أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th July,2000العدد:10145الطبعةالاولـيالسبت 6 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

كل سبت
(خلق الداعية المسلم وواجباته)
عبدالله الصالح الرشيد
ما أحلى الموعظة الحسنة وما أجمل الدعوة الى الله بالرفق واللين ولا أحسن من الداعية القدوة في سلوكه ونبل تصرفه وما أطيب التسامح والعفو وطرد الشكوك والاوهام,, ان لنا في رسول الهدى قدوة حسنة ومثلاً يحتذى ومناراً يهتدى به.
لقد وصف ربنا رب العزة والجلال رسولنا ونبينا عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم بقوله تبارك وتعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) والاخلاق الحسنة صفة سامية يجب أن يتحلى بها المسلم ويتصف بها الداعية ويجب ان تسود في مجتمعنا فهي خلق الاسلام وبدون هذه الصفة المميزة يكون الانسان المسلم مجرداً من أهم سلاحه بل ويبعث النفور فيمن حوله,, إن للأخلاق الفاضلة المفعول المباشر والتأثير المثمر في غرس النواة الطيبة في حياة وسلوك المسلم بحيث تكون حياته كلها عطاء وإشراقاً وإيماناً واستبشاراً وبالأخلاق وما تدعو إليه من فضائل يستطيع الداعية المسلم أن يصل مباشرة الى قلوب البشر عندما يعطي القدوة المثلى في تصرفه ومعالجته للأمور مهما صعبت وتشابكت,, وللدعوة الى الله من منبع الأخلاق آداب وفضائل وصفات يجب أن يتحلى بها الداعية وليس كل موظف او متخرج أو من لديه نزر من التعليم يصلح لهذه المهمة السامية فالدعوة على هدى وبصيرة رسالة الأنبياء والرسل ويجب أن نختار لها ونصطفي للقيام برسالتها الصفوة المؤهلة القادرة على أداء هذا العمل الجليل,, إن من آداب وواجبات الدعوة الى الله التأدب بآداب القرآن الكريم وسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام والخلفاء من بعده رضوان الله عليهم ومن معالم الدعوة وواجباتها ورسالتها ومؤهلاتها لدى الداعية المخلص المحتسب أن تكون على الوجوه التالية:
1 أن يكون الأمر المعروف أولاً ثم يأتي بعده دور النهي عن المنكر ثانياً مصداقاً وتطبيقاً للآية الكريمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
2 عندما نشهر سلاح الغلظة والغضب والإثارة والتهويل المفرط عند أداء مهمة الدعوة فإننا نصيب الأهداف السامية المتوخاة في مقتل ولذا يجب الرفق واللين وتوخي الحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن في أداء وتبليغ رسالة الدعوة تيمنا واقتداء بطريقة الانبياء والرسل ولنا شواهد وعبر بالآيات القرآنية الكريمة الآتية (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقوله تبارك وتعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) ولقد خاطب الله عز وجل رسوله ونبيه موسى وأخاه هارون عليهما السلام وهو يبعثهما الى الطاغية الجبار فرعون الذي ادعى الألوهية قال تعالى: (إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) ولم يطالبهما وهو القادر على نجدتهما بالعنف والقسوة تباركت حكمة الباري عز وجل.
3 قال رسول الهداية عليه الصلاة والسلام (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا) وفي الحديث الشريف (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه) وأي عمل يتنافى مع ذلك فإنه يدل على ضيق الافق البعيد عن سماحة الإسلام والحكمة الربانية في التيسير على الأمة,, وفي الآية الكريمة (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا).
4 يلاحظ احياناً المبالغة في تزهيد الانسان المسلم بعمله مهما كان مقابل ما يبدو من هذا الانسان من هنات بسيطة في حياته وتجد التحريم والتكفير وتضعيف إيمان المسلم تطلق جزافا بدون دليل موثق ومن البداهة ادراك ومعرفة تبعات تكفير المسلم أو اتهامه بما ليس فيه والعواقب المترتبة على ذلك في الدنيا والآخرة وفي الحديث من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بأحدهما فيجب الاحتياط والاحتراز حتى لا نقع في محاذير نحن في غنى عنها.
5 من المعروف وبدون مبالغة ان مجتمعنا المسلم في هذه البلاد يعتبر من أحسن المجتمعات الاسلامية أن لم يكون أفضلها ومع ذلك إذا سمعت البعض وهم يخاطبون مجتمعنا فكأنهم يخاطبون مجتمعاً جاهلياً أو منحرفا وبعضهم يبالغ في وصف الهنات البسيطة في المجتمع وكأنها ظاهرة عامة وليست حالات شاذة وفي بلد إسلامي في أقصى قارة آسيا قدر لي الاستماع الى خطيب جامع يلقي خطبته بالعربية ويشرحها في نفس الوقت باللغة المحلية للمصلين فوجدته يشرح للمسلمين محاسن الإسلام برحابة ويطالبهم بالتي هي أحسن وبالرفق واللين بالبعد عن التقاليد الضارة ونبذ العادات المستوردة التي تتنافى مع الإسلام ولكنه لا يحقر عملهم بل يبارك لهم صبرهم ومصابرتهم على مصارعة الشدائد وتجد سماحة الإسلام وإشراق نوره يشع من وجهه ولم يخاطبهم بكلمات عائمة تطفح بالتعميم.
6 من آداب الدعوة وواجباتها ان تكون على بصيرة مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة) ومن مؤهلات الداعية ان يكون على إطلاع واسع ودائم بكتب الدعوة الى الله وأهمها القرآن الكريم دستور الأمة الخالد وسنة المصطفى عليه السلام وسنة الخلفاء الراشدين من بعده والأئمة الأخيار وعلماء الإسلام الأفذاذ في مختلف العصور ولا يكون مؤهل الداعية نزرا بسيطا من المعرفة المحدودة.
7 يجب على الداعية الا يضيق ذرعاً بالنقد الهادف والبناء ويتقبل الآراء والملاحظات بصدر رحب وطوية سليمة لأن الداعية المخلص على أجر والمستمع المحتسب على اجر فهدف الجميع ان شاء الله هو الوصول الى الغايات السامية المنشودة من الدعوة الى الله على هدى وبصيرة.
8 يجب على الداعية المسلم الإحسان في القول والبعد عن المبالغات والحرص على التلميح والبعد عن التشهير الذي ينقلب الى فضيحة مع سلوك المداراة الشرعية وإقالة العثرات وقال سفيان الثوري رحمه الله لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر الا من كان فيه ثلاث خصال، رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى عدل فيما يأمر عدل فيما ينهى عالم بما يأمر عالم بما ينهى وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لابد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بعد توفر العلم أن يكون حليماً صبوراً فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح,, صدق يرحمه الله.
9 يجب على الداعية الإلمام والاهتمام بالمواضيع التي يتطرق اليها ويعالج ما له أسس في عقيدة المسلم وجوهر الدين كما أنه مطلوب من الداعية المسلم ان يكون على جانب كبير من العلم والمعرفة بالشريعة الإسلامية الغراء ومناحي علومها الزاخرة وأن يكون محبا للقراءة والاطلاع حتى تكون معالجته لمواضيع الحياة والمجتمع مبنية على فهم دقيق وعلى ما يحسه ويلمسه بنفسه مصداقا لقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) والله من وراء القصد.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved