أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 22nd August,2000العدد:10189الطبعةالاولـيالثلاثاء 23 ,جمادى الأول 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
معاناة ما بعد العودة من السفر
د, مفرج الحقباني *
عاش المجتمع السعودي خلال فترة ما يسمى بمرحلة الطفرة أو الوفرة الاقتصادية حالة من الانتعاش الاقتصادي الناتجة عن ارتفاع الدخل القومي وحصة الفرد من هذا الدخل, ولقد انعكست هذه الحالة الاقتصادية على سلوك المواطن السعودي الاستهلاكي لدرجة أصبح معها التباهي بالمظاهر الاستهلاكية سمة بارزة في حياة المجتمع بشكل عام, ولقد كان من بين مواضع التباهي الرحلات السياحية الجماعية الى خارج البلاد التي اصبحت لبعض الأسر السعودية مطلبا سنويا يجب تحقيقه بغض النظر عن متطلبات الحياة الأخرى, وإذا كان هذ المنهج الاستهلاكي غير مقبول في فترة الوفرة الاقتصادية فإنه بلا شك يصبح منهجا مرفوضا عندما يكون في فترة تشتكي فيها ميزانية الأسرة السعودية من تزايد النفقات على متطلبات الحياة الضرورية.
وحتى تتضح الصورة أكثر فإن بالامكان تقسيم المسافرين للسياحة الى ثلاث فئات رئيسية:
الفئة الأولى: وهي الفئة القادرة على تحمل نفقات السفر مع الاحتفاظ بما يكفي للوفاء بمتطلبات الحياة الضرورية الأخرى.
الفئة الثانية: وهي الفئة القادرة على تحمل نفقات السفر ولكن على حساب ضروريات الحياة الأخرى.
الفئة الثالثة وهي الفئة غير القادرة على تحمل نفقات السفر ولكنها تسافر على حساب الغير.
وإذا كنا لا نلوم الفئة الأولى ولا نتدخل في قرار الفئة الثانية التي ضحت بالضروري من متطلبات الحياة في سبيل الحصول على الكماليات، فإن من الواجب الوطني التدخل لحماية المجتمع من الآثار الاقتصادية التي يخلفها قرار الفئة الثالثة, نعلم جميعا أن هنالك من الأفراد السعوديين والاسر السعودية من يستدين من أجل السفر، ومنهم من يتأخر في الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الغير بحجة عدم القدرة على الوفاء بينما ينفق الأموال الطائلة على السفر، ومنهم وهو الاشد من يسافر مستعينا بالله ثم ببطاقات الائتمان التي تصدرها البنوك التجارية مع علمه المسبق بأنه سيتجرع مرارة السداد بمجرد عودته من السفر ووفق موعد زمني محدد, والغريب في الأمر ان من هذه الفئة الأخيرة من يعلم مسبقا بعدم قدرته على السداد أو بعدم قدرته على السداد في الوقت المحدد ومع ذلك يفضل تأجيل مواجهة الواقع حتى يعود من السفر ليبدأ مرحلة البحث عن المبررات الإدارية والشرعية التي تبرر له عدم الوفاء بالتزاماته المالية, بل ان منهم من يدعي أنه خدع بهذه البطاقة بحجة عدم شرعية الفوائد التي تفرضها البنوك التجارية على كل من يتأخر في السداد عن الوقت المحدد ويتخذ ذلك مبررا للمماطلة وعدم السداد.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو من هو المتسبب في هذا القرار غير الرشيد للمواطن السعودي؟
أعتقد ان هنالك العديد من الأسباب التي تقف وراء هذا الوضع غير السليم وأهمها:
1 عدم وجود آلية سليمة لتحصيل الديون المثبتة من الغير مما تسبب في تزايد أعداد الممتنعين على السداد على الرغم من قدرتهم المالية وعلى الرغم من انفاقهم للأموال الطائلة على السلع والخدمات الكمالية, وإذا كانت هذه الآلية منعدمة أو ضعيفة بالنسبة لديون القطاع العام كصندوق التنمية العقارية فمن باب أولى أن تكون أضعف بالنسبة للديون الشخصية التي فضل البعض الاحتساب عند الله سبحانه وتعالى على تحمل تبعات المطالبة بالسداد.
2 الضعف الواضح في التوعية الاعلامية والاجتماعية مما أسهم في استمرار القناعة الخاطئة لدى بعض الأسر السعودية باستمرار حالة الازدهار الاقتصادي وإمكانية التعويض السريع, وهنا أرى أن هذه القناعة الخاطئة تقف وراء الكثير من التصرفات غير الرشيدة التي يشهدها المجتمع السعودي مما ساهم في تضخيم الحصة المخصصة للاستهلاك من دخل الاسرة السعودية وأضعف القدرة الادخارية والاستثمارية للبلد بشكل عام.
3 عدم وجود نظام سليم يكفل حقوق البنوك التجارية خاصة عندما يعلن حامل بطاقة الائتمان البطلان الشرعي لهذه البطاقة ويستعين بالقاعدة الشرعية التي تقول ما بني على باطل فهو باطل, وهنا أعتقد ان من الواجب إلزام البنوك التجارية باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية التي تكفل ابلاغ المستفيد من بطاقة الائتمان كتابيا بكل ما يترتب على استخدام هذه البطاقة من التزامات مالية حتى لا تقع ضحية للتأويلات والتفسيرات غير المنطقية مع ضرورة عدم سماع الجهات المعنية الأخرى للحجج التي قد يلجأ لها كل مماطل من حاملي هذه البطاقة.
4 تسابق البنوك التجارية لإصدار بطاقات الائتمان للعملاء وإهمال الإجراءات الاحترازية التي تكفل اختيار العميل المناسب المستحق لهذه البطاقة والقادر على السداد وفقا للبرنامج الزمني المحدد.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved