أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th July,2000العدد:10145الطبعةالاولـيالسبت 6 ,ربيع الثاني 1421

محليــات

لما هو آتٍ
أقيلوا عثرات هفواتكم
إذا كانت الكلمة الطيبة صدقة,,.
والصدقة حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها,,.
أفلا يكون انتقاء الكلام الطيب أمرا محمودا للإنسان في حق نفسه؟
كي يقول جميلا,, ويكسب أجمل,,.
تُرى لو فكّرَ الانسان قبل ان ينطق بكلمة واحدة في هذه المعادلة ذات الدلالات الكثيرة,,, أفلا يحرص على قوله، وعلى اختيار لفظه؟
ثم ما الذي يدعو الانسان الى استخدام الكلام البذيء، أو الجارح، أو المؤلم فيما يقول، نطقا به شفاهة، أو نطقا به تدوينا؟
وكيف يجرؤ المرء على القاء الكلام غير اللائق للآخر، دون أن يكون هناك كابح داخلي يقصيه عن ذلك؟!,,.
أيمكن أن يكون مرد ذلك الى طبيعة خاصة بالانسان جُبل عليها منذ صغره لم تساعده التربية التي تلقاها على تكوين الضابط الداخلي له؟,,, أم أنه يجترئ على ذلك بسلطة خاصة تجعله واثقا من نفسه حد الاجتراء على الآخر؟
وما هي هذه السلطة ؟ أهي قوة الجسم؟ أم المال؟ أم الوضع الاجتماعي؟ أم قوة الغرور بأي مساند خارجي عنه؟,,, ثم لو أن الانسان فنَّد موقعه بين البشر وعرف يقينا أنه انسان سيخضع للعقاب والثواب في محاسبة ربّانية عادلة تأخذ منه لتعطي لغيره أي حق سلبه من غيره أيمكن ان يجترئ على الآخر؟
كذلك لو عاد الى قواعده الأساس التي نشأ عليها، وبحث عن طريقة ما تلقاه من توجيه وتوعية أفلا يمكنه ان يقف على الأسباب التي تدعوه الى مثل هذا الاجتراء؟ هناك قواعد أساس في تربية الانسان,,.
ان اختل ميزان تحقيقها,,, نشأ الانسان وهو لا يرى من الحياة وفيها الا نفسه لأن منظاره ينعكس بمرآته عليه وحده,,, وهنا يمكن أن تضيق به الرؤية عن رؤية من سواه، وما عداه، فتضخم ذاته ويفلت الى الاجتراء على الآخر,,.
وتبدأ تربية المرء بكبح الذات ، وتحجيمها، وتوجيهها الى احترام ذاتها اولا وذلك بترفعها عن الصغائر، وباعتقادها بأحقية الآخر في مشاركتها الحياة بكل ما فيها، وبالايمان المطلق بذوات الآخرين، وبأن ما يحبه الانسان لنفسه، لابد أن يؤمن بأحقية الآخر بمثله، وان الانسان لا يسمو، ولا يكبر الا كلما تواضع، وكلما حجَّم نفسه، وكلما آمن بأنه لن يبلغ الجبال طولا، وبأن الحياة ليست له وحده,,.
وبأنه لابد ان يحترم الآخر فيما يقول وفيما يعمل,,.
وبأن كلامه محسوب عليه أو له، وبأن ميزانه عند الآخر هو بحجم قوله وفعله فكلما جمل قوله وسلم فعله كلما ارتقى وسما وتألق,,.
ثم هل يعي الانسان ان جملة واحدة يمكن ان تصدر عنه تضعه في درك أدنى عند الآخر، وبمثلها يمكن ان يرقى الى الذرى؟!,,.
ثم ما الذي يجعل الانسان الذي يفترض بعد ان ينضج ويكبر ويتعلَّم ويُحسن التعبير والمحاورة والافصاح واتخاذ الموقف ألا يحرص على كبح لسانه عن البذيء، وقوله عن الجارح، ولسانه عن التطاول على الآخر، وهو في قمة قدرته على المقارنة بين ما يحسن قوله وما لا يحسن؟
أو لا يدري الانسان ان ما لم يحصله وهو صغير، يمكن ان يدركه وهو كبير؟
ذلك ان الانسان عندما ينضج يصبح قادرا على التحكم فيما فرط وهو غير قادر,,.
ان الأمم كما قيل لا تنهض الا بأخلاقها,,.
وان اول مفتاح الأخلاق بين الانسان والآخر ومن ثم في المجتمع بين الأفراد، ومن ثم الوجه الذي ينعكس لأمتهم هو تعاملهم القولي: جهرا أو كتابة، أي نطقا أو تدوينا,,.
ذلك لأن الجهر يؤدي من المواجهة الى الغيبة، والكتابة تؤدي من الآن الى التدوين,,.
فالضابط الأساس هو الخلق,,.
والخلق كابح ضابط أساسه الحياء، الذي هو عنصر التكوين الاول للأخلاق، ومن ثم ان كان الحياء شعبة من الايمان فان الحياء أمام الله الذي جعل تعالى الكلمة الطيبة ذات ثواب مضاعف يؤدي الى الحياء مع الآخر من جنس الانسان,,.
فيؤدي الى مجتمع ذي خلق يحيا في فضيلة التعامل قولا وعملا بأدب جم، وأثر جميل، ومن ثم ود عامر يكون مثوبة رابط بين البشر.
ذكرني بهذا الموضوع ما يدور على صفحات عزيزتي الجزيرة من تراشق قاس فيه كلام ليس يؤدي الى طيب القول ولا الى مثوبة الحسنات في الأقوال، ويدعو الى تجرد فوري من زلل الخطأ القولي ورفع نسبة الضابط الداخلي الذي أتوسم ان الجميع قادر عليه,,, ولكنها فجوات وهفوات جلَّ من لا يقع فيها مع الثقة في كل من هفا كي يقيل عثرة هفوته.
د, خيرية إبراهيم السقاف

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved