أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th July,2000العدد:10157الطبعةالاولـيالخميس 18 ,ربيع الثاني 1421

المجتمـع

السكن جماعاتٍ أمرٌ لا تطيقه الفتيات
انفصال الزوجين عن الأسرة ضمانٌ لحياة زوجية سعيدة
* تحقيق : شيخة العبدالهادي
لا يزال الكثير من الناس تحكمه عادات وتقاليد يعتنقها ويخالف ما هو مسلم به من حقيقة بطلانها بل وتكون عقيدة لديه يربي صغاره عليها متحدياً بذلك ما يسمح به او يراه من مشكلات تصحب هذا المعتقد او تحدث نتيجة له حتى لو وقع هو نفسه فريسة لتلك المشكلات فإنه يضحي بأعز شيء عنده ليحافظ على معتقده من الهوان او الخطأ ليستسلم هو في نهاية المطاف معترفا على مضض بما وقع فيه من خطأ وما لحق به من اضرار ولكن بعد فوات الاوان على غرار ذلك هناك امر مسلم به في الوقت الحاضر بل وتجد من الناس من قد لا يضع احتمالاً ولو بسيطا لبطلانه وهو وجود سكن مستقل لعيش الزوجين بعيدا عن اهليهما فلا يوجد اثنان مختلفان على هذا الامر، ولعل البعض لا يزال يتعنت في هذه المسألة لانه قد يرى فيها شقا لعصا الطاعة وخروجا عن المألوف متناسيا حيثيات الحياة التي توجب ذلك مما يعرض اساس اسرة جديدة للهدم والضياع.
ونقرأ في هذا التحقيق مبررات الاصرار البغيض على منع الزوجة من حق من حقوقها التي وهبها اياها الله في شرعه ولكن القوانين والعادات تحرمه وتمنعه.
الزواج في الصغر
أم راشد الدوسري تبلغ من العمر 22 عاما مطلقة لديها ولد وبنت تروي لنا قصة طلاقها فتقول:
تزوجت في سن السادسة عشرة بعد ان انهيت دراسة المرحلة المتوسطة كنت متفوقة دراسيا زوجني والدي رغم صغري من ابن اخته الذي يكبرني بثلاث سنوات فقط ولم ينه دراسته الثانوية تركت الدراسة والتحقت بزوجي واهله في منزلهم حيث كانت غرفتي معدة هناك وعلى الرغم من ان والدته هي عمتي ولكن ذلك لم يمنع تسرب المشاكل فعمتي وزوجها يحاولان جاهدين ادخالي تحت سطوتهما وحرماني من التمتع بأية حقوق لي بدءا بالدراسة وختاما بطلبي الحصول على سكن مستقل ولم يكن زوجي يخالفهما فيما يقولان بل كان يحاول اقناعي بصحة كلامهما او على الاصح اوامرهما ان اقتنعت باللين او ارغمني على قبول ذلك بالقوة حتى توسعت بؤرة المشاكل ونالت من الاسرتين الشيء الكثير وتم الطلاق بعد زواج استمر اربع سنوات وطفلين والحمد لله ان المسالة لم تتطور اكثر من ذلك فأنا الآن اكمل دراستي الثانوية وطفلاي معي اما هو فقد تزوج بأخرى وساعده والده كثيرا في تأثيث شقتها وكل ذلك من اجل اغاظتي او اقتناعا منهم بضرورة الامر المهم اني اعيش سعيدة الآن بين والدي واخوتي.
سعادة الابن
رانيا اليوسف طالبة في كلية الآداب ابدت استغرابا من وجود خلاف حول هذا الموضوع فحدثتنا عن نفسها قائلة تزوجت بعد ان انهيت دراستي الثانوية ثم واصلت الكلية بعد الزواج وانجبت في سنتي الاولى وعلى العكس مما تذكرين فقد كانت شقتي موجودة في الدور العلوي من منزل اهلي بمدخل مستقل حيث اني كبرى اخوتي وكانت امي تهتم بطفلتي اثناء غيابي وها انا الآن على مشارف التخرج ولدي طفلان لا يمكنهما الاستغناء عن امي ولو ليوم واحد وحتى خادمة اهلي تقوم بترتيب شقتي ريثما اعود ولم يعارض اهل زوجي هذا الامر فالمهم عندهم سعادة ابنهم حيثما يراها وليس في ذلك عيب على الرغم من انه ليس من اقربائي.
رفض الأهل
ولسناء الاحمد قصة مماثلة تذكر فيها ان زوجها ابن عمها جاء من قريتهم ليكمل دراسته الجامعية ومن البديهي ان يسكن مع عمه حتى ينهي دراسته وفي هذه الاثناء تزوجنا ونحن في منزل اهلي وعشنا سعيدين مع اننا لا نملك سوى غرفة واحدة وانجبت مولودي الاول ثم سافرت مع زوجي لامريكا لاكمال دراسته وبعد العودة مع طفلي سكنت مع اهلي لفترة وجيزة حتى انتهينا من تجهيز مسكننا المستقل فليس من المعقول ان اظل مع اهلي او مع اهله طوال العمر او حتى مع طفلين وحتى بعد ان انتقل اهله الى المدينة كان سكني بجوار اهلي لان في ذلك راحتي وراحته.
هذا على العكس من اختي الصغرى التي تسكن في منزل عمي الثاني مع زوجها واطفالها الثلاثة في ملحق ارضي وهي سعيدة بذلك فاهل زوجها طيبون ويحبونها وتحبهم فليست الشقة هي المقصود ولكن المقصود هو حصول السعادة وتحققها.
رأي الأمهات
وللأمهات شأن عظيم في ذلك وهذه مجموعة من آرائهن.
أم سعيد الغامدي في الثامنة والخمسين من عمرها تحدثنا عن اساسيات هذا المعتقد فتقول تزوجت وانا في الرابعة عشرة من عمري وزوجي يكبرني بسنتين ومما هو متعارف عليه في ذلك الوقت ان الاهل يفرحون بزواج ابنهم لتتمكن زوجته من معاونتهم في الزراعة والرعي فضلا على انها ستجلب لهم المزيد من الاولاد وكانت الحياة في ذلك الوقت خالية من اية تكاليف فلا تتعدى احتياجات العروس الاساسية وبعض الحلي وغرفة نومها ومنذ الاسبوع الاول وهي ترعى معهم او تزرع وتحصد وغالبا ما يكون زوجها هو ابن عمها اي هناك احتمال كبير بان يكون ممن يسكن معها في نفس البيت جدها الذي يحوي اعمامها واولادهم فيكون المصروف واحدا ومجلس الرجال واحدا اما من يسكن في منزل منفرد فهم غالبا ممن يكونون يبحثون عن اعمال اخرى اضطرتهم ظروفها للسفر فيأخذ زوجته واولاده الى مكان قريب من عمله او قد يتركهم عند اهله ويأتي لزيارتهم كلما حانت له الفرصة المهم ان الاستقلالية في السكن لا تخطر على بال احد منهم الا نادرا وقد يعيش ذلك الفرد الذي استقل بسكنه في عزلة عائلية او مقت وشقاء فلا احد يعينه على ظروف الحياة اما ما نراه الآن من اصرار الفتيات على سكن مستقل فما هو الا موضة ستنتهي عاجلا او آجلا لان الناس والاسر لا يحلو لهم السكن الا مع جماعة منهم اما المشكلات التي قد تحصل من اجتماع النسوة فهي بسبب نقص عقلهن وما ادخلته المدنية على نساء اليوم من فراغ لا يستطعن فيه فعل اي شيء الا المشاكل فها نحن نرى المعلمات يجتمعن في غرفة واحدة في المدرسة ولا يحدث بينهن اية مشكلة لان كل واحدة منصرفة الى عملها لا الى التنكيد على الاخرى وتخالفها الرأي ام عبدالرحمن العلي التي تماثلها في العمر ولكن تختلف عنها في التفكير والبيئة التي نشأت فيها فتقول: انا لا انكر اني احب ان ارى ابنائي ملتفين حولي اراهم حين يدخلون وحين يخرجون والاعب صغارهم ونجتمع سويا على وجبة واحدة كل يوم كما احب ان اظل مسؤولة عن الاهتمام بموعد عملهم وسماع مشاكلهم فيه ولكن في وقت تربيتي لهم عندما كانوا صغارا تخليت عن اشياء كثرة كنت ارغب فيها من اجل تحقيق رغباتهم فلماذا الآن بعد ان كبرت واخذت من الدنيا ما يكفيني لماذا اعود لانانية الطفولة وحب التملك، فانا احب ان اراهم سعداء حتى ولو كانوا بعيدين عني المهم انهم سعداء وهذا غاية مطلبي في الحياة ثم ان زوجة ابني لا يحق لي حبس حريتها واخضاعها لمراقبتي في خروجها ودخولها ويجب علي مراعاة مشاعرها فابنتي مع اناس اخرين احب ان يراعوا مشاعرها ويعملوا حسابا لأحاسيسها والدنيا كما تدين تدان والسكن المستقل حق لكل زوجين فحتى الطيور هذا حالها تهجر اعشاشها القديمة وتبني عشا جديدا لصغارها.
الظروف المادية
تحدثنا الاخصائية الاجتماعية حنان الصالح فتقول: قد تجعل الظروف المادية بعضا من الشباب مرغما على العيش مع اهله وقد تطول هذه الفترة وقد تقصر تبعا للحالة المادية او الاجتماعية التي تحياها الاسرة الكبيرة هذا ولا يهمل الجانب الاهم في الموضوع وهو الراحة النفسية لكلا الزوجين فمتى ما بدأ احدهما بالشعور بالضيق لزم الآخر البحث معه عن حل والا ستكون النتيجة تفكك الاسرة الصغيرة ومشكلات ليس لها حل بين الاسرتين الكبيرتين فينشأ عن ذلك تفاقم ظاهرة اجتماعية تستلزم البحث والعلاج.
والحل في ذلك يكمن في وجود سكن مستقل لعيش الزوجين يحافظ لهما على استقلالهما وحريتها وعلى دوام المحبة والالفة بينهما وبين الاسرة الكبيرة ويخفف عنهما مشكلات كبيرة قد تقع اذا ما كان في البيت الكبير كما انه يجب على الزوجة عدم المبالغة والتكلف في اشتراط توفير السكن بل عليها ان ترضى باليسير من الاثاث والسكن البسيط وان تعلم ان السعادة تكمن في الارتياح النفسي والعيش الهانئ هذا من جانب ومن جانب آخر يجب على الزوج ايضا اختصار الطريق ونبذ ما نشأ عليه من عادات لا تناسب وقتنا الحاضر وماله من متطلبات تفرضها عليه نواميس خاصة تتغير تبعا لتغير ظروف الحياة.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved