أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th June,2000العدد:10136الطبعةالاولـيالخميس 27 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

شدو
مطعم العولمة للكوارع والشاورمة!!
د, فارس الغزي
إنسان بسيط,, بسيط جدا، علما ودخلا وحضارة, يقطن في قرية آسيوية معزولة عن العالم، عالمه قريته، وديدنه فلاحة الارض منذ بزوغ الشمس وحتى غروبها ومن ثم النوم قرير العين,, يطرق اسماعه بين الفينة والاخرى اخبار زملاء له اغتربوا في دولة بعيدة يسودها الثراء,, فيراوده حلم الذهاب الى هناك، وفجأة تتحق أمنيته بقرب تحقق الثراء! حيث تسقط عليه من السماء فيزا للعمل في السعودية فيشد الرحال تسابقه طموحاته بتحسين وضعه المادي ومن ثم العودة بأكبر عائد مادي, تتطلب رحلته الى السعودية ركوب القطار لأول مرة في حياته من القرية الى المدينة، مما يزيد من انبهاره الحضاري واوهامه كذلك! بل يتأصل حلم الثراء لديه فيمتطي احلام اليقظة في اللحظة التي يمتطي بها تلك الآلة الغريبة في نظره الطائرة وتعتريه نشوة بعد نشوة في اعقاب كل مرة تتحسس يده مقعده الوثير تارة، او وهو يرى المضيفات وهن باذلات ما في وسعهن خدمة له وتلبية لمطالبه كراكب تارة اخرى, وهكذا يظن ان حدسه قد صدق بالفعل ليجد نفسه في حلم يتمنى ألا يفيق منه، بل انه يرى معالم الثروة وقد بدأت بالهبوط عليه مع هبوط طائرته في احد مطارات المملكة، مما يجعل منه املاً ببلوغ امل لا يفصله عنه سوى ضابط جوازات المطار.
ينهي الاجراءات، يستقبل كفيله ويأخذه للسكن المعد له, يباشر عمله في سوبرماركت اغذية، ويتعاقب عليه الليل والنهار وهو ينتظر الثروة الموعودة ولكن,, تبدأ إمارات اليأس تدب في كيانه, يبحث عن وسيلة اخرى, يقع تحت تأثير ممن سبقوه بالحلم من ابناء جلدته ممن افاقوا على واقع لم يتوقعوه، يكثر من اختلاطه بهم، يتعلم اسرار مهنة جديدة من شأنها تعويضه فقدان ما نسجه في الخيال في رأسه.
يتلكع! صاحبنا، يستأجر خرابة تسمى عقارا، يبدأ يغش ويغش ويغش: يبيعنا لحوما مجهولة المصدر، يزوّر صلاحية المواد الغذائية، يبيع كوارع تنزف جراثيم ومكروبات، يزيّف الاصلي ويؤصل المزيف، ونحن نستهلك ونستهلك ونستهلك، فلا نفيق إلا على صدى ضجة صحفية تفيدنا بالقبض على عصابة تغشنا بطعامنا وشرابنا بل وتقتلنا ببطء وحق وحقيق والموت حق!! .
يزداد ضياع حيلتنا، تؤنبنا غرائزنا على اتكاليتنا، تحوم كبودنا ، يمرض من يمرض منا, نبحث عن عزاء فنجده بمصدر بالوزارة الفلانية يفتل شنبه! مصرحا هنا وهناك بأن ثمة عقوبات رادعة تنتظر هؤلاء المجرمين ومن يحذو حذوهم مستقبلا، فقط لنفاجأ بخبر آخر تحت تصريح المسؤول يفيدنا عن سقوط نفر، رهط، ثلة، زمرة، فئام، جبلة، يعني ناس واجد واجد! : من جراء التسمم بشاورمة ملغومة بجرثومة مسمومة,, فتعاودنا حالة اليأس والخوف مما وراء اليأس.
في الصباح الباكر، يهرول الكفيل تاجر البندقية اقصد تاجر الشاورمة الى قسم الشرطة ويقوم بعمل اللازم وغير اللازم من الاجراءات فيفك قيد عماله من التوقيف فقط ليسارعوا ويقوموا بنزع لافتة المحل مغلق للصيانة! وتبدأ مباشرة العمل من جديد! يكرر الحدث نفسه، ويعيد المسؤول تصريحاته، ويستمر مسلسل الموت ببطء,, وعليه: ما الفرق بين جريمة القتل بعجلة! وجريمة القتل ببطء؟ ,, لماذا نلدغ مرات ومرات ومرات؟,, ماذا عن حيثيات مبدأ: من غشنا فليس منا؟ .
,, من يسعفني بإجابة فأنا في خضم حمارة القيظ، واوار الشمس، ولغز تكرر مثل تلك الجرائم، وطلسم غياب العقوبة الرادعة تعوزني,, تعوزني الاجابة,,!!
* للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved