أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th June,2000العدد:10113الطبعةالاولـيالخميس 6 ,ربيع الاول 1421

محليــات

لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ
د, خيرية إبراهيم
(27)
كلما هممت بالكتابة لكِ,,.
تذكَّرتُ تلكَ الصدور التي امتلأت بالأسئلةِ عنكِ,,.
وبكمِّيات الشَّجنِ التي أُرسِلَت تُشاطرني شَجَني,,.
يسألونَ عَنكِ,,, من تكونين؟!,,, وأين أنتِ,,,؟,,, وهل تعودين,,,؟ أم سوف تتمادين في بعدكِ؟!,,.
أما من تكونين: فلعلهم لايدرون أنكِ إنيِ,,,، ولقد أبلغتهم بذلك نداءات القوافل، وسار إليهم بهذا النبأ حادي الطرقات المديدة، مؤنس الوحشة، رفيق العيس,,.
ألم يقف معهم عند كل محطةٍ كي يُلقمهم شيئاً من كلامكِ الجميل، ذلك الذي تتزيّا به الحياة كل يوم في فجرها، وتنهض معطرة بنقاطه، قبل حروفه، وعندما يحل المساء، ترتديه سكناً يؤنسها يرحمها,,, يلمُّها من شتاتها؟,,,، وكلَّما حلَّت المواسم، ارتدته، وأنتِ قد طرَّزتِهِ بأنفاسكِ، ومعانيكِ,,,، وأبعاد دلالاتكِ,,,؟!
ألم يقل لهم السَّراب، إنه تحوَّل عند منعطف قولكِ إلى حقيقة، حملتها البحور مع ذرات أمواجها كي تطوف بموقع كلّ موجةِ، فتلقي إليها التحية، كي تمدَّ إلى الشاطىء فتثريه دفئاً وصدقاً وحباً، وتعود في جزرها كي تخبر البحر بما تحمله من نفحاتكِ وقد اغتسلت بها أقدام الشواطىء ونهايات الأشجار، وبدءِ بصمات الصغار في ذرات رمالها,,,، فتمتزج مياه البحر بها كي تتكوَّن اسطورتكِ,,, فيذهبُ بها الرُّواة، والقاصُّون، والشعراء، يحيون بها أيامهم ولياليهم، وصباحاتهم وأماسيهم؟!,,.
ألم يعلموا أنك بدايةٌ لا نهايةٌ لكل شيء,,.
وأنك نهايةٌ لا ما يأتي من بعدِك؟,,.
كيف امتزجت فيكِ البداية والنهاية؟! وكيف التقى عندكِ كلُّ شيء؟
ذلك ما أخبرتهم به,,, في لقاءاتنا الستة والعشرين,,.
وهأنذا ألتقيهم الآن حول موائدكِ,,.
أما أين أنت؟, فلعلهم لا ينسون ما قلته لهم، وما حَمَلَتهُ إليهم الحروف، وهي تفتح بوابات مراكبها، وتدعوهم إلى رحلة حيث تكونين، تطوف بهم سواحل النَّفس، وشواطىء القلب، ومساحات الكيان كله.
ألم يجدوكِ في كلِّ ذرةِ تنهضين لتكونيني؟، وعند كلِّ نبضةٍ تتوهجين لتعزفَ ليَ لون البقاء في صومعةِ الفناءِ فيكِ؟,,.
أيسألون عن مكانكِ، وقد قادتهم إليه اللمحة، والنبضة، على وهج الحس الذي ظلَّ يضيء لهم خطوة الدرب إليكِ، وتفاصيل الحظوظ؟!
ألم يأتوا خلال ستة وعشرين لقاء إلى عالمي بكِ، ويقتعدوا أركاناً وثيرة بما هو منكِ تَنَاثَرَت في الزَّوايا المنبسطة بين يَدَي هذا المكان,,,، ليجدوكِ قد عمَّرتِ تفاصيلَها بما هو منكِ، وبما هو أنتِ؟,,, ألم يجدوا الخارطَة التي تؤدي إلى مسكنكِ عند بصمةِ كلِّ حرفٍ سافرَ إليكِ وأخذهم في معيته، كوّن منهم موكباً احتفى بالرحيل إليكِ,,,؟ واحتفيت بهم معكِ؟
ألا يتذكرون المشي في سهوب الخيال، وأودية الحلم، وفوق مرتفعات الآمال، وعند زوايا منعطفات الإحساس حين كنَّا نُمرِّرُ اللحظاتِ في الحديثِ عنكِ كي نصلَ إليكِ؟
قلتُ لهم والمراكب تتحرك نحوك: هناك، حيث الطيف وقزحي الألوان، ومنازل كواكب الروح، ومستوى التقاء القطرة تودق في سهوب القطرةِ، والليل والنهار يمتزجان عند حوافِ بوتقة النبض تكونين,, كينونة الحياةِ، وبؤرة الروح، وملتقى التلاحم بين الرسيس والإحساس به أنتِ هنا,,,، دعوتهم ولا أزال أدعوهم إلى هذا العالم الملائكي كي يلجوه فيتطهروا أمام سماحة طهرك,,,، ويندوا مع رطوبة نداكِ وجودكِ، ويثمروا مع فيض عطائك وهِبَتِكِ، ياواهبة كل جميل,,, ألم أمسح بكِ عليهم فيجملوا بكِ؟,,, ولقد فعلت، لكنهم لمَّا يزالوا يسألون إمعاناً في شهوة الاستزادة منكِ فأفيضي,,.
أما هل تعودين, فإلى أين؟,,, وقد أشعلتِ لهم قناديل الدروب إلى سنا سماحتكِ وصفائكِ,,, وهَلَّلتِ لهم الحداةَ كي ينادوهم إلى وارف الظلال في أفياء النقاء الدوحي الذي تكونين؟,,, ألم أطلب إليهم أن يعتمروا إليكِ خوذات الصفاء كي تتجلل بمطر تطهيركِ عن أدران المواقع التي يمارسون فوقها دكن المروق من بوابات حياتهم,,,، ألم أطلب إليهم أن يكونوا إليكِ، فيكونوا إليَّ كي نبقى حالمين معاً في مدنٍ فاضلة نورانية بكِ؟
فكيف يسألون أتعودين؟ وأنتِ بعد لم تغادري لكنكِ ذهبتِ,,,؟
وبين بقائكِ وذهابكِ خيط فاصل كما هو بين الأبيض والأسود ولكن في مفهوم كيانكِ وملكوتكِ وعالمكِ الخاص الذي أحيا فيه وأدوم,,, وقد فتحتِ لي ولهم أن نسكنه ولا نغادره,,.
أيمكنني اللحظة أن أقول لكِ: هل قدرتُ أن اجتلي غيبية الأسئلة في صدورهم، إلى وضح المثول إليكِ؟,,, وهل أضم شجونهم إلى شجني كي تعزفي لنا لحن الفناء في دفء بوتقات العطاء، والتطهير، والصفاء، والحب الذي تكوِّنين؟!,,.
أدري أنكِ لا تساوينني بسواي
لكنني أعلم أنكِ ايضاً لا تبخلين عن سواي,,.
فاهنئي حيث تكونين، وحيث أكون إليك,,, ولتأتوا مولجة لكم الأبوابُ فأدلجوا.
ولا تتوجسوا,,, ذلك لأنها لن تغادركم إلّا إليكم,,, كما لا تغادرني إلا إليّ.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved