أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th June,2000العدد:10122الطبعةالاولـيالخميس 13 ,ربيع الاول 1421

محليــات

لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ 28
د, خيرية إبراهيم السقاف
لأوَّل مرَّة ألتقيكِ وأنا أتوجس,.
ولتوّي قد فرغتُ من قراءةِ آخر درسِ تعلَّمّتُهُ على يَديكِ,,.
لقد استطعتِ وَحدَكِ أن تُعلِّميني ما لم أتعلَّمّهُ طيلة هذه الرحّلةِ الممتدَّةِ، المتُشَعّبةِ ،العجيبةِ,,, المكتظّةِ بالأحداث، والمواقفِ، والوجوهِ,,, والكلامِ,,,!!
بعضُ المحطّاتِ عَبَرت ولا أتذكّرُ منها سوى بعض ملامِحِها,,,، بصمةٌ في الذاكرة، بأننَّي عَبَرتُ من ههُنا ثم مضَيتُ,,,!
وبعضُها أتذكّرُ أننَّي توقّفّتُ طويلاً قبل أن أغادرها، وعندما غادرتُها ظَلَلّتُ أفكَرُ فيها، لأنَّها كانتّ من الصعُّوبةِ أن تَذَهَبَ دونَ أن تَبقى,,.
وبَعضُها عِشتُ فيها، وأخذّتُها في معيّتي، أتنقَّل بها، ومعها، ولا أتَجاوزها، أَو أتَخلَّى عَنها,,!!
بَعضُ المحطَّات كانت كالصَّدى العابر,.
وبَعضُها كالصوت المارق,.
وبعضُها كالفِعلِ الموشُوم
وبَعضُها خليطٌ بين القولِ والفعلِ,.
أو بَين الخيالِ والصَّدى,,،
وأنتِ في كلِّ المحطَّات عَبَرتِ معي,.
أنتِ تعلمين ذلك,.
وأنتِ لا تنسين أبداً أنكِ من يُخطِّطُ لي توجهاتي,, وخطوطَ مساراتي,,، ومن يضبطُ بوصلتي,, ويُوَجِّهُ شاراتَها,.
اليوم أجلسُ إلى كوب القهوة,, أسافر مع خيوط دخَّانه,, ضبابٌ كثيفٌ يخرجُ من فوُّهةِ الكوب,, يسافر متسقاً، فمتجزئا، إلى آماد هي ليست بعيدة أمام مجال الرؤية,, لكنها بعيدة,, متناهية,, ممتدة,, أمام الخيال الذي حملني إلى حيث ذهبَت هذه الأبخرة,, هي تعبق برائحة البن اليمني الداكن,.
لله كيف أجدكِ هناك في عمق لون القهوة في سويداء الخاطر، وبؤرة العين,.
ذات محطةٍ,, ونحن نجلسُ على طرف مركب يحملنا إلى عمق البحر,, تذكرين حين مددتِ قدميكِ إلى جوف المياه وهي تتلاطم مع حركة المركب!!
هناك في البحر ألقيتِ اليَّ بسرِ عظيم,.
اليوم التقطتُهُ وقد حملَته سحائبُ القهوة,.
ذلك السِّر هو أنكِ,, المدى,, والبحر,,, و,,, لن أضيف لأنكِ المحطاتُ كلُّها,, والمراكب كلَُها,, والأشرعة، والدَّفات، والبوصلات، والمطايا,.
هذه الدروس التي أوقفَتني كثيرا كي ترسليها إلى حسي وذهني ونفسي وخاطري,, لم تكن إلا مفاتيح كي ألج إلى تلك البحور، والآماد,,,، و,,, كل ما هو أنتِ
ولمّا بعد أنتهي من العبور بكِ كلِّكِ,.
ثريةٌ أنتِ,, ثريةٌ,.
تأتين في كلِّ اللحظات لأنكِ اللحظات,.
وتكونين في كلِّ محتوى لأنكِ الكنه لأي محتوى,.
وتبدين في كلِّ لمحةٍ لأنَّكِ تُشكلين أيَّ لمحةٍ بشيء منكِ
حظيةٌ بكِ,.
وأنتِ من يقول لي كيف تعزفُ النوارسُ رحلاتِ المروقِ في ثواني البوح
وأنتِ من تسحبين خيوط الخيال كي تنسجي الواقعَ,.
وأنتِ من تُدرِّين على الجفاف في الحياة فتندى,.
وتأتي بوارقُكِ,.
أشعر كأن الناس كلَّ الناسِ تحتاجُ إلى لحظةٍ واحدةٍ فقط من عمر الزمن كي تدخلَ إلى مدرستكِ,, فتشرق وتضىء وتندى وتسعدَ وتَخضَرَّ,.
أتدرين اللحظةَ لماذا ألتقيكِ اللحظة ولأوّل مرةٍ أتوجسُ؟
لأنني أشعُر بعجزي دونكِ,.
وبخوفي من عجزي,.
أنتِ كبيرةٌ,, ثرية,.
تكوِّنين الكيانَ لكلِّ الحولِ الذي يُحيطني,.
وأنا بجواركِ ذرةٌ لا أفي لهذا الكيانِ كلِّه,.
وأنتِ تكونين,.
فهلاً مزَجتِ المحطاتِ في واحدة,.
وحمَلتِني بجواركِ إلى حيث لا أعودُ إلى جزئياتها,.
فأظلُّ في منأى عن مواقع الثرى,.
إلى مدى المدى في مداكِ الذي يتمادى ولا ينتهي ,,,؟!

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved