أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th May,2000العدد:10091الطبعةالاولـيالأثنين 11 ,صفر 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
كلما أردت الكتابة,,,!
فوزية الجارالله
ثمة قضايا كثيرة تحتل ذاكرتي وتشغل ذهني، لكنني كلما أردت الكتابة وجدت صورة عبدالعزيز تشرق أمام عيني وتقف بيني وبين الكلمات,.
كلما أردت الكتابة تذكرت كلمات قرأتها له أو كلمات كُتبت عنه أو حوله,.
كلما أردت الكتابة شعرت بألم عميق طفيف يتسرب إلى أوردتي,, وتجتاحني رعشة برد طارئة يتوقف خلالها كل ما بي صمتاً وحزناً,,! كلما أردت الكتابة تذكرت ذلك الخبر المفاجئ مطلع الأسبوع الماضي الذي يقول: مات عبدالعزيز مشري ,.
لن يكتب بعد اليوم,, لن نفرح بمقالة أو قصة أو رواية يتحفنا بها,, صمت ذلك الصوت الجميل الذي كان يملأ سماءنا الأدبية بصوته المميز بين الفينة والأخرى.
يقول في إحدى قصصه من مجموعته الزهور تبحث عن آنية :
عندما أنسج علاقة عابرة في الدهليز مع مريض جديد، أرفرف فرحاً بانتصار الخارج على انهزامات الداخل، أجيب أسئلة الليل بأن الحرية التي يُحرم منها المريض في غرف المستشفى لا يعني ذلك أنها مقتولة في كل مكان، وأن الإنسان جميل بها,, حي، نافذ، قوي، متألق فأفرح,, وأستيقن أن علاج ضائقة أي سجن، هي حرية تكسيره، والنفاذ من قضبانه,,
كان دائما يقاوم الألم بالكتابة، ويخرج من جحيم المرض الى نعيم الكلمات ويؤكد بذلك قدرة الانسان على التحرر من سجن الألم إلى فضاء الكتابة راحلاً أبداً بلا حدود,.
لم أعرف عبدالعزيز شخصياً، لكنني أعرفه جيداً من خلال الإبحار في عباراته وكلماته التي يقدمها من خلال رواياته وقصصه القصيرة ومقالاته,, ولذا فثمة علاقة حميمة تربطني به كاتباً,, أعرف أي ألم يعاني وأي عذاب جسدي يعيش وأدرك أنه يلوذ بالكتابة هرباً من شراسة الألم وقسوة الحياة,,!
جميعنا نكره الفراق ونقاوم الغياب بالأمل بلقاء قريب,, ولذا فقد اجتاحني شعور قوي بأن رجلا مثل عبدالعزيز لا يغيب ولن يغيب، بل سيبقى في الذاكرة دائماً عبر ما نقرأ له من كلمات شبيهة بتلك الكلمات التي أوردها في إحدى قصصه:
في الممر الطويل,, كان هناك جرس الهاتف يرن ويرن ويرن، لم ترفع سماعته يد، أما الممرضات فكن في صخب لغة غير مفهومة على الإطلاق وكنت أترك ثقلي على ظهري المنكسر و,,, أغفو .
رحم الله عبدالعزيز رحمة واسعة وألهمنا جميعاً وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved