أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th June,2000العدد:10136الطبعةالاولـيالخميس 27 ,ربيع الاول 1421

عزيزتـي الجزيرة

وقفات تربوية مع الشيخ صالح بن حمد آل ريس مع بدايات تعليم المرأة السعودية
بقلم الأمير: المعتز بالله آل سعود *
هو العلامة المشهور الشيخ صالح بن حمد آل ريس وهو عالم مبدع برز في ميادين العلوم المختلفة في عصره وهو ذو حافظة عجيبة وسلاسة في البيان حيث أنه إذا تحدث لا يمل المستمع من حديثه حيث ان غزارة علمه وإلمامه بكثير من المعارف جعلت من طرحه لوناً متميزا للسامع.
وقد عاصر هذا الشيخ الدعوة الى تعليم المرأة السعودية فكانت له مواقف فاعلة في توعية مجتمعه الذي لم يتقبل هذه الفكرة المستجدة ونظر إليها على أنها نوع من السفور ومخالفة لما ألفه من عادات وتقاليد.
فتعليم المرأة السائد آنذاك كان يقتصر على قراءة القرآن فقط لدى ما يسمى (بالمطوعة) والتي لا تتقن تعليم هذه المادة الكريمة بترتيل وتجويد وكان المجتمع يرى أنه عند هذه الحدود يجب أن يقف التعليم للمرأة وأما العلوم الدينية الأخرى كالفقه والتوحيد والعقيدة والحديث النبوي الشريف والتفسير والتجويد فلا وجود لها البتة في خطة التعليم آنذاك وأيضا تخلو هذه الخطة من العلوم الفكرية والاجتماعية التي حاجة المرأة لها ماسة.
ولقد حاول هذا الشيخ جاهداً إقناع هذا الوسط الاجتماعي بأهمية تعليم وتثقيف المرأة بألوان العلوم المختلفة شأنها في ذلك شأن نصف المجتمع الآخر من الرجال, فكان من وجهة نظره ان معرفة المرأة بالعلوم الدينية مكمل لعقيدتها وأن نهلها من روافد العلوم الفكرية الأخرى لا يتعارض مع دعوة الشريعة الإسلامية في طلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم ومسلمة, ولقد لاقت هذه الدعوة امتعاضا من أهل زمانه لأن نظرتهم محدودة فكان إقناعهم ليس بالأمر السهل وإنما يحتاج إلى عالم ذي حلم وأناة وحجة دامغة, وكان يتساءل كيف يصدر المجتمع الحكم المسبق لحجب المرأة عن التعليم بأفكار لا تستند الى منطق وعقلانية.
وقد استشهد لهم بأم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما وغيرهن من الصحابيات والفقيهات على مر العصور الإسلامية.
وحتى يزيل الغشاوة عن أعين المعارضين أخذ في عرض محتوى الكتب الدراسية وما اشتملت عليه من مبادئ دينية وعقائدية تهدف إلى ترسيخ العقيدة الإسلامية وإيضاح ما يتعلق بخصوصيات المرأة المسلمة بشكل خاص وأوضح لهم أن المرأة هي اللبنة الأولى في بناء الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي وأنه بين أحضانها وعلى يديها تتربى الأجيال الصالحة فلابد من صقل فكرها وإنارة دربها بالعلم والمعرفة الموافقة للشرع الإسلامي ونجح في إقناع من حوله في ذلك واستمر في دعوته بأهمية إكمال المرأة لمشوارها العلمي وعدم التوقف عند محطة المرحلة الابتدائية فقط, حيث انه أمام مجتمع ما زال عالقا به بعض الرواسب من العادات التي ترى أن تعليم المرأة يجب ان يتوقف عند هذه المرحلة فقط.
فكان كثير من العامة يباهي بأنه أوقف تعليم بناته بعدما أتقنّ فهم الأساسيات من الكتاب والسنّة.
ووجد الشيخ نفسه أمام مرحلة صعبة ودقيقة للغاية في سبيل إكمال مسيرة تعليم المرأة ولكن كما ذكرنا سابقا فمكانته العلمية واتصافه بصفات الزهد والورع والتقى كان لهذا دور بفضل من الله وتوفيقه في تسهيل مهمته.
وإن مما زاده اصراراً في موقفه من تعليم المرأة السعودية بعد حسه الوطني في الرفع من شأن المرأة السعودية في مجال التعليم والفكر النابع من الشريعة الإسلامية فمتابعته لتعليم المرأة في الدول المجاورة وتمكنه من الحصول على ذلك من خلال زيارات بعض العلماء له من الدول المجاورة وتباحثه معهم حول هذا الموضوع, وكذلك اطلاعه على المجلات والإصدارات العلمية والتربوية والتي تتناول مجالات تعليم المرأة, وما وصلت إليه من درجات علمية عليا في صنوف من المعرفة المختلفة وبما تقتضيه العقيدة الإسلامية.
ويزداد الشيخ سروراً واغتباطا وفخراً كلما علا سلم تعليم المرأة في المملكة او اتسع في مجالٍ من مجالاته.
رحم الله شيخنا ومن وقف معه في مساندة خطوات تعليم المرأة في تلك الفترة حيث ان هناك رجالا وجنودا مجهولين خاضوا ذلك الغمار، فكانت لهم وقفات تربوية في الخطوات الأولى في المسيرة التعليمية للمرأة السعودية, فحبذا ممن تتوافر لديهم معلومات عن هؤلاء الذين واجهوا تلك المرحلة بصمود وعزيمة ان يدلوا بدلوهم.
وختاماً نصلي ونسلم على معلِّم البشرية الأول سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
*جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved