أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 21st May,2000العدد:10097الطبعةالاولـيالأحد 17 ,صفر 1421

محليــات

لما هو آتٍ
اللغة العربية: مشروع التزام (2)
د, خيرية إبراهيم السقاف
ولأن اللغة العربية تنتهك حرماتها بين أبنائها، وتختبىء في ألسنتهم خلف سواها،
ولأن أبناء العربية تضيع بينهم، وتُفقد نخوة التحصين لها، لشعورهم بأن الحديث بها لايرقى بهم إلى مراتب التحضر فإن هذا الزيف قد حجب عنهم الرؤية الصحيحة والسليمة,.
فالأمم لا ترقى في منأى عن دعائمها، ودعامة الأمة العربية والعربية المسلمة على وجه الخصوص لغتها, ولئن أُشيع بأنها لا تواكب تطورات العصر، ولا تقوم بأداء التعبير اللازم عن منجزات الحضارة، وتعجز عن الإبلاغ، وغير قابلة للتطوير والاختصار، ولا ترفُد بالمستجد من العبارات، ولا تبلغ دلالات الحاجات العلمية والتِقانيَّة الحديثة، فإن كل ذلك لا دليل له من واقع هذه اللغة الباقية الأصيلة الثرية القاموسية القابلة للعطاء بكل أشكال وأنماط أدائها، والقادرة على الإمداد بحروفها الثمانية والعشرين في أي مجال علمي أو فكري أو تِقاني أو سواها,,.
هي تحتاج فقط لأن تُعزَّز بين أبنائها,, بالثقة فيها تلك الثقة التي عمل بدءاً المستعمر بكل صفاته وأنماطه وأدواره وهيئاته على أن يذوِّب الإحساس بها والشعور في حمايتها والرغبة في الحفاظ عليها بين أبنائها,, واستطاع في النهاية أن يصل إلى غايته عن طريق انتشار منجزاته وأفكاره التي بهرت أبناء هذه الأمة وأيَّدت لديهم الإحساس بالدونية,, فطفقوا يتخلصون من مظاهرها جهلاً فكانت لغتهم الصيد الضحية.
وهي تحتاج إلى أن يتعلمها أبناؤها قبل سواهم منذ نعومة نشأتهم ونموهم كي تستقيم على ألسنتهم سليمة قوية بكل فصاحتها وبلاغتها وجمالها وقوتها ووقعها وتأثيرها، وتسلم بينهم من اللَّحن والتفكك والركاكة,,, وتكون لغة خطابهم الشفاهي والكتابي في كل أمورهم اليومية والعلمية والتعاملية المتبادلة، في محافلهم الرسمية والعامة ولايرضون بديلاً لها,.
وهي تحتاج إلى أن تُرفض أية لغة سواها عند التعامل مع أي جهة أو أفراد من خارج نطاق انتمائها,, فكما لابد أن يتقن العربي لغة سواه كي يتفاهم معه، على العربي بكل تأريخه ومكانته وإيمانه بما فضَّله الله تعالى على كافة الأمم فجعله من خير أمة أخرجت للناس أن يتقن الآخر لغة الضاد عند حاجة هذا الآخر للتعامل التبادلي بكل أنواعه ومستوياته مع العربي,, وفي ذلك ما يمنحها حقها ويساعد على انتشارها، ولقد كانت عدة من عدد نشر الدعوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهي تحتاج إلى تعزيز وتحفيز عن طريق إعادة صياغات كثيرة أولها: تنمية روح الولاء للأمة العربية بين أبنائها وجعل هذا الهدف محور وركيزة التعليم الأساس وليس فقط هدفاً مسجلاً ومُدرجاً فوق الورق يتصدر السياسات التعليمية، وأهداف المؤسسات التعليمية.
بل تلتزم المؤسسات كافة في المجتمعات العربية تعليمية كانت أو سواها بمتابعة هذا الهدف والتأكد من أن كافة المخرَجات عن أية مؤسسة علمية وتعليمية وفكرية وفنية وثقافية وإعلامية وصحية، وتطوعية، ومجتمعية تؤدي إلى محصِّلات تؤكد تنفيذ هذا الهدف وانعكاس هذه النتيجة على أداء الأفراد وتفاعلهم.
وثانيها: ربط الولاء الأممي بالدين واللغة، فيتم التركيز على تعليم اللغة العربية منذ الصغر عن تعليم القرآن والحديث، والفقه بأنواعه والتوحيد تعليماً لايعتمد على الحفظ والتلقين اللذين ينتهي أثرهما بانتهاء اللحظة، ولا يعلُق منه إلا النزر الذي تتمسك به الذاكرة، وإنما تعليمَ تعودٍ وممارسة وفهم واقتناع وتمثُّل وأداء وتعامل,.
ثالثاً: العناية بوسائل الإعلام عناية تركيز وضبط والإشراف على أن تواكب في كل عطاءاتها روح العصر وأساليبه التنفيذية المتطورة وذات القدرة على الجذب والمتابعة مع مضامين لا تخرج عن أهداف الأمة العربية المسلمة بقيمها وأفكارها وطموحها ووعيها ورغبتها في أن تسود العالم بناء وعمارة وتقدماً,, مع توطين النفوس على تقبل أية صعوبات تواجه هذا الهدف ذلك لأن الأمة المسلمة دوماً في مواجهة للتصدي من قبل محاربي الدين الإسلامي وقد قال تعالى: أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايُفتنون (العنكبوت2),,,.
رابعاً: العناية بتربية سلوك المعلمين ورجال الحسبة وكل من هو في موضع المسؤولية وإحسان اختيارهم من ذوي السمات الهادئة والحكمة ورجاحة العقل والقدرة على احتواء المواقف في أناة وصبر، مع علم غزير، ووعي بليغ، وفهم كل منهم لدوره فلا يأخذ الآخر في عنف، ولا يُنفِّر في سفاهة، ولا يُحقِّر من شأن أحد، ولا يُحرج في موقف، يجيء على نفسه، في سبيل إتمام مشروع إعادة الثقة في نفس الفرد المسلم بتعزيز إحساسه للانتماء إلى هذا الدين وإلى هذه الأمة وإلى لغة هذه الأمة, إن بناء النماذج القدوة وجعلها في المواجهة، وإسناد أمور التعليم والتوجيه والإعلام والفكر إليها من الأمور التي تساعد على الالتزام بنجاح مشاريع التصويب لمسار الإنسان في أمته وبين قومه ومن ثم التزامه بكل مايعززه فرداً في جماعة,.
لا تضيع فيها قيمها، ولا تخدش فيها دعائمها وأولها لغته,.
ولعل هذا يقودنا إلى اللغة العربية: مشروع التزام للحديث عنه.
يتبع يوم الثلاثاء

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved