أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th June,2000العدد:10111الطبعةالاولـيالأحد 2 ,ربيع الاول 1421

الاقتصادية

هموم الصناعيين ومستقبل الصناعة في المملكة
القطاع الخاص لا يمكنه توفير البنية التحتية للمدن الصناعية الجديدة إلا بمساعدة الدولة لتقوم صناعة منافسة
مستقبل الصناعات الصغيرة في المملكة غير واضح وكلمة انتبهوا لأنفسكم ليست مصطلحا علمياً
تحقيق عبد العزيز المهنا
الصناعة هي الخيار الوحيد للتنمية أو الخيار المتميز من جملة خيارات متناولة في سيرة التنمية, وفي كلا الحالين لابد من الاستعداد والتهيئة وبناء فلسفة فكرية قبل الدخول في العملية التنفيذية لكن العملية قد بدأت والمدن الصناعية خاصة في مدينة الرياض قد امتلأت بالمصانع والبعض منها أراض يفترض أن تكون قد تحولت الى مصنع أو في طريقها الى التحول, بل ان ما يقارب 50% من المصانع في مدينة الرياض خارج المدن الصناعية مما يضيف أعباء أخرى.
الصناعة تسير الآن بدون استراتيجية واضحة لنهج الدولة في مستقبل التصنيع ونوعيته ودون وضوح لمفهوم ومرتكزات الصناعة, فهل يستحسن التركيز على صناعات تتوفر مادتها الخام في البلاد أم لابد من الاحاطة بكل شيء وبسرعة واذا كان الأمر كذلك فأين محفزات الصناعة ولماذا لم تستمر الوزارة المعنية بالصناعة بتوفير البيئة التحتية للمدن الصناعية الجديدة في مدينة الرياض ولماذا لم تقم برسم سياسة العمل الصناعي منذ البداية متمشية مع عمليات الاقتراض لمشروعات الصناعة.
معاناة أو مجموعة هموم وآمال طرحها الصناعيون الذين استضافتهم الجزيرة في التحقيق الصحي الخاص بهموم الصناعة وتطلعاتها، حيث التقت الجزيرة بالمهندس سعد المعجل رجل الأعمال المعروف ورئيس اللجنة الصناعية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، والمهندس عبدالعزيز الصقير عضو اللجنة الصناعية بالغرفة سابقا ومدير عام شركة الألكترونيات المتقدمة وشركة السلام للطائرات,, والدكتور عبدالله العبدالقادر مدير عام شركة الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية وفي الوقت نفسه عضو اللجنة الصناعية بغرفة الرياض, كلهم أعضاء في اللجنة الصناعية وكلهم يمثلون أقوى وأهم الصناعات في مدينة الرياض, وقد طرحت العديد من الاسئلة والتساؤلات.
بدأ المهندس سعد المعجل الحديث قائلا: ان طموحات الدولة ورجال الصناعة أكبر بكثير مما هو قائم والدلالة على ذلك انه خلال عام واحد تم انشاء المجلس الاقتصادي الأعلى والهيئة الاستشارية للمجلس ويضمان عددا كبيرا من الصناعيين ثم جاء نظام الاستثمار الأجنبي المتزامن مع الهيئة العامة للاستثمار والصناعيون بالمملكة لهم طموحات عليا وقد حققوا ويحققون الكثير وآخر انجاز لهم في مجال السبق الصناعي وصول المملكة الى المرتبة الثالثة بين دول العالم في صناعة السجاد الصناعي الموكيت بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا, وكل هذا نتيجة للتكامل الصناعي لبعض القطاعات والذي تم على مدى العشرين عاما الماضية, خاصة قطاع البلاستيك والمواد البتروكيماوية, ومضى المهندس سعد المعجل في حديثه عن تاريخ الصناعة وأهم خطوة فيها فيرى أن قيام وزارة الصناعة والكهرباء في منتصف السبعينات دليل على اهتمام الدولة بالصناعة.
ويعتبر المهندس سعد المعجل مشروع تجميع الغاز الذي بدأ في أوائل الثمانينات من أكبر المشروعات الصناعية على الاطلاق والذي تولدت منه شركة سابك.
وتغلبت المملكة في محيط مواد البناء على مشاكل الأسمنت المستورد ابان الطفرة منذ عام 1974م وحتى عام 1985م وذلك بمضاعفة اعداد المصانع وزيادة طاقة الانتاج مع المحافظة على سعر كيس الأسمنت الذي لم يتجاوز عشرة ريالات حتى الآن, والمملكة تنتج الآن 20 مليون طن في حين تصل حاجة البلاد الى 16 مليون طن فقط في العام وهكذا وفرت صناعة الأسمنت سنويا 3 آلاف مليون ريال.
ويقارن المهندس سعد المعجل بين خطوات الدولة ومحفزات الصناعة عندما أقامت الدولة المدن الصناعية فكان لهذه المدن فعل السحر في جذب الاستثمارات الصناعية بقيام مصانع ضخمة وقادرة على المنافسة العالمية وبين ما هو قائم حاليا، حيث لا تتوفر الأرض ويتوقف القرض ويتعثر المشروع, فالعائق الآن هو ايجاد مدن صناعية جديدة والتوسع في المدن الصناعية القائمة, وقد ذكر المهندس سعد المعجل مرارا بأن الأجيال القادمة لن تغفر لنا الخطأ الكبير اذا وضعنا الأرض عائقا وحاجزا أمام التقدم الصناعي, ويعرب المهندس سعد المعجل عن ارتياحه لقيام بعض الصناعيين بالبحث عن مشروعات تؤدي الى التكامل الصناعي وضرب مثلا على ذلك بوجود مصانع التغليف مما خفضت من تكلفة الصناعة النهائية.
واذا كانت الصناعة تساهم في حوالي 80 مليار ريال من جملة الدخل القومي فهذا دليل على ان الصناعة قدمت للوطن والمواطن الكثير.
ويفتخر المهندس سعد المعجل بما حققته بعض القطاعات الصناعية من تقنية عالية ومتقدمة ويدلل على ذلك بمصانع الألبان والبلاستيك والأسمنت، ويوضح المهندس سعد المعجل ان المملكة لم تصل بعد الى مرحلة بيع التقنية بكميات ذات قيمة كبيرة ويؤكد المهندس سعد المعجل ان المملكة سوف تستفيد من طفرة المعلومات لتطوير صناعاتها الا انه يشير الى ان العالم بأكمله دخل مرحلة التكامل الصناعي,
وحول موقع المملكة في صناعة المعدات يرى المهندس سعد المعجل ان الصناعات الهندسية بالمملكة تقدمت كثيرا ففي السبعينات كانت المملكة تستورد المصنع كاملا محمولا على باخرة، أما الآن فالسعوديون يساهمون في بناء المصانع وصناعة بعض مكوناتها ويشير المعجل ان خطوط الانتاج في المصانع العالمية في الدول المتقدمة تتكامل مع صناعات أخرى خارج تلك الدول وفي هذه الحالة فالمملكة جزء من ذلك العالم ويرى المهندس سعد المعجل ان صناعة التكييف بالمملكة تعتمد عليها دول عديدة في منطقة الشرق الأوسط وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
ثم عاد إلى الحديث عن الأراضي الصناعية أو المدن الصناعية فأشار رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الرياض ان الدولة جزاها الله خيرا قد خصصت أرضا لمدينة صناعية يكفي للتوسع على مدى الثلاثين عاما القادمة وهذه الأرض تقع على طريق الرياض القصيم الا ان السؤال الذي يطرح نفسه بعد توفر الأرض لماذا لا نصرف على تجهيز هذه الأرض للصناعة؟
ويشير المعجل الى ان الدولة وفرت البنية التحتية للمواقع العقارية فقامت المنشآت بعد توفير البنية التحتية لها, ويطالب القطاع العام بأن يستمر في تقديم نفس الخدمة للصناعيين بتوفير البنية الأساسية للمدن الصناعية الجديدة.
ويوضح المعجل هنا ان المملكة انفقت على المدن الصناعية 2000 مليون ريال خلال العقود الثلاثة الماضيةو استثمر القطاع الصناعي فيها 80 ألف مليون ريال في صناعات متعددة, والخطأ يكمن في عدم توفير البنية الأساسية للمدن الصناعية في الأماكن التي يرغبها الصناعيون وليس في الأماكن التي يراها مسؤول الدولة.
ويقول المهندس سعد المعجل عن وضع الصناعة في مدينة الرياض حاليا ان أكثر من نصف المصانع المرخصة في مدينة الرياض تقع خارج المدن الصناعية ويؤدي ذلك الى سلبيات كبيرة منها عدم المقدرة على التكامل لبعد المصانع عن بعضها في حالة الامداد السريع, كما ان وجود المصانع والمستودعات الى جانب المساكن له مخاطره الأكبر, والاتجاه العالمي الآن هو وجود الصناعة في مواقع مخصصة لها مسبقا, ويبث المهندس سعد المعجل الرجاء كل الرجاء للتركيز على المدن الصناعية وليس هناك أي عذر في عدم تسهيل أمور الصناعة.
وحول التباطؤ في توفير المدن الصناعية وأثره على الصناعة بالمملكة، أشار سعد المعجل الى تراجع الكثير من الصناعيين من مشروعات صناعية كبيرة وحولوا استثماراتهم الى قطاعات اقتصادية أخرى بسبب عدم توفير المدن الصناعية الملائمة، وليس هناك أسباب مقنعة وراء التراخي عن انشاء المدن الصناعية, كما أكد المعجل على ضرورة توفير الطاقة للمصانع بأسعار معقولة واذا لم يتم ذلك فهذا يعني توقف عجلة الصناعة ان لم تكن نهايتها، ويعتقد المهندس سعد المعجل انه ليس من المعقول ان تقوم المصانع خلال أشهر الصيف الأربعة باغلاق المصانع لعدة ساعات معينة في اليوم من أجل توفير متعة التكييف كاملة في المنازل.
كما انه لابد من التركيز على الغاز الذي أصبحت المملكة الآن خامس دولة في احتياطياته، وللاسف الشديد تستهلك المصانع في غالبيتها الغاز المسال كوقود لها وهو مكلف جدا، لذا لابد من توجيه الغاز الطبيعي الى المدن الصناعية, فالغاز الجاف يصل سعره الى 75 سنت أمريكي للمليون BTU يقابلها سعر الغاز الذي تشتريه المصانع من شركة الغاز وهو 27 ريال للمليون BTU فهذه التكلفة الخيالية أضرت بالصناعة في المملكة, الا انه بفضل جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وتوجيهاته تم ايصال الغاز الجاف الى المدينة الصناعية الثانية بالرياض، ويأمل المعجل ان تنتهي الاجراءات لاستكمال هذا المشروع.
ولكن ما هو رأي المهندس سعد المعجل في مستقبل الصناعة بالمملكة حتى عام 2005م,
يقول رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الرياض ان العائق الأساسي هو حل مشكلة المدن الصناعية خاصة مشكلة المدينة الصناعية على طريق القصيم وكذلك المنطقة الصناعية الجديدة في جدة وزيادة تطوير المدينة.
الصناعية الثانية في الدمام، فاذا حلت مشكلة تطوير هذه المدن الثلاث فأعتقد ان المستقبل كبير للصناعة بالمملكة في ظل التوجه لايصال الغاز الجاف الى هذه المدن، ويرى المعجل ان المستثمرين والقدرات الادارية والفنية متوفرة والوضع المعرفي للصناعة بالمملكة كبير جدا مقارنة بالسابق والطاقات البشرية تتوفر بسرعة وعلى مستويات ممتازة والقطاع الصناعي الآن هو ثاني قطاع في السعودة على مستوى المملكة بعد قطاع البنوك وهذه كلها عوامل تبشر بالخير, وفي حالة تباطوء قيام المدن الصناعية فسوف تتشتت المصانع ويصاب بعض الصناعيين بالاحباط الذي سوف يحيلهم لاستثمار أموالهم اما في قطاعات اقتصادية أخرى مثل القطاع العقاري أو المساهمة في مشروعات صناعية في الخارج والمستثمرون السعوديون هم من أكبر المستثمرين في مصر ولبنان ودولة الامارات العربية المتحدة وتونس وغيرها.
ويؤكد المعجل ان هناك بعض اختلاف في وجهات النظر بين الصناعيين والمسؤولين في وزارة الصناعة والكهرباء وهو خلاف متوقع ومعقول ويؤكد المعجل على ضرورة وجود حل سريع ومقبول لمشكلة الاراضي الصناعية، ويشير المعجل الى ان غرفة الرياض قدمت مليوني ريال لتطوير المخططات للمدينة الصناعية على طريق القصيم, وطالب المعجل بضرورة صدور قرار استراتيجي واضح وصريح حول التنمية الصناعية، فالواجب الآن تمويل هذه المدن الصناعية الجديدة مثل ما تم في السابق والتأخر في ذلك ليس في مصلحة الصناعة بوجه عام.
وحول جهود اللجنة الصناعية بغرفة الرياض قال المهندس سعد المعجل رئيس هذه اللجنة ان هناك الكثير مما قدمته اللجنة حيث قامت بتشكيل لجنة تأسيسية لمشروع ايصال الغاز الطبيعي من الشرقية الى المدينة الصناعية الثانية وعمل الشبكة اللازمة لذلك، والحصول على توجيه ملكي كريم بتوفير الكهرباء للمصانع بأسلوب ذاتي اذا تعذر حصوله بصفة مستمرة أو بأسعار معقولة من شركة الكهرباء, وساهمت الغرفة بالتعاون مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني بوضع برنامج لمساعدة المستثمر الناشىء، ومتابعة انشاء صندوق ضمان المشاريع الصغيرة، كما ساهمت اللجنة في تحريك وضع المدينة الصناعية على طريق القصيم وذلك عن طريق اعتماد دفع الغرفة مبلغ مليوني ريال لاعداد الرفع المساحي والمخطط العام لمساحة 30 مليون متر مربع وتفصيلي لمساحة 10 ملايين متر مربع من أصل المساحة الكلية البالغة 267 مليون متر مربع، اضافة الى مساهمة اللجنة في الدراسات الخاصة بالتكامل الصناعي وتطوير الصناعة مع الدار السعودية للخدمات الاستشارية، وكذلك تشكيل لجنة تأسيسية لانشاء شركة تشرف على مركز تأهيل السجناء في مدينة الرياض، واللجنة لها برامج كبيرة بالتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس والمؤسسات الاستشارية.
كما قامت اللجنة بالمساهمة في اعداد دراسات جدوى اقتصادية لمشاريع استثمارية وتقديمها للمستثمرين، ودراسة التدريب التعاوني بهدف تخريج مجموعات من الشباب قادرين على العمل في القطاع الصناعي على اختلاف تخصصاته، التأكيد على أهمية تطبيق المواصفات القياسية لتلافي الغش التجاري، الاهتمام بالورش والمصانع الصغيرة وبحث تطويرها مع سعادة وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية لتخطيط المدن.
وحول نظام الاستثمار الأجنبي أشار المعجل الى ان النظام ليس البديل لظاهرة التستر وهيكلية الضرائب لا توفر ميزات جديدة تعزز من جدوى النظام أما التستر فهو داء نتمنى ان يشفى من ابتلي به, أما الهيئة العامة للاستثمار فهي تسعى الى تسهيل الاستثمار ووسائله للمستثمر السعودي والأجنبي على السواء حسب ما صرح به صاحب السمو محافظ الهيئة ونحن واثقون ان مراكز الخدمة الشاملة ستزيل الكثير من المعوقات من أمام المستثمرين الصناعيين.
وقد أبدت الغرفة التجارية ترحيبها الحار بالتوجّه الذي أعلنه سمو الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي واستعدادها الكامل لمساندته.
وحول سعودة الوظائف في القطاع الخاص قال سعد المعجل: ان السعودي هو المستهلك للمنتجات واذا لم يكن لديه عمل فلن يكون هناك مستهلك, فالمنفعة طويلة الأمد ستحصل بإذن الله بوجود عامل فني ومهندس وإداري سعودي في المصانع السعودية, فالموظف الأجنبي عندما يمتلك الخبرة يترك العمل ويتجه الى مواقع أخرى, والدافع الوطني والمصلحي قوي لدى الصناعيين للسعودة, فالأسس لدى الصناعيين ثابتة في توظيف السعوديين, كما ان هناك ادراكا لأهمية العمل في السنوات الأخيرة لدى العامل السعودي وتغيرت فلسفته في الحياة الى الأفضل وهناك جهود مبذولة للتدريب والتطوير للخريجين, ويؤكد المعجل ان الصناعة ستكون من القطاعات الرائدة في توظيف السعوديين.
المهندس عبدالعزيز الصقير مدير عام شركة السلام للطائرات وشركة الإلكترونيات المتقدمة وعضو اللجنة الصناعية بغرفة الرياض شارك المهندس سعد المعجل في ضرورة وجود هدف استراتيجي للصناعة وأن المسؤول في الدولة عليه ان يهيىء الظروف المناسبة للصناعة في البلد ليحقق بعدها رجل الأعمال رغبات الدولة لمصلحة نفسه، ويرى الصقير انه لا مجال للبحث عن مبررات في هجرة الأموال السعودية واستثمارها في الصناعة خارج المملكة, ويشير الصقير الى الطريقة المثالية في التغلب على مشكلة السكن بايجاد صندوق التنمية العقارية والأرض السكنية وتوفير الخدمات لها مما جعل السكن متوفرا وحد من ارتفاع ايجارات المساكن.
فالصناعة لا تتطور الا بتوفير المواقع المناسبة ولا تقوم المصانع الا بتوفير البنية التحتية لها لكي تكون الصناعة منافسة وتظهر بسعر منافس, ويرى الصقير ان وضع الصناعة في المستقبل سيكون صعبا جدا في ظل غياب الحوافز والمميزات عن الصناعة, والمستثمر الأجنبي يطالب بالكثير ومن أبرز مطالبه عمالة مدربة وسوق مفتوحة ومساواة انتاجه بالانتاج المحلي في كل شيء بما فيها المشتريات الحكومية.
وحول شروط منظمة التجارة العالمية على انضمام المملكة يرى الصقير انه من الأفضل ان لا توقع المملكة بتاتا على اتفاقية عدم تفضيل المنتج المحلي على غيره في المشتريات الحكومية، بل يجب ان يظل المنتج المحلي هو الأولى دون غيره وتقوم بتفعيل هذه الصلاحية بهدف تنمية الصناعة خاصة ان الصناعة بالمملكة ما زالت على تبعية كبيرة بالخارج.
ويرى المهندس الصقير ان سرد المزايا ليس وسيلة اقناع واغراء للمستثمر الأجنبي أو السعودي خاصة انه لا يوجد مزايا قوية, ويرى الصقير ان المصانع بالمملكة منشآت صغيرة تأوي اعدادا قليلة من العاملين فهي منشآت عرضة للفشل لأنها مرتبطة بشريك أجنبي ومعتمدة عليه بالكامل ولن يكون هناك تباشير أمل ما لم يتبلور نظام الضرائب بالنسبة للمستثمر الأجنبي.
ولكن ما هي الوسائل لعودة أكثر من 500 مليار ريال سعودي من الخارج.
وسرد المزايا للصناعة في المملكة غير مقنعة للتاجر والمستثمر السعودي الذي ما زال يفضل استثمار أمواله في الخارج, وما زالت الأموال السعودية تهاجر حتى وصلت الى فيتنام, والعروض حتى الآن غير مغرية للاستثمار في المدن الصناعية الجديدة وتحمل رجال الأعمال لتطوير المدن الصناعية بالكامل غير متوقع.
ويعود المهندس الصقير للحديث عن ضرورة تحديد الهدف من الصناعة ورسم صورة للمستقبل بما يتجاوب مع حاجة البلاد فلا بد من صناعة تحتاج الى اعداد هائلة من العاملين الشباب فلا بد من قيام الدولة بمسؤولية انشاء المدن الصناعية وتهيئة المواقع المناسبة للصناعة بعد النظر الى العوامل الأخرى اللازمة لقيام الصناعة, ويرى المهندس عبدالعزيز الصقير ان المشكلة تكمن في توزيع المسؤوليات في الصناعة على أكثر من جهة وليس هناك جهة تتولى التخطيط العام للصناعة وتهيئة الظروف المناسبة للصناعة، فالهيئة العامة للاستثمار ليست مسؤولة عن توفير الأرض الصناعية والمجلس الاقتصادي الأعلى لا علاقة له بمعوقات الصناعة الأساسية ونظام الاستثمار لا يأخذ في اعتباره المسائل الجانبية أو مواطن الاغراء وضرورة توفرها أو الالتزام منها بتحقيق الهدف من تكامل الصناعة.
وحول مستقبل الصناعة بالمملكة عام 2005م قال المهندس عبدالعزيز الصقير: ان هناك الكثير من الصناعات سوف تتعثر عدا الصناعات الأساسية ذات الاتجاه المبني على التخطيط مثل مصانع سابك وهناك صناعات مواد البناء تميزت بكبر حجمها, وكذلك بعض الصناعات الكهربائية التي وصلت الى مرحلة الانطلاق, أما الغالبية العظمى من المصانع السعودية فيرى الصقير انها ستتعثر بشكل كبير وقد ذكر ذلك لبعض المسؤولين في الدولة في مناسبة عامة خاصة في الغرفة التجارية بالرياض عندما قالوا ان الصناعات الصغيرة بالمملكة ستتعثر في ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
ولكن هل يتفق الضيف الثالث الدكتور عبدالله العبدالقادر مدير عام الشركة السعودية للصناعات الدوائية مع زميليه في تحديد موقع القطاع الخاص من الاستثمار في انشاء المدن الصناعية, وهل وجهة نظره مقبولة لدى المستثمرين في الصناعة, وقد توجهنا اليه للتعليق على هموم الصناعة ومستقبلها في المملكة ومستقبل الاستثمار الصناعي على مدى الأعوام القادمة.
يقول الدكتور عبدالله العبدالقادر ان الصناعة ليست الخيار الوحيد للتنمية بل هي احد القطاعات المرشحة للتميز دون الغاء أو تهميش لدور القطاعات الفاعلة الأخرى, ولكن الصناعة تتميز بأنها أكثر ملاءمة لخيار التنمية الشاملة وأكثر فاعلية, ويرى الدكتور عبدالله عبدالقادر ان المملكة بحكم موقعها لا يمكن أن تكون بلدا زراعيا منتجا ويكون القطاع الزراعي هو القطاع الفاعل في العملية التنموية، بل سيكون لدينا زراعة ولكن زراعة محدودة وبامكانيات معقولة تغطي جزءاً من الأهداف, كما انه لا يمكن القول بأن قطاع السياحة هو القطاع الرائد في مسيرة التنمية ولكن من الممكن ان يكون قطاع السياحة قطاعا فاعلا ومشاركا في عملية التنمية الشاملة وكذلك لا يمكن القول بأن قطاع الخدمات سواء البنوك أو التأمين أو الأعمال انه القاطرة التي تسحب العملية التنموية, فاذا استعرضنا هذه القطاعات والقطاعات الأخرى نجد ان الصناعة تتميز عن غيرها بقيادة بقية القطاعات في ايجاد محور من محاور التنمية الفاعلة بسبب توفر مصادر الطاقة وتوفر المواد الأولية مثل المواد الكربونية أو غيرها وتوفر الأموال اللازمة للاستثمار في الصناعة وسهولة نقل التقنية بفترة أقل وأقصر من مصادر متعددة.
ثم يعود الدكتور عبدالله عبدالقادر ليعرّف معنى الصناعة من وجهة نظره بأنها تحويل قيمة سلعة معينة الى قيمة أعلى من قيمتها السابقة وهو ما يسمى بالقيمة المضافة، وصناعات المملكة الرائدة تأخذ جزءاً من المواد المتوفرة وتحولها الى مواد أخرى أكثر فاعلية, والصناعات الدوائية ضمن هذا التعريف الشامل للصناعة تنطلق من مرتكز الحاجة وتكملة السلسلة في دائرة الخدمة الصحية.
وفي تقييم الدكتور عبدالله العبدالقادر لوضع الصناعة يرى ان من يريد ان يعمل فالمجال مفتوح والطرق ليست معبدة الا انه يمكن تجاوزها بقدرات الرجال,
والصناعة في المملكة يمكن ان يكتب لها النجاح وهناك دول جربت استراتيجية الحماية لمنتجاتها من الخارج الا ان هذه الاستراتيجية فشلت بالرغم من الحماية, وهناك دول بنت هذه الاستراتيجية على السعرية الرخيصة واكتشفت هذه الدول انها لا يمكن ان تنافس للسعرية الرخيصة وهناك دول بنت استراتيجيتها الصناعية على محدودية السوق أي ان الانتاج قدر الحاجة وبقدر استيعاب السوق وفشلت هذه المشاريع لأن الشجرة يجب ان تنمو وتزدهر.
وفي المملكة تتجه الصناعة نحو أسلوب المنافسة في الجودة والتحدي الكبير, ويرى الدكتور عبدالله العبدالقادر ان هناك نقصا في الأراضي الصناعية الا انه في المملكة لا يمكن ان تكون الأرض هي العائق ولا يمكن ان نعاني النقص من الطاقة الكهربائية والمملكة هي التي تمول العالم بالطاقة, أما الأموال فلدى المملكة الكثير من الأموال, المطلوب الآن معرفة استراتيجية الصناعة وأين تتجه؟ ومتى؟ وعلى أي أساس؟ وأكد الدكتور العبدالقادر ان الأرض الصناعية ذات الأجر البالغ 8 هللات للمتر لم يعد في المتناول حاليا, كما لا يمكن ان يكون سعر فولت الكهرباء 7 هللات.
ويوضح الدكتور عبدالله العبدالقادر ان الدخول الى منظمة التجارة العالمية لا يعني فتح الأسواق على مصراعيها كما ان المنظمة لا تعني حرية التجارة وفتح الحدود لمن اراد ان يأتي, والمملكة سوف تدخل المنظمة ولا يمكن ان تبقى خارجها, وسوف تدخلها بشروط معقولة, ويرى الدكتور العبدالقادر ان هناك جديدا في الصناعة وهو مطلب مهم ألا وهو تحديد استراتيجية الصناعة, مطلوب خطة صناعية تغطي 25 سنة من الآن,, وقد دعت المملكة عشرات الشركات الدولية للاستثمار بالمملكة لذا لا بد من استراتيجية توضح سعر الغاز وسعر الأرض على مدى 40 سنة قادمة وكذلك سعر الطاقة, ليس تحديد السعر بالرقم ولكن وضع آلية لتحديد السعر حتى يمكن للمستثمر اتخاذ القرار, فالمشلكة الأكبر هي تحديد الاستراتيجية الطويلة الأمد للصناعة في المملكة.
وحول جهود اللجنة الصناعية في بعث محفزات الصناعة لدى الدولة بتهيئة البنية التحتية للمدن الصناعية الجديدة قال الدكتور عبدالله العبدالقادر انه لا يتفق مع هذا الرأي لأن توفير البنية التحتية في حد ذاته استثمار.
وكانت الدولة في السابق توفر الأرض والقرض والمستثمر يبني المصنع.
الآن يجب ان يوفر القطاع الخاص الارض والتمويل لمستثمر آخر يقوم ببناء المصنع, فالبنية الأساسية أصبحت مجالاً استثمارياً, والدولة على حد قول الدكتور عبدالله العبدالقادر تنظم وتقنن وتصنع الاطار والقطاع الخاص يستثمر في انشاء البنية الأساسية واستغلال هذه البنية في العملية الصناعية.
ويكرر الدكتور عبدالله العبدالقادر حديثه عن الدورة الثانية في الصناعة بأنه لابد من استراتيجية للصناعات التحويلية بعد النجاح الذي تحقق في الصناعات الأساسية في الجبيل وينبع, ويؤكد أن الهيئة العامة للاستثمار تعمل على هذا الأساس, وأنه بدون رسم استراتيجية للصناعة فلن يكون هناك عمل قادر على المنافسة.
الدكتور عبدالله العبدالقادر يعمل في ادارة شركة للصناعات الدوائية ولديه تجربته الجيدة في الصناعة مثلما لزميليه ولكنه يتكلم من منطق مختلف عن منطق زميليه,
فالمهندس سعد المعجل والمهندس عبدالعزيز الصقير متفقان في الرؤية والهدف ويتفق معهما الدكتور العبدالقادر في ضرورة وجود استراتيجية للصناعة, في حين يصر الدكتور العبدالقادر على ان القطاع الخاص يمكنه الاستثمار في البنية التحتية وهو رأي يختلف معه فيه سائر رجال الصناعة بمن فيهم المهندس سعد المعجل والصقير.
ومهما كانت الخلافات فالدولة ماضية في تقديم الدعم وسائرة في رسم خطط التنمية، فالمجلس الاقتصادي الأعلى وهيئته الاستشارية جزء من هذا التوجه الكبير لمساندة الصناعة, والدولة ستكون مؤازرة لكل فكرة تحقق تقدم التنمية ولا يمكن ان تترك القطاع الخاص وحده في الميدان, والأموال التي تزيد عن 500 مليار ريال ويتم استثمارها في مشروعات صناعية في الخارج سوف تعود الى البلاد في ظل محفزات ومغريات للصناعة,
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved