أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th June,2000العدد:10122الطبعةالاولـيالخميس 13 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

قصة قصيرة
قرار أم,,,!
منيرة ناصر
لم تكن الثانية بعد منتصف الليل بالتي تقلقها,,, ان تظل ساهرة حتى هذا الوقت حالة اعتادت عليها، بل ربما هي تستدعيها فكل قراراتها الهامة اتخذتها في مثل هذا الوقت، غير ان هذه المرة تختلف كثيراً فالقرار اتُخذ مسبقاً فقط عليها أن تقرر لحظة البدء,,,! لذا عليها ان تكون أكثر ثباتاً وأكثر تماسكاً، حتى وإن تصنعت الاتزان، قد تنفلت قواها لحظة لكنها ستعيدها أكثر قوة, لكن هذا اللهيب داخلها يعيقها يحرق كل محاولاتها,, يفشلها لدرجة لا تحتملها فتهب من مقعدها، وتظل تذرع الغرفة بل كل غرف المنزل حتى تصل إلى تلك الغرفة,,! يظل قلبها يخفق بشدة وهي تخطو إليها,, كان الباب مشرعاً من كثرة مجيئها فقد تكون المرة العشرين أو حتى الخمسين وهي تكرر الشيء ذاته,, تدلف بتردد,, تقف عند رؤوسهم الصغيرة تتحسسها,, ثم تتراجع وهي تكتم شهقاتها إلى حيث مكانها وسط المنزل، بل قرب بابه الخارجي ترى أهي محاولة يائسة لانتظاره,؟
أشاحت بوجهها,, سدت أذنيها فصرير الباب يهز كيانها,, لكنه أيضاً لم يكن قد حدث,,!
رباه صرخت في أعماقها,, أي صوت هذا الذي أسمعه؟! لن يجيء اعرف ذلك لم يمض على زواجه سوى ثلاثة ايام ثم انا لا انتظره ولست مستعدة لذلك، بل حين يعود لن يجدني هذا قراري وتعض شفتيها وبعض اناملها,, تقضم ظفرها وتترك الآخر معلقاً وتتابع بأنفاس متلاحقة لست مخطئة هو اقترف ذلك عليه ان يتحمل سخفه, التفتت الى الساعة وهي تمضي بتثاقل عجيب حدقت فيها طويلاً,, أصبحت تغبطها وهي تعتلي جدار الغرفة، وتغبطها أكثر حين يحترمها الذكور برغم انثويتها,,! اعتدلت في جلستها وحدقت في الساعة أكثر كانت ترى انها تماماً مثلها منذ أكثر من عشر سنوات قد يكون الفارق بسيطاً - ربما - هذا الصمت الذي هي عليه دائما,,! قامت في محاولة لانتزاعها قد تحطمها لتصبح هذه المرة هي التي مثلها,,؟! اقتربت منها كانت لا تزال الثانية زادت نصفاً آخر فحسب تأوهت وانصرفت عن محاولاتها في اضطراب واضح,, فقد كان الوقت يمر بطيئاً وهي تخشى على قرارها ان يتمزق,, لكن كيف لها ذلك الغادر الذي لايستحقك دعيه واطفاله وانتصري لكرامتك.
وترفع أم عمر يديها إلى السماء وبصوت حاد تصرخ حسبي الله عليه وعلى أمثالك مالهم أمان .
وتبرز صورة نورة التي سبقتها في مأساتها وعاشتها قبلها تحاول اخفاء بعض الارتياح (!) قائلة: يجب ان تؤدبيه، أرمي صغاره عليه لا تجعليه يسعد بأيامه.
وتتكرر أمامها الصور مع اختلاف العبارات وكذا النوايا لتزداد قوتها، ويتقد قرارها، وليصبح جاهزاً للتنفيذ فقط خيوط الظلام التي لاتزال عالقة في السماء تصبرها وتعيقها ايضاً,, ستفعلها حتماً لن تشفق على أحد,,!
كانت قدماها وقتها قد ساقتها حيث باب غرفتهم اقتلعتهما بصعوبة وعادت وراءها، تكتم شهقاتها تحاول ان تمحو صوراً تدق في رأسها ان يعيشوا بدونها وتظل بدونهم,,! نفضت رأسها,, صكت اسنانها وأغمضت عينيها في محاولة لطردها ثم استسلمت لأي معاناة ومن أي نوع المهم ان تنتصر لنفسها والأهم ان تحطم سعادته وإياها,,!
ظلت كذلك وقتاً لا تدري أطويل هو أم قصير كل ما تعرفه انها كلما وصلت إلى قرارها عادت تنسجه من جديد,,! وفي كل مرة تبيح لنفسها ما ستفعله بجرأة لم تعهدها كانت مندهشة من نفسها لقد اصبحت تقرر وحدها دون ان يشاركها هو قراراتها او حتى يمليها عليها,,! سخرت بأسى وهي تكتشف استسلامها
لماذا لم تكن ترى ذلك من قبل؟!
أحقاً كانت كذلك؟ ام الآن فقط؟
قلبت صفحاتها معه,, لم يكن سيئاً كما تقول جاراتها!
ولم تكن هي بالتأكيد كذلك,, فلمَ افترض ذلك,,؟
اندفعت تأوهات ساخنة من اعماقها لتنطفىء من جديد فلم يعد يهمها ان يجيبها على سؤالها كما انها لا تريد ان ترق لحاله,,!!
انتفضت فجأة تذكرت صغارها,, هرولت وقد تناثرت أفكارها,, تُرى كم مضى من الوقت دون ان تطمئن عليهم؟
دخلت,, انه حازم ذو السنتين يقف في سريره وقد انعكس ضوء القمر على جبينه فكأنه القمر ذاته على صفحة الماء,,!
كان للتو قد قطب جبينه وجمع شفتيه واستعد ليطلق حنجرته مناديا لها في بكاء مر كعادته وحين اقتربت منه وتبين ملامحها افتر ثغره عن ابتسامة عريضة وشهق في فرح يمد كلماته مداً,, م,,ا,,م,,ا ماما.
التقطته وضمته إلى صدرها حتى لكأنها اصبحت كلها قلبا كبيراً يحوطه بحنان العالم كله.
سالت دموعها كما لم تفعل من قبل تأملت صغيرها حاولت ان تتبين ملامحه وبين دموعها,, كان قد ارتخى بين ذراعيها,, وقد نام في اطمئنان بالغ,, ضمته الى صدرها وقررت اخيراً وبصوت مبحوح همست لصغارها لن أترككم حتى لو جمع كل نساء الدنيا.
أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved