أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th June,2000العدد:10112الطبعةالاولـيالأثنين 3 ,ربيع الاول 1421

الاقتصادية

وجهة نظر
سوق التقسيط والحاجة إلى التنظيم
د, محمد يحيى اليماني *
أصبح التقسيط سلوكا شرائيا شائعا في السنوات الاخيرة ولم يعد قاصرا على شراء منزل او سيارة بل امتد ليشمل معظم السلع المعمرة كالاجهزة المنزلية والاثاث وأصبح يستخدم لتمويل الانفاق على الخدمات الترفيهية كالسياحة والسفر بالاضافة الى تغطية الانفاق على الكثير من السلع والخدمات الكمالية, وقد ادركت الشركات والمؤسسات التجارية حاجة الناس الى استخدام هذا الاسلوب الشرائي او التمويلي فأوجدت العديد من البرامج والصيغ التي تخدم هذا الغرض, والملاحظ ان غالبيتها يتسم بالجشع والاستغلال والشروط التي تحفظ حقوق الشركات والمؤسسات كاملة غير منقوصة ولا تقيم وزنا لحقوق المشتري.
ويزداد الامر سوءا عندما توصف بعض هذه البرامج والصيغ بأنها متطابقة مع أحكام الشريعة وهي أبعد ما تكون عن ذلك ولو لم يكن من مأخذ شرعي عليها الا الجشع والاستغلال لكان كافيا لجعلها متضادة مع أحكام الشريعة.
والغريب في الأمر ان الشركات الموفرة لهذه الخدمة تصور الامر وكأن المستفيد الوحيد من هذه العملية هو المشتري وهم انما يقومون بخدمته والتفضل عليه بالبيع بالتقسيط فيعامل وكأنه مستجد لما عندهم.
والواقع ان البيع بالتقسيط يوفر مصدر دخل كبير للشركات والمؤسسات يتمثل في المبالغ المفروضة مقابل تأخير السداد والتي قد لا توجد عند البيع بالنقد لأنه ليس بالضرورة ان تتمكن الشركات من استثمار قيمة المبيعات النقدية مباشرة.
واذا كانت سوق التقسيط في السابق غير ذات أهمية فانها ليست كذلك الآن لذا فانه يجب وضع أطر وضوابط لحماية حقوق اطراف التعاقد وضمان عدم تعدي طرف في استيفائه لحقوقه وتجاوز الحد.
وفي جانب آخر يفترض ألا يلجأ الشخص الى هذا الاسلوب الا لشراء سلعة ضرورية او في حالة الضرورة الملحة لأن التوسع في الشراء عن طريق التقسيط يولد اعباء والتزامات مالية ربما يصعب الوفاء بها مستقبلا لا سيما اذا كان السبب المنشىء لاستخدام هذا الاسلوب هو قصور الدخل عن تغطية النفقات الحالية.
ومن الخطأ مقارنة الوضع محليا بما هو عليه في دول اخرى ينتشر فيها استخدام الاقتراض لتمويل شراء بعض السلع نظرا لوجود قواعد قانونية ونظامية تجعل من الاقتراض اسلوبا شرائيا مفضلا في تلك المجتمعات كالاعفاءات الضريبية لفوائد القروض.
انه من الضروري جدا ان يفكر الشخص طويلا قبل ان يقدم على عملية الشراء بالتقسيط وعليه ان يدرس البدائل المتاحة كلها والآثار المتوقعة لهذا القرار على المدى الطويل وما يرتبه من التزامات تمتد لعدة سنوات قادمة لئلا يجد نفسه قد سقط في فخ يصعب عليه الخروج منه.
ولا تقتصر الآثار السلبية للتقسيط على الفرد بل انها تمتد لتؤثر على اقتصاد المجتمع ككل، فهو يؤدي الى الاخلال بتوزيع الدخل والثروة والى تركز الملكية على المدى الطويل, وربما ادى الى انهيار بعض المؤسسات المالية وبالتالي ضياع أموال المساهمين او المودعين, كما انه احد الأسباب الرئيسية في تفشي المبالغة في الانفاق الاستهلاكي وبالتالي التوسع في الاستيراد او توجيه الموارد الاقتصادية المتاحة للمجتمع نحو بعض الانشطة الاقتصادية الكمالية واهمال الضروري منها.
لذا اتصور ان من المنطقي دراسة سوق التقسيط والبدء في صياغة النظم والقواعد الحاكمة لهذا النشاط وألا يترك الامر للاجتهادات والمصالح الشخصية لتسير هذا القطاع والذي يؤثر على العديد من فئات المجتمع حتى ولو لم تكن من المتعاملين معه سواء في الجيل الحالي او الاجيال القادمة.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved