أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th July,2000العدد:10145الطبعةالاولـيالسبت 6 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية رسالة حضارية
د, ماجد بن عبدالعزيز التركي *
مدخل
الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية ميدان واسع، وقطاع مهم ومتميز على مستوى الدولة، وإن كان جديدا في شكله المتداول الآن، إلا انه قديم في مضمونه وعمله قدم هذه الدولة ايدها الله منذ ان وحدها الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله فالبرامج والمناشط التي تتحقق وتنطلق الآن من خلال هذا المسمى الشؤون الإسلامية هي ذاتها البرامج التي ترعاها الدولة منذ سابق زمانها، وتمثل الاهتمام المشترك بين القطاعين الرسمي والشعبي.
ويأتي ضمن مفهوم الشؤون الإسلامية اجمالا دعم برامج العمل الإسلامي، والعناية بشؤون الاقليات والجاليات المسلمة في العالم، وينضوي تحت هذا المجال تفصيلات متعددة لبرامج العمل القائمة في مجالات: الدعوة، والتعليم، والتثقيف، والرعاية الاجتماعية، والاغاثية وبناء المساجد والمدارس والمراكز، ويتعاضد في القيام بهذا العمل الحيوي عدد من المؤسسات على مستوى الدولة، فالمجلس الاعلى للشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد وبعض المؤسسات والهيئات العالمية التي توجد في المملكة وتسهم الدولة اسهاما كبيرا في ميزانيتها.
وان كانت الشؤون الإسلامية ميدان عمل قائم في كل يوم، وفي كل مجال من شؤون الدولة إلا ان المتابع يلحظ عمق هذا الميدان في كيان الدولة عندما تنهض بروح التكافل والتعاضد لنجدة محتاج او مستغيث فتنهض فيها منابع العطاء المتدفق بحماسه وبذل منقطعي النظير تحمل كل معاني الاستعداد لتلبية واجب النداء.
ليس من اليسير الحديث عن الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية بصورة عامة، فحال المتحدث في هذا المجال كالناظر من علو، في اي شيء يتأمل وهو يشاهد الكثير أمامه، وكل منها يعد انموذجا متميزا في مجاله، ولكن تنحصر العبارة في قولنا: ان الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية تمثل اسمى معاني الرسالة الحضارية والتواصل مع العالم الخارجي على كافة مستوياته.
الشؤون الإسلامية,, ريادة سعودية
أولت حكومة المملكة العربية السعودية عنايتها الخاصة بالشؤون الإسلامية كأحد اوجه اهتماماتها الخارجية مما جعل لها الريادة والتميز في خدمة هذا المجال على مستوى العالم الإسلامي ومن أبرز معالم هذه العناية ما وفق اليه المسؤولون في هذه البلاد من انشاء اجهزة متخصصة تتولى خدمة هذا القطاع، حيث صدر الامر السامي الكريم بإنشاء وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، والمميز هنا ان كافة اختصاصات الوزارة الجديدة موجودة سابقا بمسمياتها ومجالات عملها، عدا الشؤون الإسلامية فكأنما جاءت هذه الوزارة للعناية الخاصة بهذا المجال، وتوحيد قنوات العمل فيه.
وتلا ذلك الامر السامي الكريم بإنشاء المجلس الاعلى للشؤون الإسلامية وهذا الجهاز بالذات ابرز معلم من معالم عناية حكومة المملكة العربية السعودية وفقها الله في هذا المجال، حيث ضم المجلس عددا من اصحاب السمو الملكي الامراء والمعالي الوزراء، الذين يمثلون ابرز اجهزة الحكومة فأي اهتمام اكبر من ذلك فكأنما وظفت الدولة بأكملها لهذا المجال.
وتسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين ايده الله من خلال هذا القطاع المهم الذي هيأت له كافة الاسباب لأن تحقق اهدافها في المجال الخارجي، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:
نشر الدعوة السلفية، والتصدي للحركات والاتجاهات الهدامة.
العناية الخاصة بالاقليات المسلمة بمساعدتها والسعي لحل مشكلاتها.
ترشيد برامج العمل الإسلامي عامة وتوجيهها.
دعم العمل الإسلامي على مستوى العالم، سواء بصورة مباشرة، او من خلال المؤسسات الإسلامية المعتدلة.
تنسيق البرامج والمناشط الإسلامية السعودية بوجه خاص وتوجيهها بما يحقق اهداف الدولة في هذا المجال، وبما يتفق مع سياساتها العامة.
ووزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد تبذل الجهد المشكور في تحقيق هذه الاهداف من خلال برامجها ومناشطها المتنوعة.
الشؤون الإسلامية,, والدور المرتقب
ويمكن في هذا المقام تناول الدور المطلوب من الشؤون الإسلامية كقطاع إداري من خلال المجالات التالية:
أولا: في مجال توسيع برامج العمل الإسلامي وتنسيقها وتطويرها، ولاسيما ان هذا مجال واسع جدا تدخل فيه البرامج الدعوية والعلمية والثقافية وتشارك فيه مختلف المنظمات الإسلامية والمحلية والدولية، ففيه تتنوع الاعمال، ويأتي هنا دور الخبرة والدراية في التميز بينها، وانتقاء المناسب منها بما يحقق الهدف المنشود، ولابد ان الجهات المعنية بالشؤون الإسلامية قد لاحظت ذلك وادركت اهميته، وقامت بالدور المطلوب تجاهه في كافة مجالات العمل: العلمية، والدعوية، والاجتماعية، والثقافية ، التربوية منها او الاغاثية وتأتي اهمية التنسيق في برامج عمل الشؤون الإسلامية في توسيع نطاق برامج العمل وشموله لمختلف المجالات، بعد ان كانت الاعمال تتكرر في مجال واحد، وتنصب في اهتمام ضيق، ويسهم التنسيق من جانب آخر في تطوير ادوات ووسائل عمل الشؤون الإسلامية لأن التعاون والتنسيق بين الجهات المختلفة يحقق فرصة تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الآخرين، ويختصر الوقت في تحقيق المطلوب.
ثانيا: في مجال تحقيق الأهداف المباشرة للشؤون الإسلامية:
المملكة العربية السعودية دولة رائدة للعالم الإسلامي، وراعية للحرمين الشريفين، تحمل همّ المسلمين عامة، والاقليات الإسلامية بوجه خاص ولها اهدافها السامية في هذا المجال بما يندرج تحت مفهوم التضامن الإسلامي وتوعية المسلمين وتوجيههم الى الخير.
ويمكن تلخيص الدور المطلوب في هذا المجال بما يأتي:
1) نشر الدعوة السلفية: وهي المنهج الرباني الذي كان عليه نبي الامة محمد عليه الصلاة والسلام والمحجة البيضاء التي ترك الامة عليها، وعليها مسار خلفاؤه الراشدون والتابعون لهم بإحسان من سلف هذه الامة الاخيار، بعيدا عن الاهواء ومضلات الفتن وبدع المبتدعين.
2) محاربة الافكار والاتجاهات الهدامة: ان السير على المنهج الرباني الصحيح كفيل بالسلامة من التأثير بالاتجاهات والمذاهب الضالة، ويترتب على العمل نشر الدعوة السلفية نفي تلك الافكار والمذاهب الهدامة على ان يترافق مع ذلك جهد آخر ينصب بصورة مباشرة في مواجهة تلك الاتجاهات والمذاهب المنحرفة والتحذير منها.
وهذان مجالان استراتيجيان للعمل في الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية.
ثالثا: في مجال العلاقات الخارجية:
تنطلق الشؤون الإسلامية ببرامجها الى العالم الخارجي على امتداد الكرة الارضية فهي من خلال اعمالها على اتصال دائم ومستمر مع الهيئات، والمنظمات الإسلامية وغيرها في العالم، وحتى على نطاق الافراد من الشخصيات ذات المقامات العلمية، او السياسية، او الثقافية، او الإعلامية، فأسلوب العمل والتحديد الدقيق لأهداف كل برنامج يؤثر بصورة مباشرة في علاقات هذا القطاع بتلك، فهنا يأتي دور برامجنا في توجيه أفكارهم وتصحيح مفاهيمهم وتعليم الجاهلين منهم امور دينهم.
الشؤون الإسلامية والعمل التطوعي
ان المراجع لواقع العالم الإسلامي، واحوال الاقليات المسلمة في العالم واحتياجاتهم المتواصلة يدرك اهمية بناء العمل التطوعي ودعمه تقديرا لاهميته في مساندة الاسهام الحكومي لتلبية احتياجات المسلمين ورعايتهم.
مضت عقود زمنية عدة على بدايات العمل التطوعي الخيري بداية من جهود الافراد الموسرين، وانتهاء بالعمل الخيري المؤسسي، خاض هذا النوع من العمل تجربة طويلة ادت نتائجها الخيرة في هذا المجال وكأي بدايات عمل فإنها لا تخلو من ملحوظات ومستدركات وان كانت المقارنة غير واردة نظرا للخير الذي تحقق من خلاله، إلا ان الملحظ الاساسي في هذا المجال هو غياب التنسيق في مجال تبليغ رسالة الإسلام، والذي يعد احد معاني التعاون على البر والتقوى الذي وجهنا اليه ديننا الحنيف.
وينتهي الحديث هنا بأنها مرحلة فرضت نفسها بحكم واقع الاحتياجات، ولكن الحديث يعود مرة اخرى في ظل وجود قطاع رسمي متكامل يُعنى بكافة اوجه العمل الإسلامي على المستوى الخارجي، وهو وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، يعود الحديث هنا مرة اخرى للتأكيد على ان مرحلة العمل الاجتهادي ذات الطابع الفردي المستقل انتهت لتبدأ مرحلة جديدة تحمل بجدية معالم التنسيق والتعاون المشترك، وتبادل الخبرات، ولا اكون مبالغا عند التأكيد على ضرورة ان تنطلق الافكار العملية للعمل الإسلامي الخارجي التطوعي من خلال المؤسسات الرسمية، وليس فقط مجرد التنسيق الميداني، ففي هذا مصالح عدة، ولا اقل من تحقيق الآتي:
1) توفير الجهود والامكانات بدرء اسباب الازدواجية.
2) سد الطريق أمام المنتفعين الذين يتوقف همهم عند الاخذ من هذا وذاك.
3) تحقيق اكبر قدر ممكن من شمول برامج العمل لمواطن الحاجة.
4) تحقيق احد ابرز معالم امتنا الإسلامية وهو الوحدة والائتلاف بين افرادها بما يغلق الطريق أمام الذين يسعون لاحداث الفرقة والتنافر ولضمان ان يكون الجهد والعمل في مكانه الصحيح.
إن بدايات التجربة في هذا الاتجاه تؤكد اهمية الانصراف الكامل لإحداث اساليب ووسائل مناسبة لتحقيق التنسيق والتعاون بين الوزارة، وكافة الافراد والهيئات والمؤسسات الخيرية التي تنطلق من هذا البلد الكريم فالهدف واحد والغاية السامية مشتركة.
والله الموفق.
* أستاذ السياسات الإعلانية المساعد
الرياض
E. Mail: Maj. Al Turki@ naseej.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved