أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 2nd July,2000العدد:10139الطبعةالاولـيالأحد 30 ,ربيع الاول 1421

الاخيــرة

المؤسسة
د, فهد العرابي الحارثي
مؤسسة الفكر العربي هي إحدى الريادات السعودية في مجال خدمة العرب,, والثقافة العربية على وجه الخصوص.
عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عن قيام هذه المؤسسة قبل عدة أسابيع استقبلها المثقفون العرب بكثير من الترحيب,, وكثير من التساؤلات: ما هي هذه المؤسسة؟ ما هي أهدافها؟ وإلى من تنتمي؟ وقد أجاب صاحب المشروع على جميع هذه التساؤلات,, كما أنه اغتبط كثيراً بمستوى الترحيب الذي لقيه اقتراحه.
وقد قال: إن هذه المؤسسة هي لرعاية الإبداع العربي وتشجيعه ودعمه، وقال: إن هدفها الأساس هو جعل الثقافة تصلح ما أفسدته السياسة أو بمعنى آخر، فإن هدفها هو تدعيم وحدة العرب من خلال مثقفيهم, فالثقافة العربية، بطبيعتها وبجذورها وبتاريخها، هي ثقافة موحَّدة بفتح الحاء المشددة ومن شأنها، بناء عليه، أن تكون هي الموحِّدة بكسر الحاء المشددة، وهي لا توحَّد ما هو موحد سلفاً وأصلاً، ولكنها تأخذه من حيث كونه قاعدة يمكن أن تجمع فيه، أو من حوله، كل العناصر التي تعيد إلى هذه الأمة تماسكها، وتدفعها بالتالي إلى إعادة تنظيم صفوفها، وإلى الأخذ بمعايير بناءة في ترتيب أولوياتها، ولهذا فهي تنفي أو ترفض كل أنواع الثقافة أو المثقفين الذين لن ولم يخدموا هذه الأغراض في أعمالهم أو في مواقفهم.
والمؤسسة لا تنتمي إلى أي نظام سياسي أو حزبي أو طائفي، وليست لها علاقة بأي حكومة، فهي عربية أهلية تقوم في تمويل مشروعاتها وبرامجها، على موسرين عرب غير رسميين من مختلف الأقطار العربية، وهي هكذا لا تنتسب إلى قطر بذاته، ولا إلى شخص بعينه، حتى ولو كان ذلك الشخص هو صاحب الاقتراح أو المشروع نفسه، فهو الذي أعلن بوضوح، في أكثر من مناسبة، بأنه سيسلِّم المشروع برمّته إلى المؤسسين أنفسهم في أول اجتماع لهم، وهم الذين سيضعون نظامه الأساس، وهم الذين سيقرون لوائحه التنفيذية، وهياكله التنظيمية، بل إنه يقترح أن تكون رئاسة هذه المؤسسة دورية، كي يبعد عنها شبح التنميط الإداري أو السياسي أو الاجتماعي، وكي يهيئ لها كل ذلك مزيداً من الحيوية والفاعلية والتأثير, كما أنه يقترح أيضاً أن تتناوب العواصم العربية كلها في استضافة تظاهراتها السنوية، وهي تظاهرات متعددة الفعاليات، مثل توزيع الجوائز، وتكريم كبار المثقفين والمبدعين، وتنظيم الندوات واللقاءات والمحاضرات ومعارض الكتب والرسم، وغير ذلك من الأفكار والبرامج التي تهيئ لخلق بيئات رحبة من أجل الحوار، ومن أجل التفاهم، ومن أجل دعم الأهداف الكبرى للعرب.
من الطبيعي أن يختار هذا المشروع ما هو موحَّد مثل الثقافة العربية لتلتف حوله هذه الاشتات التي تفرقت بها السبل والنزعات والسياسات والأيدلوجيات, فالشيء الوحيد الذي يمكن له أن يجمع كل هؤلاء هو الثقافة الواحدة وحول هذه النواة يمكن أن تنشأ وتنمو الأفكار والمشروعات التي تهيئ لقيام مساحات جديدة أو فضاءات أكثر ملاءمة للحوار وللتعاون، وللتأكيد على المشتركات العامة، ولنبذ كل ما هو طفيليات تفضي الى التقزم والتشرذم.
إن هذا المشروع بواقعيته وصدقه ليس من المشروعات الحالمة أو المتعسفة إن صح التعبير، فهو لا يلوي عنق التاريخ أو الجغرافيا، ولا يزعم أن بيده العصا السحرية التي ستفتت جبال القطرية، ولكنه سيبحث في المتاح وفي الممكن، وسيقول: إن هناك فرصاً أخرى للمّ الشمل، وهناك اشكال أخرى لتنظيم الصفوف، وهناك أنواع أخرى للوحدة,, وليكن من هذه الأنواع ما هو ماثل سلفاً: أي المعقل الأخير لما يوحد هذه الأمة,, وهو ثقافتها.
ووحدة الثقافة العربية لا تهدف إلى إلغاء الخصوصيات المتصلة بكل قطر على حده، بل إنها تعتبر تلك الخصوصيات تنوعا مطلوبا، ومن شأنه أن يزيد في ثراء التراث المشترك للعرب كلهم.
لقد ترك الأمير خالد الفيصل تفاصيل المشروع للجمعية العمومية، وللخبراء وللقانونيين وللمثقفين أنفسهم، فهو لم يشأ أن يقول هو وحده كل شيء، بل لابد أن يشاركه في ذلك كل شركائه المنتظرين.
ومما يبعث على الدهشة والعجب ان هذا المشروع لم يجد عند المثقفين السعوديين من الاحتفال ما لقيه لدى اقرانهم في دول عربية أخرى، على الرغم من أنه كما قلنا في بداية هذه المقالة يعد إحدى الريادات السعودية في مجال خدمة العرب,.
والمثقفون السعوديون، بناء عليه، هم أحرى الناس باحتضانه وبدعمه وبالوقوف إلى جانبه!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved