أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th June,2000العدد:10112الطبعةالاولـيالأثنين 3 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

قراءة في كتاب موجز تاريخ وأحوال عسير 1215 - 1341هـ
من تأليف تحقيق د, عبدالله سالم القحطاني
عرض م, فيصل فايز الأسمري
الكتاب يتكون من 300 صفحة من القطع المتوسط، مقسم على أربعة فصول، يبدأ الفصل الاول من صفحة 18 وينتهي عند الصفحة 30 ، وهو يتحدث عن لمحة حول تاريخ عسير منذ العام 1215 1341ه، ثم يبدأ الفصل الثاني من صفحة 32 الى صفحة 37 ويتحدث عن الادارسة في منطقة المخلاف السليماني بايجاز شديد والفصل الثالث يبدأ من صفحة 38 وينتهي عند صفحة 41 وهو يتحدث بايجاز حول عهد الوالي التركي على متصرفيه عسير سليمان شفيق كمالي باشا.
ومن هنا نرى ان الفصول الثلاثة الاولى عبارة عن 24 صفحة عدا مقدمة الكتاب أما بقية الكتاب فهي الفصل الرابع والذي يتكون من 259 صفحة ويشكل 95 في المئة من حجم الكتاب، وهو عبارة عن مذكرات الوالي التركي سليمان باشا، ولست ادري لماذا لم يشر الدكتور عبدالله في غلاف الكتاب إلى انه ليس من تأليفه بل قام بجمع وتحقيق مذكرات الوالي التركي.
وبالنظر الى الفصول الثلاثة الاولى نجد ان الايجاز كان شديدا ولم تعط تفاصيل تاريخية حول الاحداث، مما جعلها سردا سريعا لأحداث وقعت ومعلومة في جميع الكتب التي ألفت عن المنطقة، حيث لا تحليل ولا مقارنة ولا تمحيص، وليس ذلك بمستغرب اذا كانت هذه الفصول الثلاثة تشكل فقط نسبة 5 في المئة من حجم الكتاب وغلب عليها الأسلوب السردي.
أعود الى الفصل الرابع والذي هو موضوع الكتاب الفعلي بخلاف عنوان الكتاب الذي ليس له دلالة على المحتوى، هذا الفصل كما ذكرت آنفا يشكل 95 في المئة من الكتاب وهو عبارة عن 24 حلقة من مذكرات الوالي سليمان باشا والذي كان متصرفا لعسير منذ عام 1908م ولمدة اربع سنوات ونصف السنة، وقد ذكر المؤلف المحقق الدكتور عبدالله القحطاني انه سيورد نص هذه المذكرات كما نشرت في جريدة الاهرام وانها أي المذكرات تحتوي على اخطاء لغوية وكذلك أخطاء في أسماء المواقع والأماكن وأعلام المنطقة, وبناء على ذلك سأحيل الأخطاء الموجودة في مذكرات الباشا الى الدكتور، حيث انه المسؤول عن التحقيق والتنقيح سواء من الناحية اللغوية او التاريخية، وكذلك حول استخدام مصطلحات ومفاهيم قد تعطي دلالة تاريخية خاطئة لمن لا يعرف المنطقة عن قرب، وكذلك ضرورة للأمانة العلمية والتاريخية للأجيال القادمة.
حقيقة ان مذكرات الوالي التركي تعتبر قيمة تاريخية وفنية وأدبية لمن أراد البحث والتقصي في تاريخ وأحداث وآثار المنطقة, في بدية هذه المذكرات أي في الحلقتين الاوليين اعطى وصفا حول المنطقة من الناحية الجغرافية والموارد الطبيعية والناحية الديمغرافية السكان , بعد ذلك بدأ الوالي التركي عرضا شاملا للأحداث السياسية التي قامت في عهده ممثلة في الخصم العنيد محمد بن علي الادريسي في منطقة المخلاف السليماني وتهامة، كذلك مع الثوار في منطقة عسير وحصارهم للحامية التركية في أبها واخراج الحامية التركية من قلعة شعار.
وأوضح الباشا التركي كيفية اتخاذه للتدابير لاستمالة رؤساء القبائل ومنها الاغراء بالمال والزيارات التي كان يقوم بها الى أصحاب النفوذ من المشايخ، وكذلك استخدام أسلوب الترهيب في بعض الأحيان والمهادنة والمداراة في أحيان أخرى, الا انها جميعا انتهت بخروج الحاكم التركي الذي لم يقبل به أبناء المنطقة منذ ان تمكنت من انفسهم العقيدة السلفية ممثلة في دعوة الامام محمد بن عبدالوهاب وذلك منذ عام 1219ه في عهد الشيخ عبدالوهاب بن عامر ابو نقطة أمير ألمع وعسير ونواحي تهامة والذي كان يأتمر بأمر الامام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (1) ، وقد تخلل مذكرات الباشا التركي وصفا في منتهى الجمال سواء من الناحية الأثرية أو جمال الطبيعة فهو يقول في صفحة 231 : ولما كنت أتنقل في صحراء ذهبان قرب خميس مشيط لفت نظري أمر في منتهى الأهمية، فقد رأيت مرسوما على أرض الصحراء خطوطاً منتظمة طويلة جدا على امتداد بضعة أكيال وكل خط مواز للآخر موازاة تامة, فنزلت في الحال عن جوادي وأخذت أتأمل في هذه الخطوط فرأيتها عبارة عن أسس حجرية منتظمة مما يدل على انه كان فوقها جدران، فأخذت أقيس المسافات بين كل جدار وآخر فوجدتها مسافات متساوية وهي أربعون مترا بين الجدارين, والمرجح عندي في تعليل ذلك ان هذه البلاد لما كانت بلاد حضارة عظيمة في الأزمنة القديمة كانت مكتظة بالناس، وكان للأراضي الزراعية أهمية كبرى عندهم، فكانوا يفرقون بين المزارع والحدائق بجدران تهدمت وبقيت أسسها، وأنا لا يخامرني شك في ان حضارة عسير أقدم جدا من حضارة اليمن .
ويصف في موقع آخر أثراً لرسوم تاريخية على بعض الصخور فيذكر في صفحة 232 : فالرسم ذو لون قاتم ولون الصخرة مشرق، ومعنى ذلك ان الرسم كان ناتئا في الأزمنة القديمة ثم ذهبت عوارض الذبيعة بنتوئه فصار بمستوى الصخرة وللقارىء ان يقدر في كم الفا من السنين يمكن لنتوء حجر الجرانيت ان يزول, وان دقة الصناعة في هذا الرسم تدل على مبلغ عراقة السكان الأقدمين في الحضارة .
وحول جمال الطبيعة يصف الوالي التركي ذلك في احدى زياراته فيقول في صفحة 241 : وان الأراضي التي بين بيحان بلاد باللحمر وعقبة حظوة بلاد بللسمر ذات ميل وفيها غابات كثيرة تزين الجبال ومياه تنسي الانسان انه في جزيرة العرب، واذا انحدر الانسان من عقبة حظوة يفضي الى واد ذي جمال شاعري عجيب يمتد نحو ساعتين بين جبال قريش من بلاد بني شهر المزينة بصنوف الاشجار وانواع الزهور الجبلية التي يفعم النسيم شذى عطورها الطيبة ومن تحتها تجري مياه ليست غزيرة ولكنها صافية براقة انتهى كلام الوالي التركي وقد امتدح فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح رحمه الله رئيس محاكم المدينة المنورة سابقا غابة حظوة حيث تنزه فيها رحمه الله هو وأفراد اسرته فكان يسمع الصوت ولا يرى الشخص من كثرة الأشجار وتشابكها (2) .
الحقيقة ان هذه المذكرات قيمة أدبية وتاريخية كبيرة جدا، لو انها أشبعت تحقيقا وتنقيحا وتوضيحا وألخص فيما يلي بعض الملاحظات حول مذكرات الوالي العثماني.
أولا: تبرز هذه المذكرات وجهة النظر العثمانية في المنطقة من خلال ما كتبه الوالي وكان من المفترض ان يقوم المحقق بابراز الرأي الآخر الذي يمثل الجانب الوطني لدى رؤساء القبائل وذلك نحو أرضهم ومعتقدهم السلفي منذ مجيء دعوة الامام محمد بن عبدالوهاب الى المنطقة عام 1219ه وشدة تمسكهم بها (3) , وكذلك مقارنة ما أرخ له الوالي العثماني من حيث كونه صحيحا من عدمه، ولأن الكتاب مقدم الى القارىء العربي وبالأخص السعودي، كان الواجب توضيح أسباب ثورة زعماء القبائل على الحكم التركي وعدم ترك الموضوع سائبا.
ثانيا: الأخطاء اللغوية وخصوصا في أسماء المواقع والقبائل، فمثلا في صفحة 240 يذكر ان اول ما يلي قبيلة بللحمر من بلاد بللسمر هي قرية المصفى والصحيح هو المضفاة وكذلك صباح يقصد بها مركز صبح وهو حاضرة بلاد بللحمر، أما قرية البطن من بني قاعد فالصحيح هو آل بطين بالياء الممدودة كذلك هناك اخطاء املائية فالمحقق يكتب بللحمر على هذا النحو بالحمر وفي أحيان أخرى بالاحمر والصحيح والمعروف انها تكتب بتشديد اللام على هذا النحو بللحمر أو بللسمر أو بللقرن وعند التاريخ لمثل هذه المناطق العزيزة من بلادنا ماهو المانع للشخوص والوقوف على هذه المواقع وسؤال كبار السن والمشايخ حتى تأتي المعلومة صحيحة مائة بالمائة.
ثالثا: استخدام المحقق بعض المصطلحات والمفردات في غير محلها الصحيح، مثال ذلك مصطلح القبيلة حيث وصف به المحقق بطون بعض القبائل وهي ليست الا بطوناً من قبائل نجد استخدام مسمى أمير مكة وهو يقصد شريف مكة وان كان المعنى واحداً الا ان المتعارف عليه ان من كان يحكم مكة من الاشراف يسمى شريف مكة (4) , وبالنسبة للوصف الجغرافي نجده يقول الشرق الشمالي والمعروف هو الشمال الشرقي, اما اطلاق مسمى مدينة على قرية فهو منتشر في الكتاب وهذا غير صحيح, وفي موقع آخر في صفحة 241 يقول المحقق قرية آل خريم وهي مجموعة قرى لا تقل عن عشر.
رابعا: الأخطاء المطبعية منتشرة الى حد الازعاج فالجند تصبح جنا وألفي جنيه تصبح الفني جنيه وقس على ذلك.
وفي الختام أقول ان مذكرات الوالي العثماني سليمان كمالي باشا والتي نشرت في الاهرام القاهرية على حلقات، ابتداء من 6 نوفمبر 1924م, تعتبر قيمة أدبية وتاريخية كبيرة ولا تزال بحاجة الى مزيد من التنقيح والتحقيق والمقارنة وتوضيح الجانب الوطني لدى السكان المحليين من اهل القبائل وذلك حتى تقدم الى القارىء بطريقة تثري معارفه وكذلك للأمانة العلمية والتاريخية.
Email: Alasmary @ Saudia. Com
المراجع:
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد، للمحقق العلامة عثمان بن بشر، الجزء الاول ص 131.
(2) تاريخ رجال الحجر، للمؤلف القاضي سعيد بن رداد الاسمري ص 202.
(3) السعوديون والحل الاسلامي للمؤرخ محمد جلال كشك، الطبعة الثالثة.
(4) رحلة في بلاد العرب، تأليف موريس ثاميزية، ترجمة د, محمد بن عبدالله آل زلفة.
(5) رحالة غربيون في بلادنا، للعلامة حمد الجاسر.
(6) عسير، دراسة تاريخية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، تأليف د, غيثان علي جريس.
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved