أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st May,2000العدد:10097الطبعةالاولـيالأحد 17 ,صفر 1421

الاقتصادية

رجل الأعمال الشيخ عبدالجليل بترجي صاحب مستشفى السعودي الألماني بجدة في حديثه للجزيرة
تسمم ابن أخي دفعني لتجارة الأدوية
* جدة حوار: علي سعيد العمري
الإنسان بكل مقوماته ثروة لا تنضب أبدا بل تنمو وتنمو معها كل الثروات الاخرى والإنسان بعطاءاته الخيرة ومواصلته للتطور الشامل في كافة المجالات يساهم بشكل فعال في دفع مسيرة التنمية الشاملة في وطنه وطن العز والشموخ والشيخ/ عبدالجليل إبراهيم حسن بترجي كغيره من المستثمرين الغيورين على هذا الوطن لم يكن اختياره عشوائيا في كافة استثماراته ومجالاته بل كان اختياره دقيقا وعن دراية وفطنة ووعي وإدراك لأهمية هذا المجال وحاجة الوطن وأبنائه لهذا المجال من الاختيار فقد اتخذ منهجا سليما وواضحا وثابتا في مساهماته البناءة في مجال الأدوية الطبية والخدمات العلاجية وتقديم كافة الوسائل الحديثة
** ولد في 1922م وبدأ حياته كأي فرد في هذا الوطن يواصل دراسته بكافة مراحلها الدراسية الى ان تخرج من ثانوية الفلاح.
وعند ما سألناه عن عائلة البترجي.
قال مؤسس عائلة البترجي والدي الشيخ/ ابراهيم حسن البترجي الذي يشتهر بالطيبة وكرم الأخلاق وعفة النفس.
** حدثنا عن والدك الشيخ ابراهيم البترجي.
ابراهيم بترجي توفي والده وهو في بطن أمه ورباه خاله الذي كان يعمل بمهنة نجار وتعلم القراءة والكتابة وكان من ضمن الشيوخ آنذاك الشيخ/ محمد سرور صبان والشيخ/ عمر عبدالبديع والشيخ/ زهدي عبدالبديع رحمهم الله, وبعد ذلك وفي ظروف معيشية صعبه تزوج والدي وأنجب أخي الأكبر علي ثم عبدالرؤوف ثم أنا وللظروف الصعبة أرسلنا والدي الى السودان وكان الحال صعبا جداً وظروف المعيشة صعبة وكان برفقتنا كاتب والدي حيث كان عمري حينها ستة شهور وأنا لا أذكر ولكنها رواية والدي,, وصلنا إلى مدينة ساحلية ليس بها سوى خيام واستطعنا مقارمة الحياة بها وبعد أن استطاع والدي تحسين الأوضاع نوعاً ما وبعد أن استتب الأمن في مدينة جدة بالحكم السعودي قرر والدي إعادتنا الى السعودية فعندما فكر في السفر حمله أهل الأمانات لأهلهم في تلك المنطقة وكانت جميعها نقودا, علما أن وقتها لا توجد بواخر ولا سفن إلا عن طريق البر حيث كان السفر بالجمال فبدأ رحلته وعند دخولهم الى أسمرة كان اللصوص يترقبونهم فلجأ الى عجوز بتلك المنطقة وكان بيتها في مأمن من هؤلاء اللصوص فشرح لها وضعه فقالت له أنت في أمان حتى موعد الباخرة التي تقلك الى السودان وعند وصوله الى السودان سلم الأمانات الى أهلها واستطاع أن يأخذنا معه الى جدة في حارة الشام التي كنا نسكن بها, حيث كنا نسكن بمنزل شعبي لا يقينا من المطر والاوضاع كانت متردية ولكن كنا أحسن من غيرنا.
وكان والدي يتاجر بالقماش حيث إنه يأخذه بالدين عن طريق جارنا الذي كان يتعامل مع مكتب الحاج عبدالله علي رضا حيث كان يوجد له مكتب في الهند ويتم تسعير القماش بالجنيهات الذهب, فكان والدي يأخذ القماش بالدين ويبيع ويسدد بعد ذلك.
** ومن أحد المواقف التي مرت على والدي.
كان هناك جار لنا اسمه باجبير حيث كان يملك عمارتين وكان رجل خير ووضعه المادي ممتازوكان منزله مفتوحا لكل من زاره ومن يزوره لا يخرج من عنده إلا وهو راض, ففى يوم من الأيام مع الصباح كان والدي خارجا من بيته نادى على والدي حيث كان يعرف أن والدي صاحب نفس عزيزة وعفيفة جداً فقال له أريد أن ابيعك هذا البيت فضحك والدي وقال لكنك تعرف أنني لا استطيع دفع قيمته, فقال الشيخ باجبير مشهداً من حوله اشهدوا أني بعت هذا البيت بعشرة جنيهات من الذهب لإبراهيم بترجي على أن يسدد الميسور معه, فلم يصدق والدي ما حدث فذهب والدي في اليوم الثاني وباع بالة القماش التي معه بأربع جنيهات ذهب وسلمها للرجل وأحضر كاتب عدل ونقل البيت باسمه على أن يسدد الباقي بالميسور يربطه في تسديدها كلمة شرف, حيث استطاع والدي تسديد الدين وبعد تلك الأيام جاءت السفارة الأمريكية تريد أن تستأجر البيت ولكن بمواصفات خاصة وبمعدل 200 جنيه ذهب في السنة فكان السعر مغريا فأخذ من السفارة ايجار مقدم ثلاث سنوات واستطاع والدي أن يعدل البيت حسب المواصفات وخلال الفترة المحددة تسعين يوماً ضغط على نفسه وأجهدها ومن المواقف التي حصلت في ذلك العمل أن سقط أحد العمال من الدور الثالث علماً أن الأسياخ تغطي الموقع ولكن قدرة الله شاءت أن يتعلق هذا العامل بثوبه في أحد الأسياخ الجانبية ونجا بلطف الله من الموت.
بعد ذلك أخرجنا والدي من هذا البيت واستأجر لنا بيت العماري بمبلغ غال جداً بخمسين ريالاً في الشهر, حتى استطاع عمل البيت الثاني ونقلنا اليه.
وعندما سألناه عن مشوار حياته التجارية.
قال في أثناء دراستي كنت أعمل في مجال تجارة الأقمشة مع الشيخ/ عمر البديع اليافي وكان ذلك عام 1935 وبخاصة في أيام العطل الصيفية وتعلمت منه الكثير وبخاصة في معاملة الزبائن, مما جعلني محط انبهار ودهشة رغم حداثة سني, حتى إنني صادفت تاجرا ألمانيا وتشاركت معه بالعمل بنسبة 50% وقد كان يعمل في أدوات الزينة والتجميل الخاصة بالمرأة والرجل وبخاصة الماركات العالمية المشهورة.
ومن ثم عملت مكتب كومسيون وكانت عمولته حوالي 500 جنيه ومن ضمن العملاء كاظم يغمور ومكتب شكري ودولي وأحمد كعكي وقد كنت أقوم بتوريد تلك الأنواع من العطورات مثل (ريفي دور وغيره) ومن خلال تعاملي تعلمت اللغة الألمانية والإنجليزية.
* وعن سبب تحولك الى تجارة الأدوية؟
أجاب إن هناك سببا لهذا التحول وهو أن أخي كان لديه ابن يدعى عبدالعزيز أصابه تسمم من الحليب مما أدى به الى الجفاف فوصف له (ماء غريب) فلم نجد في مدينه جدة في حينها ماء غريب مما دعانا إلى التوصية بجلبه من مصر حتى استطعنا علاج عبدالعزيز وهو بصحة الآن ولديه أبناء.
وذلك جعلني أفكر أنا ووالدي وإخواني في تجارة الأدوية.
فأستأجرنا دكانا في شارع الأمير فيصل (رحمه الله) واستطعت استخراج التصريح من وزارة الصحة وكان بجواري الصيدلية السورية التي هي (تمر) الآن وكان صاحبها الشيخ/محمد سعيد تمر حيث كان رجلاً طيباً وأميناً علمني الكثير, وكانت أول طلبية للصيدلية هي أربعة صناديق دواء مقويات وبعد ذلك أخذت من والدي عشرين جنيهاً واستطعت أن أواصل وكنت ابيع في اليوم برُبع ريال, علماً أن جاري كان بعد المغرب يعد الريالات أمامي وكان ذلك يحز في نفسي ولكن لم أيأس, (كان جاري يشد الريالات أمامي ويغريني) والذي كان سبب توفيقي أنني كانت أخدم محتاجي الدواء لوجه الله حتى لو بأوقات متأخرة من الليل وبعد ذلك استطعت الحصول على وكالات لعدة شركات أجنبية للحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالصيدلية منها شركة بارك ديفيز البريطانية وشركة ساندرس للمضادات من سويسرا حتى توسعت استثماراتي وحصلت على وكالة لشركة باير أبجون ميدى وغيرها من الشركات العالمية حتى أصبحت لدي وكالات ل 19 شركة عالمية ووصلت مبيعات الدكان الى 5000 ريال.
واكتسبت خبرة لا بأس بها وبخاصة من الطبيب/خالد إدريس يرحمه الله وغيره من الأطباء مما زادني قوة واستطعت فتح فروع جديدة في الرياض والخبر ومكة والمدينة المنورة.
وبعد ذلك فتحت مكتب مقاولات في شارع خالد بن الوليد وعملت في تجارة الأراضي والعقارات وبعد تخرج ابني د, خالد بترجي قمت بإنشاء مستشفى السعودي الألماني.
رؤيا في المنام حتى
أبنائي لا يعرفونها
عندما سألناه عند توقعه لنفسه هذا النجاح قال رأيت في منامي رؤيا قوت عزيمتي، وأبنائي إلى الان لا يعرفونها, وهي (رأيت أنني أثناء خروجي مع أخواني رأيت أمامي صخورا في طريقي حتى انتهت ومن ثم رأيت أن الأرض انبسطت لي) فعندما سألت رجلا صاحب تقوى ودين قال لي اصبر يا عبدالجليل فاستبشرت بالخير والحمد لله.
علماً أن هذه الرؤيا حتى الآن لم أقلها حتى لأبنائي.
** أما عن حياته الشخصية فقال.
واصلت دراستي حتى تخرجت من ثانوية الفلاح وكان مديرها آنذاك السيد/ أحمد مطر ووكيلها/ عمر حنفي وكان من ضمن زملائي سليمان باناجه وحسين الصافي, ومن ضمن المدرسين الشيخ/ إسماعيل أبو داود والشيخ عمر عبدربه ومحمد السعداوي.
** وعن زواجه قال: كنا ثلاثة اخوان متقاربين في السن وكان والدي من حكمته أن نتزوج ثلاث أخوات أبناء رجل واحد وذلك لقوة الترابط بيننا ولاختصار المصاريف حيث كنت انا وعبدالرؤوف وحسن, فوجد والدي ثلاث بنات عند الشيخ/ محمد صالح ولكن كان الشيخ/ محمد مترددا لأن رئيسه في العمل قد خطب البنت الصغيرة لابنه التي من المفروض أن تكون لي مما أدى بوالدي الى تزويج أخويّ والبحث لي عن عروس أخرى وكان هناك جارلنا اسمه الشيخ/ محيي الدين ناظر وكان هذا الرجل سمحا وطيبا بدرجة كبيرة جداً فزوجني ابنته بمهر ثمانين جنيهاً من الذهب وكان عمري وقتها 14 سنة والعروس 12 سنة.
ولكن عند الزواج أهل العروسة رجعوا لي المهر عن طريق الدبش حيث كانت العادة في ذلك الوقت أن أهل العروسه يتفاخرون بالدبش (العفش الذي مع العروسة) فكانوا يحضرون العربيات (الكرو) من 40 عربية ويلفون فيها البلد بالحمير والبغال حتى يصلوا بيت العريس حيث يكون العريس قد جهز وجبة الغداء لأهل العروسة.
ومن ضمن الدبش في زواجي بترينة مازلت احتفظ بها إلى الآن لأنها غالية في نفسي وفي ثمنها وفخمة جداً لم أر مثلها إلى الآن.
** واستكمل حديثه: ورزقت بعبدالمجيد من أول سنة وعادل وصبحي وخالد ووليد, بعد ذلك ولي من الإخوة علي وعبدالرؤوف وحسن وعبدالحميد ومحمد وثلاث أخوات وكان أخي علي رابع أربعة يتكلمون الإنجليزية في جدة في تلك الأيام مما ساعد والدي في تجارته ونحن الآن رغم هذا نعلم أبناءنا الشدة على أساس متين ومن ذلك أن حفيدي مصروفه في الأسبوع 5 دولارات حيث يتلقى تعليمه في كندا في مدرسة عسكرية حتى يتعلم كل الصفات التي نحب أن ينشأ بها, من مقاومة الحياة وغيرها.
الاستقامة والمحافظة على صلاة الفجر جماعة سر تماسك عائلة البترجي
* عندما سألناه عن تماسك عائلة البترجي أجاب بكل قوة: الاستقامة والمحافظة على صلاة الفجر جماعة وجميع الصلوات حيث إن والدي كان يحثنا على الصلاة وربى ذلك فينا, والدليل أننا كنا نسكن حارة الشام وكان هناك زاوية نصلي فيها وكانت منهارة فحث والدي الجيران فعمروها وما زالت الى الآن تقام فيها الصلاة.
** أما عن عائلة البترجي فإننا أكثر من 25 سنة نعمل دورية آخر ربوع في الشهر حيث يبلغ الذكور في عائلة البترجي ما يقارب 70 رجلا في الوقت الراهن ونتدارس أحوال بعضنا ونشد على أيدينا بالخير حيث يوجد صندوق لعائلة البترجي يساهم فيه الجميع وعميد الأسرة الآن هو أخي الشيخ/عبدالرؤوف بترجي.
فنحل المشاكل إذا وجدت ونقارب الأسرة من بعضها.
وعمادنا دائماً الاستقامة والابتعاد عن الربا.
** ومن المواقف النبيلة للشيخ عبدالجليل يحكي أنه في يوم كان عائداً من عمله وهو مرهق جداً فاستقبله حارس المنزل بطلب لم يكن في وقته ورددت عليه بقوة لم أعوده عليها علماً أنه رجل في سن كبيرة ويعمل معي منذ زمن طويل وعندما ارتحت في غرفتي تذكرت أنني أخطأت في حقه فرجعت إليه واعتذرت له وقبلت رأسه, وذلك لأنني دائماً وأبداً أعرف أن مصيرنا في ذلك القبر وسوف نحاسب على أعمالنا ولا يوجد فرق بيني وبين الحارس أو السائق أو غيره إلا بالتقوى.
** الأستاذ الشيخ عبدالجليل بترجي حكمته في هذه الحياة مخافة الله في كل الأحوال ثم الإخلاص في العمل وهو من أسرة البترجي التي تعتبر من الأسر التجارية العريقة في مجال التجارة في مدينة جده خصوصاً والمنطقة الغربية عامة وقد ساهم مساهمة فعالة في النهضة الاقتصادية والتجارية في المنطقة الغربية حيث قام بعمل صروح عريقة ببنائه مستشفى متخصصة باسم المستشفى السعودي الألماني الذي يساهم في تخفيف المعاناة عن المرضى والمصابين.
* كلمة أخيرة للشيخ عبدالجليل
أتمنى من الله أن أموت بحسن الخاتمة على الشهادة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved