أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th June,2000العدد:10112الطبعةالاولـيالأثنين 3 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

كشف الألغاز,,,عن جوانب من العلاقة,, بين المستهلك وشركة الغاز
حمّاد بن حامد السالمي
* في تقرير مفصل نشرته جريدة المسائية يوم الأربعاء الموافق لليوم السابع من محرم لهذا العام 1421ه؛ العدد 5294، مايثير الفزع والدهشة معاً، ذلك كونه يتعلق بحياة الناس، وبالسلامة العامة للمواطنين، ولهذا تعاملت معه الجريدة باهتمام فأبرزته على صفحتها الأولى، مدعماً بوجهات نظر مقبولة من إدارة الدفاع المدني بالرياض، ومن هيئة المواصفات والمقاييس في المملكة.
* وفحوى الأمر تتعلق بالتعامل مع الغاز المسال؛ (غاز الوقود) المعبأ في اسطوانات يتم تداولها بين مراكز التوزيع وبين المستهلكين، وجاءت تحذيرات قوية من الدفاع المدني بالأرقام؛ تشير الى انه تم تصنيع (ثمانية ملايين اسطوانة) قبل خمسة عشر عاماً، كان نصيب شركة الغاز والتصنيع منها؛ (أربعة ملايين وثلاثمائة ألف اسطوانة),, والخطر الكبير يكمن في أن جل هذه (الملايين) من الاسطوانات؛ ما زال يعمل، ويتم تداوله بين الناس، رغم انقضاء العمر الافتراضي له، والمحدد من قبل هيئة المواصفات والمقاييس ب(خمس عشرة سنة) فقط,,!
* ويعزز هذا التحذير الذي صدر عن جهة أمنية متخصصة؛ مدعماً بقياس علمي من جهة علمية متخصصة هي الأخرى ومسئولة؛ رأياً صادراً عن المصنع السعودي لأسطوانات الغاز في المملكة، فقد أكد على مؤشر العمر الافتراضي هذا لأسطوانات الغاز المستخدمة، وفقاً لتوجيه فريق علمي من الخبراء لديهم كما جاء في تقرير الصحيفة دراية كافية؛ وخبرة علمية وعملية لتقدير العمر الافتراضي لأسطوانات الغاز، الذي لا يتجاوز (خمسة عشر عاما).
* لكن,,,, وحسب ماجاء في التقرير نفسه؛ فإن شركة الغاز كما عودتنا دائماً تجدف ضد التيار؛ فهي (ترفض) العمر الافتراضي لاستخدامات اسطوانات الغاز؛ وهي ترى؛ أن عامل الخبرة الذي (تتمتع هي) به,,, يؤكد عدم تأثر اسطوانات الغاز بالعامل الزمني، ما دامت تخضع للفحص والمراقبة,,!
* ولي أن أبدأ كلامي مع (شركة الغاز المتفردة بهذه الخدمة)؛ من آخر الكلام,, فأقول؛ وبالله التوفيق متسائلاً: وأين هو هذا الفحص؛ ومتى كانت هذه المراقبة التي تزعمون وتدعون؟!
* إن ماجاء على لسان العقيد عبدالإله الجعيد؛ مدير إدارة الدفاع المدني بمنطقة الرياض؛ لهوالحق الذي ينادي به كافة رجال الدفاع المدني منذ زمن طويل، وهو ناقوس خطر يجب ان يتنبه له المستهلكون والمسئولون في شركة الغاز على حد سواء، لأن حوادث كثيرة تتسبب فيها اسطوانات الغاز في الدور والمنازل، ويذهب ضحية لها أبرياء في كل وقت، وسجلات الوقائع اليومية للدفاع المدني خير دليل على ذلك، وشركة الغاز (المحترمة) تقول: إنها (تتمتع),,! بخبرة,, وهي في واقع الأمر تتمتع بما هو أبعد من الخبرة التي تدعيها، فهي تتمتع (تحديداً) بمميزات استثمارية كبيرة من الدولة التي تشجع القطاع الخاص، وتتطلع إلى ان ينجح في تدعيم السياسة التي تستهدف خدمة المواطن ورفاهيته بالدرجة الأولى، لكن واقع هذه الشركة اليوم يقول بغير ذلك، فهي مثلاً,, قامت قبل حوالي اثنين وعشرين عاماً على انقاض شركات ومراكز صغيرة، واستفادت من الدعم الحكومي المتمثل في منح وتسهيلات ومقار لها في كافة المدن والمناطق، وظلت تعمل على استغلال المستهلك أكثر وأكثر، فلم يتوقف هذا الجشع عند حد طرح اسطوانات مصنعة لديها بأسعار تتضاعف بين فترة وأخرى؛ حتى وصلت أخيراً إلى اكثر من (مئتين وعشرين ريالاً),, بل ظلت كل اسطوانة من هذه تبيض ذهباً للشركة ومراكز التوزيع في السوق، فالمستهلك يشتري الاسطوانة جديدة اليوم، وفي كل مرة للتبديل، يُعطى أخرى قديمة، حتى يجد نفسه مضطراً لشراء أخرى جديدة، فلا تمضي فترة العمر الافتراضي المحدد بخمسة عشر عاماً، إلا وقد دفع المستهلك قيمة ثلاثين أو اربعين اسطوانة,,! فهل هذه هي خبرة الشركة في تدوير الأسطوانات بين المستهلكين؛ وحلب أموالهم باستمرار,,؟ دون ان يكون هناك علاقة منظمة بينها وبين المستهلكين؛ تجعل من المبلغ المدفوع في اسطوانة لأول مرة تأميناً لدى الشركة، يحق لصاحبه تبديل الأسطوانة كلما تقادم العهد بها بأخرى نظيفة وسليمة؛ (أوحتى جديدة من الشركة)؛ بموجب هذا التأمين,؟
* قال لي أحد الأصدقاء عندما قرأ رأي الشركة في مسألة الخبرة والعمر الافتراضي الذي لا تعترف به، بأنه دفع خلال عشر سنين في تبديل وتغيير اسطوانة غاز واحدة؛
أكثر من خمسة آلاف ريال,, فهل هذا هو ما تريده شركة الغاز، التي (تتمتع) بالدعم الحكومي؛ و(تتمتع) أكثر بالانفراد في سوق المملكة الكبير، الذي لا يضاهيه في استهلاك الغاز (تحديدا) في الشرق الأوسط أي سوق آخر,,؟
* وهناك أكثر من مأخذ على شركة الغاز (المحترمة),, من ذلك أنها ومنذ ربع قرن تقريبا، لم تسع الى تطوير أسلوبها في التعامل مع السوق, هي فقط جابية، فلا يوجد لها حتى اليوم أي مبادرة في تدريب السعوديين، ولم نسمع انها سعت الى تشجيع الشباب، وعقدت لهم دورات تدريبية، ومكنتهم من أخذ فرصهم الوظيفية التي يشغلها غير سعوديين حتى في قيادة السيارات,؟
* ومن الأمور الأخرى التي تبعث على الحيرة، وهي تدخل في صميم التطوير والمفهوم العلمي الذي كان ينبغي ان تأخذ به الشركة، ويساير الحركة التنموية في البلاد، مسألة استهلاك الغاز المسال المضغوط من خلال اسطوانات محمولة في الشوارع والمحلات والمنازل، فالشركة لم تفكر يوما ما في بدائل علمية متطورة ففي الدول غير البترولية، والتي تستورد الغاز من غيرها، توجد مؤسسات أهلية توصل غاز الوقود الى عملائها من خلال شبكة أنبوبية منظمة تحت الأرض، جنبا الى جنب مع شبكة الهاتف وشبكة الماء وشبكة الكهرباء، ونحن ندخل الألفية الثالثة بصورة أكثر بدائيةو تتمثل في مستهلكين يركضون للبحث عن منافذ توزيع للغاز ويحملونه في اسطوانات كبيرة مثل قنابل موقوتة على ظهورهم وعلى أكتافهم ورؤوسهم وفي سياراتهم وهاجس الانفجار ملازم لهم باستمرار.
* ومن الأمور التي (تتمتع) بها هذه الشركة انها كلما زاد سعر الغاز، عمدت الى خفض العبوة في الاسطوانة، وهذا امر معروف لا تنكره الشركة، وربما لديها تبريرات لا نعرفها، من واقع (الخبرة),, فهي عمدت الى خفض العبوة من (25 رطلا) الى (17 رطلا) بعد زيادة سعر الاسطوانة من (7 ريالات الى 14 ريالا) وهذا اجراء غير مفهوم في الحقيقة، كيف كانت هذه الاسطوانة التي تعمل منذ ربع قرن تتسع ل(25 رطلاً) وبعد زيادة السعر، تضيق بهذه العبوة فلا تتسع لأكثر من (17 رطلا),,؟
* وتدخل في هذه الاشكالية بين شركة الغاز وعملائها من المستهلكين للغاز، مئات الآلاف من الخزانات الحديدية الكبيرة التي تغذي الدور والمنازل الكبيرة، حيث دفع اصحابها للشركة مبالغ كبيرة يصل سعر الواحد منها الى قرابة (عشرة آلاف ريال) وكثير منها تجاوز عمره الزمني، فهل تواصل الشركة ممارسة (متعتها) بان يدفع المشترك قيمة خزان جديد كلما مر على خزانه خمسة عشر عاما؟ ام يضطر لتركه يعمل تحت الشمس والمطر (خمسة عشر عاما) اخرى ويدع القدر يفعل ما يريد,,؟
* ان الغاز مسألة متعلقة بحياة الناس، الكبير منهم والصغير، الغني، والفقير,, والذين يكتوون بنار سعر الغاز، واستحلاب الشركة من خلال تدوير اسطوانة، هم في الغالب، من ذوي الدخل المحدود، الذي لا يتجاوز مستوى دخل الفرد منهم خمسة آلاف دولار في العام، وليس في وسعهم التحول من غاز الوقود الى غيره، لانه لا يوجد بديل، وأيضا لا يوجد في الوقت الحاضر بديل منافس لشركة الغاز الحالية، يطور من أسلوب التعامل مع المستهلك، ويحفظ حقوق الناس، ويكون مقنعا في التعاطي مع هذه الخدمة.
* هناك مسئولية كبيرة على الإدارة العامة للدفاع المدني، في الحفاظ على السلامة العامة لكافة المواطنين وأنا اطالب اللواء سعد بن عبدالله التويجري مدير عام الدفاع المدني بان يضع مسألة اسطوانات الغاز (السائبة) التي انقضى عمرها الافتراضي في قائمة اولوياته، وان تبادر الإدارة العامة للدفاع المدني، الى اجراء دراسة علمية دقيقة، تأخذ في الاعتبار الوقائع اليومية للحوادث التي يباشرها الدفاع المدني، وعمل تصنيف وفرز لمعرفة الأسباب والمسببات، من اجل الوصول الى صيغة ناجعة لمعالجة خطر اسطوانات الغاز منتهية الصلاحية، والتي يسعى بعض مراكز التوزيع الى دهنها وإعادة تدويرها تدليسا وغشا للسوق وللمستهلك.
* ان كلام الشركة على ما تملكه و(تتمتع) به من ,,, (خبرة وفحص ومراقبة وقواعد وغيرها),, هو نوع من الالغاز لا أكثر, وواقع الحال في أسلوب وتعامل الشركة لتسويق غاز الوقود بين المستهلكين، يحمل الكثير من الألغاز، التي ينبغي كشفها بالمكاشفة الصادقة، والشجاعة المطلوبة من الشركة ومن المستهلك نفسه.
* وفي الختام,, اعتقد ان وجود أكثر من شركة اهلية في إدارة سوق غاز الوقود، هو ما ينبغي ان يكون، خاصة وان الشركة الحالية، عاجزة عن مواكبة الحياة الحديثة التي تتطلب مزيدا من التطوير والابتكار والتدريب والتأهيل، وان تلزم نفسها بنظم تكفل استمرار العلاقة الجيدة بينها وبين عملائها، ومن أسس هذه العلاقة حفظ حقوق العملاء والمستهلكين وعدم الاستخفاف بهذا الجانب الذي كان من المفترض ان تخدمه الشركة بشكل أفضل.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved