أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th July,2000العدد:10145الطبعةالاولـيالسبت 6 ,ربيع الثاني 1421

الاخيــرة

خواطر أثارها مَوتُ فُلان
أنور عبدالمجيد الجبرتي
* أولئك هم المجرمون حقاً.
* الذين يزرعون طُرقاتنا أشلاءً،
ويغرقونها دماً،
ويكسونها عظاماً مبعثرة.
* الذين يملؤون بيوتنا دموعاً وحزناً وآمالاً مضيَّعة,.
* الذين يمنحوننا القبور الضيقة، ونحن نستشرف الآفاق الرحبة والواسعة.
* الذين يسبغون علينا الكآبة القاتلة، ونحن نملأ صدورنا برياح المستقبل الباسم.
* الذين يغرقوننا في الشتاء العاصف القاتم، ونحن نتطلع إلى ربيع الحياة البهيج.
* إنهم قراصنة الحياة
وغيلان البهجة، وقتَلة الأمل.
* فهم الذين يسرقون الابتسامات البريئة من شفاه أطفالنا،
ويورثونهم حزن اليتم، ورحلتَه البائسة.
* وهم الذين يخطفون الاطمئنان والدفء من قلوب نسائنا،
ليقايضوهن لوعة الثكل، وناره المضطرمة.
* هم الذين يغدرون بشبابنا في ربيع العمر، وبشيوخنا في هدأة الخريف، وبالحياة في قمة النشوة والعطاء.
* أولئك أعداء لنا,.
إنهم أعداء الانسان والحياة والأمل.
***
أنا لا أعرفك جيداً أيها الراحل,.
ربما التقيت بك مرة,, أو مرتين
في جلسة بلوت سريعة,, أو محادثة عابرة,,, أو عند إشارة,, مُرور
* لكنني أتذكُركَ جيداً,.
كنتُ ألمَحُكَ في سيارتك المتواضعة,, كل صباح,.
وأنت تأخذ أطفالك إلى مقاصدهم المختلفة في هذه المدينة المترامية الأطراف,.
* السابعة صباحاً,, كان موعدك كل يوم,, أو هي السادسة والنصف.
لتبدأ الرحلة العصيبة
بين سيول الشاحنات الراعدة،
وأكداس الرّعناء والجهلة العابثين
وهم ينقضّون,, بنيرانهم الحديدية القاتلة على المطمئنين الأبرياء.
* وعندما قرأتُ خبرَ وفاتك,.
غضبتُ,, وحزنتُ لشباب بلدي,, وكهولها وأطفالها,, وأُناسها جميعهم.
* تذكرتُ كيف يُبعثر التقدّمُ أشلاءهم،
وتطحن التكنولوجيا عظامهم،
وتغتال الحضارة آمالهم وتطلعاتهم.
* لقد رأيت في رحيلك الدامي المفاجىء,, احتمالاً يكتنفنا جميعاً,.
لا ندري عند أي منعطف أو تقاطع أو رصيف ,.
* لكنه احتمال,, رهيب,.
أصبح ترقّبُهُ محفوراً كالروع في أعصابنا و هواجسنا ,, ونظراتنا,.
وحتى قبلاتنا لأطفالنا,.
* أدعو الله أن ينقذ أحباء وطننا منه.
* فليس أقسى من أن تفقد بلادنا الفتيّة ثروتها الحقيقية على أيدي المدلّلين العابثين، وهُداة الحزن والألم، وأصحاب اللُّكنات و واللَّهجات البابلية القاتلة.
* رحم الله فُلاناً ,, وأطفال فُلان ,, وأسكنهم فسيح جنّاته ورحمنا جميعاً.
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved