أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 2nd July,2000العدد:10139الطبعةالاولـيالأحد 30 ,ربيع الاول 1421

وَرّاق الجزيرة

ملاحظات تاريخية
الوسم عند العرب
عبدالرحمن بن منصور السليمان أبا حسين
كانت حياة القبائل العربية في هذه الجزيرة إلا ما تحضر منها تعتمد على التنقل وعدم الاستقرار، وتتبع مواطن الكلأ والرعي أينما كان، منذ العصر الجاهلي الى زمن قريب جداً وهونصف القرن الماضي حيث بدأ الاستقرار والتحضر في المدن والقرى، وقل الاعتماد على الإبل والغنم كثروة ووسيلة للتنقل.
وكان أهم أموال هذه القبائل المتنقلة وثروتها الحقيقية هي بهيمة الانعام وخاصة الابل والغنم التي لها خاصية التنقل معهم متى شاءوا، ومنها غذاؤهم وكساؤهم ومسكنهم وركوبهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: والأنعامَ خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافعُ ومنها تأكلون ** ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم الآيات 5،6،7 سورة النحل
ونظراً لما يحصل من تجاور لأفراد هذه القبائل وتزاحم البعض على المراعي وموارد المياه فلابد من اختلاط أنعامهم،وهي التي تتشابه كثيراً ممايصعب التمييز بينها بل قد يتعذر أحياناً معرفة الانسان مايخصه، لذا جاء في المثل الشعبي يخلق من الشبه أربعين هذا في الانسان فكيف بالحيوان؟ والغالب أن الفحل في ذود الإبل أو قطيع الغنم واحدٌ يختارونه لأصالته وحسن نسله ومن هذا جاء التشابه.
ولما كان هذا التشابه مشكلة بل معضلة تحتاج الى حل فكَّر العربي في هذه الجزيرة في ايجاد رموز وأشكال معيَّنة ثابتة باقية ما بقي الحيوان على قيد الحياة واهتدى بفطرته الى الكي بالنار حيث لايتغير أثره على مر الزمن، وهو كالعلامة الفارقة في عصرنا الحاضر لإحدى المؤسات أو الشركات، أو الماركة المسجلة على منتجات أحد المصانع.
وأصبح الوسم عادة مألوفة في هذه الجزيرة عند الحاضرة والبادية، أما البادية فيكثر استعماله عندهم في الابل دون الغنم، وذلك لكثرة ما يمتلكه الفرد من الغنم ووسم جميعها فيه مشقة وتعب، وابتدعت كل قبيلة وسماً عاماً لها يعرف بها وكل (فخِذ) منها يزيد عليه إشارة تخصه وتميزه عن الأفخاذ الأخرى من قبيلته وكان كبار السن في (نجد) يعرفون البدوي إذا دخل بجمله سوق البيع والشراء من حين رؤية الوسم لكثرة تعاملهم مع البادية.
والوسم دلالة على البدوي وقبيلته التي ينتمي إليها لذا يحافظ على سمعتها ومكانتها ويتحاشى أن يفعل مايسيء إليها.
ولذا يقول أحد شعراء البادية
مِن نشدني قلت ماني ب
مِن يمش الوسم عن خد المطيَّه
أما الوسم عند الحاضرة في قراها فلايقل شأنه عن البادية، ولماكانت الحاضرة جل ثروتها هي العقارات الثابتة من نخيل ودور كان اعتمادها على الانعام أقل، فهم يمتلكون الابل للسني عليها والسفر وطلب الرزق وتكثر عند الجماَّلين، كما يهتمون بتربية الأغنام فلا يخلو بيت منها, ومنهم المقل ومنهم المستكثر، فالبلدة (النجدَّية) المتوسطة يكون فيها ثلاثة رعاة أو أكثر وتبلغ رعيَّة الراعي مئتين من الماعز والضأن يسرح بها مع طلوع الشمس ويعود مع غروبها ونتيجة لاختلاطها فهم يَسمُونها مثل البادية وتزيد الحاضرة باقتنائها البقر وخاصة عند الفلاحين إلا أنها لا توسم عادة.
الوسم لغة
قال في القاموس المحيط ج 4 وسم الشيء: علامته واللفظ الموضوع على الجوهر والعرض للتمييز وفي مختار الصحاح للرازي وسَمَه يسمَةً: إذا أثَّر فيه بسمةٍ وكي، والوسمي: مطر الربيع (الأول) لأنه يسم الأرض بالنبات نسب الى الوسم، والأرض موسومة و (الميسَم) المكواة وجمعه مياسم، وفلان موسوم بالخير، وقد توسمت فيه الخير.
وفي لسان العرب الوسم أثر الكي، وموسوم: أي قد وسم بسمة يعرف بها إماكيَّة أو قطع أذن أو قرمة تكون علامة له، ومنها الصفة موسوم بالخير.
الوسم شرعاً
أباح الاسلام وسم الحيوانات وتعليمها للتمييز بينها ومعرفتها إذا فقدت وهو ضرورة تمليه الحاجة له وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قد وسم ابل الصدقة.
شكل الوسم ومكانه في الحيوان
يقوم الصانع بعمل (مِيسَم) من الحديد يطرقه على شكل معين حسب الرمز المطلوب المتفق عليه عند القبيلة أو الفخذ، ويمتلك كل فرد هذه الأداة في منزله ليستعملها عند الحاجة وقد يستعيرها من قريبه, أما كيفية الوسم فإنه يوضع (الميسَم) في النار حتى يحمر كالجمرة ثم يوضع على الموقع المراد من جسم البعير على الرقبة أو الخد أو الورك أو الكتف، أما الأغنام فالوسم لا يتعدى الأذن اليمنى أو اليسرى فقط.
أنواع الوسم
للوسم أنواع كثيرة وأسماءٌ معروفة منها على سبيل المثال
1 المغزل وهذه صفته T
2 العمود وهذه صفته 1
3 الباكورة وهذه صفته ؟
4 الباب وهذه صفته<
5 مطرقين وهذه صفته =
6 العرقاة وهذه صفته +
وكانت هذه الأنواع معمولاً بها في بلدان (نجد) وقد استمرت في بلدنا (أشيقر) احدى بلدان الوشم من إقليم (نجد) حتى جاءت النهضة العمرانية الحديثة بعد عام 1390ه ودخلت الوسائل العصرية اكثر مساكنها، وامتلأت الاسواق المركزية بمنتجات الألبان ومشتقاتها مما تسوقه المشاريع الحيوانية الجبارة.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا أمنها ورخاءها في ظل قيادتنا الرشيدة أيدها الله.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved