعد كفاح طويل واقسام من الجزيرة العربية كانت ترزح تحت الحكم التركي، (ص 377) وكانت سياسة السلطان العثماني تعتمد مبدأ (فرق تسد) يحرض المسلم ضد المسيحي والسني ضد الشيعي ويثير الاكراد على الأرمن,, (ص375).
ومقابل هذا الموقف تجاه تلك القوة الاسلامية يجد القارىء موقفا مغايرا تجاه الصليبيين والاستعمار الاوروبي والاحتلال الصهيوني لفلسطين, فالصليبيون قيل عنهم (ص 374): في العشرين من ذي القعدة سنة 488ه القى البابا اريان الثاني موعظة في كلير مونت في الجنوب الشرقي من فرنسا دعا فيها المؤمنين بالمسيح الى (دخول الطريق نحو القبر المقدس وتخليصه من الاشرار), وفي ربيع سنة 490ه لبى الدعوة قرابة 150 الف رجل من الفرنجة والرومان وتجمعوا في القسطنطينية, وفي ظل الاوضاع الاقتصادية الكاسدة والظروف الاجتماعية السيئة السائدة في فرنسا واللورين وايطاليا وصقلية فان عمل الصليب كان في جوهره خلاصا وفرجا اكثر من تضحية, وبعد رحيل الصليبيين تعرض العرب لهجوم المغول.
والمتأمل في الكلام السابق لا يجد فيه اي اشارة الى عدوان صليبي، ولا على مذابح صليبية للأبرياء المسلمين في القدس وغيرها اما بالنسبة للاستعمار الاوروبي لبعض البلدان العربية في العصر الحديث فان القارىء لا يجد اي ذكر لفضائحه، خصوصا في الجزائر وبقية المغرب العربي ولا اي اشارة لتآمره وتهيئته فلسطين للاحتلال اليهودي .
بل ماذا عن فضائح اليهود الصهاينة في فلسطين؟ ان ما ورد عن فلسطين في الكتاب هو القول (ص 378): وكان تجاهل الغرب للقضية الفلسطينية ومعضلة اللاجئين الفلسطينيين احد الأمور الشائكة الاكثر جدة في الشؤون العربية فيما يختص بالأسرة الدولية, ان السلام العالمي يستدعي بإلحاح إيجاد حل عادل ودائم لهذه المشكلة التي هي في صميم كافة النزاعات في الشرق الاوسط.
ان الغرب، بصفة عامة، لم يتجاهل القضية فقط، بل استمر واقفاً مع المعتدين الصهاينة على ارض فلسطين، تمويلاً وتسليحا، ودعما معنويا,
اما المعتدون على فلسطين فينزوي القلم في هذا الملحق من الكتاب خجلا عن مجرد ذكر اسمهم، وهو القلم الشجاع في ذكر الكثير عن مساوىء الدولة العثمانية وذمها بالحق وبالباطل, ولا يجد كاتب هذه السطور عند الانتهاء من هذه القراءة الا التمني بأن هذا الملحق لم يوجد في الكتاب.
والله ولي التوفيق,,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved