أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st June,2000العدد:10108الطبعةالاولـيالخميس 28 ,صفر 1421

الثقافية

سرديات
القصة القصيرة في الجزيرة العربية (5)
د, عبدالعزيز السبيل
حين نعود الى مرحلة السبعينات في الجزيرة العربية ونؤكد انها تمثل مرحلة تحول في مسيرة القصة القصيرة في معظم اجزاء المنطقة، فانه من الملاحظ انها في اجزاء اخرى تمثل مرحلة البدء, ومن ذلك تجربة القصة القصيرة في دولة الامارات العربية المتحدة, ولعل الثقافة بشكل عام اخذت بعدا اكثر تنظيما بعد توحيد الامارات سنة 1971,ودون الدخول في مرحلة البدايات بشكل مفصل، فإن المتابع لمسيرة القصة القصيرة في الامارات تستوقفه مجموعة (الخشبة) لعبدالله صقر احمد (1975).
وقد تم تغييب هذه المجموعة لربع قرن تقريباً، واذا كانت بعض الكتابات تشير الى ان ذلك قد حدث لسبب سياسي، فان القارىء لها لا يجد البعد السياسي قويا يبرر المنع، لكن الملاحظ فيها جرأة الطرح الاجتماعي لبعض الظواهر التي لا يزال المجتمع يجد حرجا في تناولها بالشكل المباشر، وترجح سرديات انه السبب الاقوى لذلك المنع, ومن ناحية فنية فالمجموعة ذات مستوى كبير من النضج، حين مقارنتها بواقع القصة في الامارات في ذلك الزمن, ولم يصحبها اعمال قصصية اخرى في نفس الفترة عدا عدد قليل، منها مجموعة (الشقاء) لعلي الشرهان 1977، وربما (دانة يابحر دانة) لمحمد السويدي (المجموعة لا تشير الى تاريخ الطباعة).
وقد شهدت الفترة نفسها بداية احد رواد القصة القصيرة المتميزين في الامارات وهو القاص عبدالحميد احمد الذي ركز في كثير من قصصه على تصوير مرحلة التحول بعد البترول، ومظاهر هذا التغير، وما صاحبه من وجود اجنبي على كافة المستويات، في مجموعتيه: السباحة في عيني خليج متوحش و(البيدار) وبرزت كثير من الاسماء من كتاب وكاتبات من امثال مريم جمعة فرج ومحمد المر (وهو من اغزر الكتاب انتاجا) ومحمد حسن الحربي، وسلمى مطر سيف، وأمينة بوشهاب وظبية خميس التي جمعت بين الشعر والقصة, وتبع هؤلاء جيل آخر منهم ناصر الظاهري وناصر جبران وسعاد العريمي وأسماء الزرعوني وجميعهم اصدورا مجموعات قصصية تتفاوت في عددها ومستواها الفني.
واذا اتجهنا الى قطر فان علينا ان نشير الى ان الصحافة لم تبدأ في قطر الا عام 1969، بصدور العروبة والدوحة, وقد اشارت سرديات سابقة الى ارتباط بدء القصة القصيرة بالصحافة في كافة الاقطار، فتأخر بداية القصة القصيرة في قطر له اسبابه.
لكن اللافت للنظر بشكل كبير كون الصوت النسائي هو الاكثر ريادة، ولعل قطر تنفرد في هذه الخاصية مقارنة مع باقي اقطار الجزيرة,فأول مجموعة قصصية صدرت عام 1978، كانت (انت وغابة الصمت والتردد) لكلثم جبر.
وثاني مجموعة كانت (سبعة اصوات في القصة القطرية)، (1983) وهي مجموعة تحوي سبع قصص وكل الاصوات نسائية باستثناء صوت واحد، اضافة الى مجموعة ثالثة للكاتبة تورة السعد بعنوان (بائع الجرائد) صدرت عام 1989.
ويجدر هنا الاشارة الى بعض المصادر التي تذكر ان صالح العبيدي نشر مجموعة قصصية في مرحلة مبكرة لكن سرديات لم تقف عليها.
وحين نصل الى منتصف التسعينات نلاحظ ظهور العديد من المجموعات القصصية لعدد من الكتاب والكاتبات من هؤلاء حسن رشيد وجمال الفايز وناصر الهلابي ومحسن الهاجري اضافة الى هدى النعيمي التي تتسم مجموعاتها بتميز فني، ساهم في ذلك تفاعلها مع الجو الادبي في القاهرة حيث كانت تكمل دراستها, وهؤلاء الكتاب جميعا اصدروا مجموعاتهم القصصية في النصف الثاني من التسعينات، واذا كانت حديثة الصدور زمنيا فانها فنيا لا تبدو ذات مستوى متميز.
اما بالنسبة لعمان فانها قبل 1970 كانت تعيش مرحلة عزلة مظلمة, وقد تناول الدكتور محمد الذهب في أطروحته للدكتوراه من جامعة بوسطن الشأن التعليمي وتاريخه وتحدث عن مرحلة التحول التي شهدتها عمان بتناول اكاديمي لعله لم يسبق اليه, وهذه الاطروحة تمثل جزءا اساسا من تاريخ التعليم في عمان وجديرة بأن تخرج للقارىء العربي, ولعل الجهات المسؤولة في عمان او في مكتب التربية لدول الخليج تعمل على ترجمتها، خصوصا ان المؤلف من ابناء عمان الذين يتسمون بوعي كبير في طرحهم لقضايا وطنهم، كما يلاحظ في ثنايا الرسالة المشار اليها.
التغير السياسي الكبير في تلك المرحلة صحبه تغير اجتماعي وثقافي، وصاحبته محاولات للحاق بركب الزمن من خلال الاعلام والتعليم, فبداية السبعينات تمثل مرحلة بدء الصحافة في عمان ومعها بدأت القصة القصيرة، لكن الملاحظ انها وإن بدأت في الظهور على صفحات الصحف، فهي مرحلة نشأة تقترب من مرحلة الاربعينات والخمسينات في المناطق المجاورة, وحتى المجموعات القصصية الاولى التي ظهرت في الثمانينات كانت تمثل المحاولات الاولى التي تتجه نحو الاصلاح الاجتماعي وتتخذ من التوجيه المباشر اسلوبا لها دون اهتمام او ربما وعي بالتقنية القصصية, لكن التسعينيات شهدت بروز عدد من الكتاب والمجموعات التي لا ترتبط بسالف عهد القصة في عمان وانما اخذت تتجه نحو القصة في الاوطان ذات التجربة الاكثر نضجا, ويمكن لنا ان نذكر حمد بن رشيد بن راشد ومحمد القرمطي، ويحيى بن سلام المنذري، وعلي المعمري ومحمد البلوشي ويونس الاخزمي ومحمد اليحيائي وغيرهم وطبيعي ان تتفاوت مجموعاتهم من حيث المستوى الفني, وقبل وداع عمان تود سرديات الاشارة الى سليمان المعمري كأحد الاصوات ذات التجربة المتميزة في مجال القصة القصيرة وليست سرديات على وعي اذا كان قد اصدر حديثاً مجموعة قصصية.
وقبل التوقف عن هذا الحديث التاريخي الموجز عن القصة القصيرة في الجزيرة العربية تود سرديات ان تشير الى ان القصة القصيرة لم تحظ بالاهتمام النقدي في هذه المنطقة بما يتناسب مع حجم الابداع, ولعلنا في منطقة الجزيرة العربية بحاجة الى منح القصة القصيرة مزيدا من العناية النقدية والاكاديمية، واذا كان النادي الادبي في جدة قد بدأ منذ عامين اصدار الراوي وهي دورية تعنى بالابداع القصصي في منطقة الجزيرة العربية فانه يتوقع من الجهات الرسمية والمؤسسات الثقافية ان تلعب دورا اكبر في هذا المجال، وذلك بعقد ندوات ومؤتمرات تعالج قضايا القصة القصيرة في هذه المنطقة، والحرص على توسيع قاعدة نشر وتوزيع المجموعات القصصية، لتصل الى قاعدة اكبر من القراء داخل منطقة الجزيرة اولا، ثم في سائر الوطن العربي، وحيثما تكون الضاد منطوقة.
وتأمل سرديات بعد خمس حلقات من السرد التاريخي ان تعود مستقبلا ان شاء الله الى تناول بعض القضايا والاعمال الابداعية لكتاب وكاتبات من الجزيرة العربية.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved