أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th July,2000العدد:10155الطبعةالاولـيالثلاثاء 16 ,ربيع الثاني 1421

محليــات

إلى جنة الخلد يا ابنة عبد العزيز
عبد العزيز بن عبد الله الدخيل *
بقلوب ملؤها الأسى والحزن رحلت عنا صاحبة السمو الملكي الأميرة حصة بنت عبد العزيز يرحمها الله، بعد معاناة شديدة مع المرض, رحلت عنا بعد عمر حافل بالعطاء والخير ليس لأبنائها وبناتها فقط، ولكن لكل من عرفها وتعامل معها, وقد تركت برحيلها المر ألما في دواخلنا لا يخففه إلا إيماننا بأن الموت حق على الجميع، فقد قال الحق تعالى (كل نفس ذائقة الموت), كما خفف من أثر الصدمة علينا، رجاؤنا لها بالمغفرة والرحمة من المولى عز وجل, فقد كانت سيرتها رحمة الله عليها مفعمة بالإيمان والخشية من الله، وفي حب الخير للناس, وقد قال الشاعر:


الموت باب وكل الناس داخله
فليت شعري بعد الموت ما الدار

رغم علمي بمعاناتك مع المرض، فقد وقع عليّ خبر رحيلك المر وأنا في بلاد بعيدة وقع الصاعقة, أأعزي بك نفسي أم أعزي بك أبنائك وبناتك واخوانك وأخواتك, أم أعزي والدتي التي يحار الدمع في مقلتيها كلما تذكرتك وأنت تقاومين آلام المرض كي لا تتسببي في إزعاج من حولك, أم أعزي هذا الخلق وهم كثر ممن آويتيهم تحت جناحك، وترعرعوا في ظلك، وشعروا بقربك منهم.
عند مرضك ضاقت بنا الحيلة، ولم يكن هناك ما يمكن عمله إلا التوجه للعلي القدير نسأله الشفاء لك والتخفيف عنك واللطف بك, وقد هب أبناؤك وبناتك واخوانك وأخواتك لتقديم كل ما يمكن أن يقدمه البشر لعلاجك, لكن حكم الله نافذ، وساعة الرحيل التي كتبت عليك وعلينا جميعا قد حانت.
وعند علمي بانتقالك الى الرفيق الأعلى، ذهلني الخبر وتذكرت لوهلة شريطا من الذكريات والمواقف التي زادتني حزنا على حزن, لم أنس مداعبتك لي وخوفك عليّ عندما كنت صغيرا، وسؤالك الدائم عني وعن أولادي كبيرا.
يا ابنة عبد العزيز، يحار القلم ويتلعثم اللسان وتعجز الكلمات ويخون التعبير عند ذكر مآثرك, فقد كنت وأنت الأمير وابنة موحد هذا الكيان وأخت الملوك تعلمين الآخرين التواضع، بسلوكياتك وأقوالك وأفعالك, هل أنسى ذلك اليوم الذي قمت يا صاحبة السمو بزيارة الى بيتنا المتواضع، لا لشيء إلا لتصلي والدتي بزيارتك الكريمة, أم أنسى ذلك الموقف الذي جثيت فيه على ركبتيك وكلك هلع لتنتزعي مسمارا انغرس في قدمي عندما كنت ألعب بالقرب منك.
لقد كنت يا صاحبة السمو مثالا يحتذى في التسامح والعطف والرحمة, تسألين عن الصغير قبل الكبير, وحتى في لحظات غضبك فإن العفو والتسامح اليك أسرع وأقرب.
أما كرمك فهو كبير بقدر مكانتك، فلم أعرف أحدا توجه اليك في حاجة إلا كنت سباقة وبكل ما تستطعين الى تلبية حاجته, وليس سرا الآن إن قلت بأنك كنت تكلفين والدتي بتلمس حاجة المحتاجين وسدها، مؤكدة على اخفاء شخصيتك، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك.
وإن أنس فلن أنسى موقفك النبيل والمؤثر منذ مدة قريبة عند وفاة أخي المفاجئة يرحمك ويرحمه رب العالمين, فقد كادت والدتي أن تلحق بأخي لولا الله ثم وقفتك معنا ومحاولتك الدائمة بالتخفيف عنها وعنا في مصابنا الجلل, ولم يثنك وقتها ألم قدميك وكبر سنك وعلو مقامك من تجشم عناء الزيارة والوقوف معنا وتقديم واجب العزاء والاتصالات الدائمة للاطمئنان على والدتي.
إن المصاب برحيلك لعظيم، ليس علينا فقط ولكن على كل من عرفك وتعامل معك, ولا نملك في هذا الموقف العصيب إلا نتوجه للرحمن الرحيم بالدعاء لك ولأموات المسلمين بالدعاء والرحمة.
إنا لله وإنا إليه راجعون .
* المملكة المتحدة جلاسجو .

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved