أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 2nd June,2000العدد:10109الطبعةالاولـيالجمعة 29 ,صفر 1421

مقـالات

محبة رسول الله,, والصلاة عليه
د, محمد بن سعد الشويعر
لا يصح إسلام المرء ما لم يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من محبته لنفسه وولده وماله والناس أجمعين، لأنه عليه الصلاة والسلام، قد جعله الله سبباً لهداية البشرية إلى الدين وأكرمه ربه بالرسالة الخاتمة، فكان بشيراً ونذيراً وبالمؤمنين رؤوف رحيم,.
ومحبته صلى الله عليه وسلم تكون باتباع شرعه الذي جاء به من عند ربه, يقول سبحانه قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (آل عمران: 31) ومقتضى هذه المحبة: طاعته فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، والأّ يعبد الله إلابمشرع,.
فقد أرسله الله للناس رحمة، وهاديا يبصّرهم بطريق الخير، ويبشرهم بما أعد الله لمن أطاعه، وينذرهم من الشرك وسائر الشرور، ما ظهر منها وما بطن، فاقتضى الأمر من كل مسلم أن يحرص على اتباع سنته، والدعوة إليها، وتقديم محبته على رغائب النفس، وأقرب الأقربين، وهذا جزء من عقيدة المسلم، بل هو محض الإيمان، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما: يا رسول الله إنك أحبّ إليّ من كل شيء إلا نفسي، فقال: لا يا عمر,, فقال: إنك أحبّ إليّ من كل شيء حتى نفسي,, قال: الآن يا عمر,.
وقد صلى الله عليه سبحانه وملائكته، وأمر جلّ وعلا الناس بالصلاة عليه، وهذا دليل على مكانته عليه الصلاة والسلام ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وحرصه عليهم.
ولما سأل بنو إسرائيل النبي الكريم: موسى قائلين: هل يصلي ربك؟! ناداه ربه عز وجل: ياموسى، سألوك هل يصلي ربك؟,,, فقل نعم، أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي، فأنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلُّون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما (الأحزاب 56).
وفي دلالة هذه الآية الكريمة، روى ابن أبي حاتم بسنده إلى عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: إن الله وملائكته يصلّون على النبي قال: صلاته تبارك وتعالى سبّوح قدّوس، سبقت رحمتي غضبي,, وقال كثير من أهل العلم: صلاة الرب سبحانه الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
ولذا فإن من حسن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحرص على امتثال أمر الله في الصلاة عليه، حيث أمرنا الله سبحانه بذلك،, بدون مغالاة ولا إطراء، كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فنقول كما أمر: هو عبدالله ورسوله,, ونمتثل أمر الله سبحانه في الصلاة عليه، ونمتثل أمره عليه الصلاة والسلام في كيفية الصلاة، فقد بدأ جلّ وعلا إخبار عباده بمنزلة عبده ورسوله محمد عنده، جلّ وعلا في الملأ الأعلى,, بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه بعد ثناء الله عليه، ثم جاء بعد ذلك الأمر لأهل الإيمان بالصلاة والتسليم عليه فقال سبحانه: إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما .
وقد تأدب الصحابة في سؤالهم عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، خوفا من الغلو او الوقوع في المحذور، فكانوا مسترشدين خوفا من الزلل، والوقوع في المحذور,, ففي حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، الذي رواه الشيخان قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلّم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وفي رواية: إبراهيم وآل إبراهيم في الصلاة والتبريك.
ولما كانت الصلاة التي أمر الله بها المؤمنين، من مقتضى محبته صلى الله عليه وسلم، وإحلاله من النفوس المحل الأعلى، فإن حرص الصحابة على ذلك: سؤالا وتطبيقا وعملا،, جعلهم يسألون، وتتعدد الروايات في الأحاديث عن هذه الكيفية,, ولا تنازع بينها,.
فقد جاءت كيفية الصلاة عند مسلم من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه بلفظ آخر، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، رضي الله عنه فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك، يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟, فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمد،, وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم .
أما السيوطي في تفسيره، فقد جاءت صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عنده بعدة روايات واختلافات في اللفظ، كما جاء عنده وعند غيره من كتب الحديث، ما يدل على محبته صلى الله عليه وسلم لأمته المهتدين بهديه وحرصه عليهم، ولزيادة أجرهم, فقد أخرج البخاري في المفرد، ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا , وفي هذا زيادة في تمكين الخير، والإكثار منه, ما دام المصطفى قد أخبر عليه الصلاة والسلام بالنتيجة مقدماً.
ولمكانة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة المفروضة الخمس كل يوم، لا تقبل من المصلي، إذا لم يُصلِّ فيها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الصلاة عليه ركن من أركان الصلاة، والركن تبطل الصلاة كلها بتركه عمدا، وتبطل الركعة بتركه سهواً.
كما اشترط الفقهاء رحمهم الله في صحة خطبة الجمعة وخطبة العيدين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ونبينا وسيدنا محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وسلم يأمر أمته إلى قيام الساعة بالإكثار من الصلاة عليه وخاصة في يوم الجمعة، فقد حدّث اوس بن أوس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل ايامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا، وقد أرمت؟, قال: يقول: بليَت, قال صلى الله عليه وسلم: إن الله حرّم علي الأرض أجساد الأنبياء رواه أبوداود بإسناد صحيح.
وللصلاة على رسول الله محمد النبي الأمي، منزلة كبيرة، وأجر عظيم، فهي أولا: امتثال لأمر الله سبحانه، حيث خاطب الله المؤمنين بهذا النداء الكريم: يا أيها الذين آمنوا لكي تتجمع الحواس، وتعي ما يعنيه هذا النداء من أمر ليطاع، أو نهي ليترك، فكان الأمر بالصلاة على النبي والتسليم.
ثانيا: تمجيد رسول الله بهذا الأمر، ودعوة دائمة في فم المسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخير والبركة.
ثالثاً: أجر وخير يعود على المصلي، بأن يُعطى بدل الصلاة الواحدة عشر صلوات، ترصد في حساباته لليوم الآخر، وفي هذا مقياس رفيع في ميزان الأرباح، لأنه تعامل مع الله، الذي يضاعف الحسنات، ويعلم سبحانه صدق النوايا.
رابعا: أن من يذكر عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُصلّ عليه بخلاً أو لأي سبب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه،بأن يلصق أنفه بالتراب، ذلا وحسرة، كما جاء في حديث اخرجه البخاري في الأدب عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر، فلما رقى الدرجة الأولى قال: آمين, ثم رقى الثانية فقال: آمين ثم رقي الثالثة فقال: آمين,, فقالوا يا رسول الله سمعناك تقول: آمين ثلاث مرات, قال: لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل فقال: شقي رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة: فقلت آمين، ثم قال: شقي رجل أدرك رمضان، فانسلخ منه، ولم يُغفر له، فقلت آمين, ثم قال: شقي عبد ذُكرتَ عنده، ولم يُصلّ عليك, فقلت آمين.
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهد قليل، يقدمه الإنسان، لا يكلف شيئا، إلا كلمات يلفظها بلسانه، مع ترسيخ الاعتقاد في القلب,, وما أكثر ما يضيّع الإنسان من وقته، وما يتلفظ به لسانه من كلام كثير اللفظ، قليل الفائدة.
لكن اللفظ القليل، الذي يصلى به على النبي صلى الله عليه وسلم في جلوسه، وفي مشيه وفي كل فرصة تسنح له، يعني شيئا كثيرا، فهو: امتثال لأمر الله سبحانه، واستجابته لهذا الأمر تدخله في زمرة المؤمنين الذين خاطبهم الله بهذا النداء الكريم، وطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر بحسن الاستجابة، وجميل الأدب، بهذا اللفظ الخفيف في حمله، وبدون رفع الصوت، حتى لا يدخل العمل في الرياء، ثقيل في ميزان الأجر عند الله، وبما يضاعف له من الحسنات,.
كما أنه تعبير عن النية الصادقة في المحبة، المعبّرة عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن الله جلّت قدرته، قد وكّل، بهذه الصلاة، مهما كثر المصلون، وتعددت مواقعهم، ملائكة سيّارين يحصونها، ويعرضونها على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن من صلى واحدة,، صلى الله عليه بها عشرا، وهذا ربح بارزة ثمرته، ما بعده ربح، وأن أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة، أكثرهم عليه صلاة.
وفي هذا تكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان لرفع منزلته عند ربه، وفضل من الله على المصلين، يزداد أجره بقدر ما يزيد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبقدر العمل الذي يؤديه: قائما أو قاعدا، أو ماشياً أو مرتاحاً، لأن ذلك لا يكلف جهدا ماليا ولا جسديا، والله سبحانه يقول وقوله الحق: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (البقرة 286).
ومسرة تعود على الإنسان،, لأن المسلم يجب ان يسترّ لما يسترُّ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يستاء مما يستاء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من الطاعة في العبادة والعقيدة, أخرج ابن أبي شيبة، وعبدالرزاق عن مجاهد رحمه الله عن أبي طلحة رضي الله عنه، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدته مسروراً، فقلت: يا رسول الله ما أدري متى رأيتك أحسن بشرا، وأطيب نفسا من اليوم؟ فقال: وما يمنعني وجبريل خرج من عندي الساعة، فبشّرني ان كل عبدٍ، صلى عليّ صلاة يكتب الله له بها عشر حسنات، ويمحى عنه عشر سيئات، ويرفع له بها عشر درجات، ويعرض عليّ كما قالها، ويردّ عليه بمثل ما دعا .
فأبخل الناس من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عنده، ولم يُصلّ عليه، فقد روى الترمذي حديثا عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسا، لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة أي حسرة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم .
ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لها مقاييس توزن بها، فليست لفظا باللسان، ليكسب المرء بذلك الثناء عند الناس، ويخالف ذلك بباطن قلبه وبظاهر عمله,, وليست المحبة مظاهر تعطى من الفبركة، ما تعطى الحفلات اللاهية، ويذكر فيها من المديح ما كان ينهى عنه صلى الله عليه وسلم، من اطراء لم يأمر به، ومديح يلاك بالألسنة يمجّه السمع، وليست المحبة بأن يُدعى ويطلب منه ما هو من خصوصيات الله جلّ وعلا، كطلب المغفرة، وطلب ان يعطيه مالاً يغنيه أو أرضاً يزرعها، وغير ذلك مما يطفح على ألسنة العامة، فلقد قال عليه الصلاة والسلام لرجل قال له: ما شاء الله وشئت: أجعلتني لله نداً، قل ما شاء الله وحده.
وليست محبة رسول الله في ارتكاب المعاصي والبدع التي لم يأمر الله بها ولا رسوله, يقول صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ويقول:كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار , بل إن محبته صلى الله عليه وسلم في العمل والقول: وفق الشرع الذي بلّغه للأمة، ووفق ما فهمه وعمله الصحابة الكرام، ثم التابعون لهم بإحسان، بدون زيادة ولا غلوّ ولا اطراء كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم عليه السلام.
والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحسن أن تكون حاضرة عند المسلم، وان يكون مستعداً لها في كل وقت، لأن منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، يزداد الأجر بها، ويترطب اللسان بتكرارها، وتتهذب الطباع بالتعوّد عليها, فعند سماع الأذان والإقامة، ومجاوبتهما يقول السامع مثلهما ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، بصوت خافت، حتى لا يكون عادة عند المؤذن والمقيم المناداة بذلك ليتصوره الجاهل جزءا من الأذان, ثم يسأل الله للنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة، بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها منزلة عالية في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عبادالله، ويرجو رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان يكون هو هو,, ومن سأل للرسول الوسيلة، حلّت له الشفاعة، ولا يبخل الكاتب بأن يقصر على (ص) أو (صلعم) عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا مما نُهي عنه وعلاوة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة، وخطبة العيدين، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يجب ان تكون مستمرة مع المسلم دائما، وتتعين في العشر من ذي الحجة مع التكبير، وفي مصلى العيد، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام، أو مرور حديث من أحاديثه أو سنة من سنته، او سيرته وعند دخول المسجد والخروج منه، وفي كل مناسبة ووقت.
معلومات عن الكعبة
حدّث محمد بن علي بن الحسين قال: كنت مع والدي، فبينما هو يطوف بالبيت، وأنا وراءه إذ جاءه رجل طويل القامة، فوضع يده على ظهر أبي، فالتفت أبي إليه فقال الرجل: السلام عليك يا ابن بنت رسول الله، أريد أن أسألك, فسكت أبي، فردّ عليه السلام، فقال: يا ابن بنت رسول الله أريد أسألك؟, فسكت أبي، وأنا والرجل خلفه، فصلّى ركعتين أسبوعه، ثم استوى قاعدا، فالتفت إليّ فقمت فجلست إلى جنبه، فقال: يا محمد أين هذا السائل؟ فأومأت إلى الرجل، فجاء وجلس بين يديه، فقال له أبي: عمّ تسأل؟ قال: أسألك عن بدء الطواف بهذا البيت، لمَ كان؟ وأنى كان؟ وحيث كان,؟ وكيف كان؟ فقال له أبي: نعم من أين أنت؟, قال: من أهل الشام، قال: أين مسكنك؟, قال: في بيت المقدس, فقال: هل قرأت الكتابين؟ يعني التوراة والانجليل, قال الرجل: نعم.
قال أبي: يا أخا أهل الشام احفظ، ولا تروِ عنّي إلا حقا، أما بدء هذا الطواف، بهذا البيت، فإن الله تعالى قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة, فقالت: أي رب خليفة من غيرنا,, ممن يفسد فيها، ويسفك الدماء، ويتحاسدون ويتباغضون، ويتباغون.
أي ربّ اجعل ذلك الخليفة منّا، فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء ولا نتباغض، ولا نتحاسد ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك، ونقدّس لك، ونطيعك ولا نعصيك, قال الله تعالى: إني أعلم ما لا تعلمون .
فظنت الملائكة إنما قالوا رداً على ربهم، وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم، وأشاروا بالأصابع، يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه,,.
فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله إليهم، فنزلت عليهم الرحمة، فوضع الله سبحانه وبحمده تحت العرش بيتاً على أربع أساطين من زبرجد، وغشّاهن بياقوتة حمراء، وسمّي البيت الضراح، ثم قال الله سبحانه للملائكة: طوفوا بهذا البيت، ودعوا العرش.
قال: فطافت الملائكة بالبيت، وتركوا العرش، وصار أهون عليهم، وهو البيت المعمور الذي ذكر الله عزّ وجل، يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون إليها أبداً، ثم إن الله تعالى بعث ملائكته فقال: ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره، فأمر الله من في الأرض من خلقه، أن يطوفوا بهذا البيت، كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل: صدقت يا ابن بنت رسول الله، هكذا كان، فهذا البيت الذي هو خامس خمسة عشر بيتا, أعني الكعبة، سبعة فوقه، وسبعة تحته،، وما نزل ملك قط من السماء إلى الأرض لأمر إلا استأذن ربه، في الطواف ببيته، فهبط مهللا, (محاضرات الأبرار، ومسامرة الأخيار 1:401 402),.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved