أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th August,2000العدد:10179الطبعةالاولـيالجمعة 11 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

البروسوبس: دروس من قرار الاجتثاث
ربما كان نبات البروسوبس هو اكثر النباتات إثارة للجدل في الأوساط المحلية, ولعل نقطة الارتكاز في كل هذا الجدل الدائر هو اتهام هذا النبات بإثارة الحساسية لدى البعض، وهو الاتهام الذي شاع بين كل شرائح المجتمع خلال الأربع سنوات الماضية وبسبب مقالات صحفية ليس للبعض من كتابها رائحة الاختصاص.
وليس غريبا ان يستحوذ هذا النبات على كل هذا الاهتمام ذلك انه عنصر رئيس في برامج التشجير وتحسين البيئة وهي البرامج ذات الكلفة العالية والمحسوبة بمليارات الريالات في منطقة الخليج وفق دراسة حديثة نشرت في الامارات العربية المتحدة الشقيقة وتناولتها صحفنا المحلية خلال الاسابيع الماضية, وهكذا فإن اجتثاث نبات منتشر في كل الشوارع والطرق واستبداله بنبات آخر دون الركون الى منهجية علمية وأسباب موضوعية إنما هي كلفة مضاعفة وهدر مالي ليس له ما يبرره, لسنا هنا بصدد تكرار ما قيل عن هذا النبات وخصائصه ولعل القارئ يعود إلى ما نشرته (الجزيرة) في حلقات مسلسلة مؤخراً.
قرار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رجل البيئة الأول والقاضي بإيقاف اجتثاث شجرة البروسويس حتى يتم استقصاء المعلومات العلمية الدقيقة حول علاقة هذه الشجرة بالحساسية، إنما يعد درساً في منهجية القرار، وهي المنهجية التي تتطلب تحديد المشكلة والاستقصاء المعرفي والبحث العلمي الرصين, ولعل هذا القرار الذي حسم التباين في وجهات النظر المتعددة في موضوع حيوي وهام كهذا هو اول الدروس المستقاة من قضية البروسوبس وهو الدرس الذي يجدر اي اداري ومسؤول ان يحفظه عن ظهر قلب.
اما الدرس الآخر فإني استقيه من مداخلة قوية كتبها الدكتور حرب الهرفي استشاري الحساسية والمناعة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث وابرز الخبراء في منطقة الشرق الاوسط، في مجلة اليمامة في عددها الاخير رقم 1617, وهو يصف جانباً مما يحدث في بعض اللجان هذه الايام, ويذكر الدكتور ان لجنة شكلت في وزارة الشؤون البلدية والقروية للبت في علاقة شجر البروسوبس بالحساسية والربو حيث تصاعدت بعض الآراء من غير المختصين في صحافتنا المحلية في محاولات لربط الحساسية والربو بهذا النبات, وقد دعي الدكتور للمشاركة الى جانب عدد آخر من المختصين في هذه اللجنة, وبعد اجتماعات مطولة وجد انها شكلت وجاءت معها بحكم مسبق يقضي باجتثاث هذا النبات والتخلص منه تدريجياً, وكما يذكر الدكتور فقد حذفت آراءه العلمية المبنية على حقائق وابحاث علمية من محضر الاجتماع، ثم شكلت لجنة اخرى لوضع التقرير او القرار النهائي وتم استبعاده منها, وهكذا نرى ان ما يشكل من لجان في الهيكل الاداري في بعض الاحيان انما يهدف الى ايجاد غطاء براق يغلف ما اتخذ سلفاً من قرارات ادارية وهو ما يؤدي الى الهدر المالي والإداري، ولعل هذا هو الدرس الثاني.
لقد قيل ان هناك فجوة تتسع بين القطاعات الحكومية خصوصاً الخدمية منها وقطاع كبير من الخبراء والأكاديميين في الجامعات والمراكز البحثية في بلادنا, البعض يلقي باللوم على هذه الشريحة المؤهلة ويتهمها بالعزوف والبعد عن المشاركة في إيجاد حلول لما يعترضنا من مشكلات تنموية, في قضية البروسوبس يبرز دليل دليل واضح على ان كل ما يقال ليس صحيحاً في كل الاحوال، وقد تابعنا على مدار الاعوام الماضية ذلك الكم الكبير من مقالات ومداخلات علمية كتب بعضاً منها مختصون في علوم النبات والزراعة وامراض الحساسية, وفي الوقت نفسه كانت الوزارة تصدر قرارها باجتثاث نبات البروسوبس واستبداله بآخر لم تحدد هويته!، ولم تعمد الى الاتصال بذوي الاختصاص والخبرة في جامعاتنا والمراكز البحثية لأخذ مرئياتهم.
باختصار كان هناك فريقان، الاول لديه الخبرة والمعلومة العلمية الصحيحة اللازمة لاتخاذ القرار والاخر لديه آليات اتخاذ القرار النافذ، وكلاهما يتحدث بصوت عالٍ ولا احد يستمع, حال الفريقين يشبه تماماً ما حدث في لجنة البروسوبس الموقرة بوزارة الشؤون البلدية والقروية.
ما نحتاجه في واقع الامر هو الاعتراف بان لكل شريحة من شرائح المجتمع دوراً لابد ان تؤديه بكل اتقان وان القرارات التي يصدرها المسؤول في اي منشأة كبيرة كانت او صغيرة لابد وان تخرج من طاولة العمل الجماعي، وهو الدرس الذي يجب ألا ننساه.
د, عبدالعزيز علي الخضيري
أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved