أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th June,2000العدد:10113الطبعةالاولـيالخميس 6 ,ربيع الاول 1421

عزيزتـي الجزيرة

إلى معلمي العربية مع التحية:
ليس كل عالم يصير معلماً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن لغتنا العربية آية باقية، ومعجزة خالدة، ذات عمر مديد، وذكر يتكيف مع كل جديد, تكفل الله بحفظها حين تكفل بحفظ كتابه الذي نزل بلسان عربي مبين: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، وهي أكمل لغات البشر، وأحصنها قواعد، هذه اللغة لا ينضب معينها، ولا ينقصها كثرة الورود إليها، بل لقد أمدت أكثر لغات الأرض من ألفاظها، ففي كل لغة منها أثر، فمادتها غزيرة، ذات قدرة على مواكبة العصور، والنهوض بكل فكرة من غير قصور, فهي بحر لا ساحل له، مليء بالجواهر واليواقيت فعلى قدر الغوص تكون الجواهر واليواقيت.
لكن هناك اموراً عكرت صفوها، وأسدلت الحجاب على صحوها، فجعلت أبناءها ينفرون منها، ويشتكون من الضعف فيها، ولعل من أهمها ما يلي:
1 الطريقة المنهجية، حيث تجد تلك التعريفات التي مزج فيها النحو بالمنطق، فأخرجته عن كونه وسيلة لفهم العربية وسلامة اللسان الى علم مستقل معقد لا تكاد تثبت فيه مسألة، والأصل في هذا ان يكون التعريف مصاغاً بأسلوب يسهل تقريبه الى الأذهان وذلك من خلال معرفة إدراك الطالب ومرحلته، فلا يكلف بما هو فوق إدراكه.
2 شخصية المعلم، فليس كل من علم شيئاً استطاع أن يعلمه، وما كل عالم يصير معلماً، لذا ينبغي ألا يكون في هيئته، ولا في لهجته، ولا في أسلوب معاملته، شيء غريب، يجعل المتعلم في حيرة من أمره، فلابد من العمل مع القول، حتى يصبح النحو سلساً مفهوماً، لا يحتاج الى تفسير وفك طلاسم.
3 التقليد المطلق، فنجد أن العلماء القدامى اعتمدوا في جمعهم المسائل النحوية على ما وثق به من كلام العرب وأدبها، وهذا الأمر سبَّب خللاً، لأنه نتيجة استقراء ناقص، فمن المحال استيعاب جميع ما ورد عن العرب، فنجد من تبعهم في هذا النهج حذو القذة بالقذة فوقعوا في مزالق يصعب الخلاص منها، مما جعل بعضهم يخضع التراكيب القرآنية لتلك القياسات والتقعيدات، فما كان موافقاً اعتد به، وما كان مخالفاً كان شاذاً, ولو كان الاعتماد على كتاب الله الذي هو غاية الكمال في الفصاحة والبلاغة لكان ذلك أسلم وأقوم.
4 السؤال عن العلة والسبب لكل ما نطقت به العرب، مما جعل أولئك العلماء يوغلون في الخيال، ويبعدون عن سلوك أقرب الطرق لاستقامة اللسان ثم الوصول به إلى البلاغة والبيان، وهذا الأمر جعلهم يختلقون أشياء لتسلم لهم القاعدة، وتنطفئ بها نار الفئة الحاقدة، من ذلك قولهم إن الناصب للفعل المضارع الواقع بعد أو، وحتى، ولام الجحود هو أن المضمرة وجوباً، وإن الاسم الواقع بعد إذا مرفوع بفعل يفسره المذكور بعده، فلماذا نشتت الأفكار؟
ولماذا لا نقول إن الناصب هي تلك الأدوات حتى، اللام، أو ، ولماذا لا نرفع الاسم على الابتداء؟ إذاً فلنترك تلك الألغاز والأحاجي ولا يكن حالنا كحال مَن قيل فيهم:


ومن العجائب والعجائب جمة
قرب الدواء وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول

وقد نادى بهذا كثير من المربين وعلى رأسهم العلامة الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- من سنين عدة.
آمل ألا يحمل كلامي على التقليل من شأن علمائنا أو الدعوة إلى هدم تلك القواعد، فأنا ما قصدت إلا حفظ هذه اللغة من خلال قواعد ثابتة تعد وسيلة لسلامة الكَلِم وعصمة اللسان من اللحن والزلل، والله الهادي الى سواء السبيل.
عبدالإله بن فرج الحراجين

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved