أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 27th August,2000العدد:10195الطبعةالاولـيالأحد 27 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

بوح
السيرة الذاتية والرواية
إبراهيم الناصر الحميدان
ويتجدد السؤال المعاد ماذا تكتبون في متن رواياتكم؟ أهي صبوات حياتكم,, النزق والطموح,, ذكريات الامس النافق فأين التطلع إذن,, هل جسد الماضي الذي يستحوذ على كل اهتمامات الوعي, وأين يختبئ الحاضر المتألق أيموت قبل الولادة أم جاء وقد تدثر بالكفن ليلفظ أنفاسه؟
ألا تشعر بالحرج وأنت تقتبس ثم تدعي الابداع؟ أليس التاريخ أحق بأن يكتب الروايات كشاهد عصر أو عصور مضت؟ أليس هو الوعاء الذي لم يتردد في احتواء كافة مآسي البشرية يسمع صرخات المعذبين وهمسات العشاق المدنفين؟ تتسرب إلى مسامعه شهقات حب الوليد وشكوى المحبين من الصد والجور الذي يتفاعل عذاباً لا يطيقه سوى الأنين؟؟
معذرة على هذه الثرثرة المتلاحقة اذ لا احب نفسي اضجر من السؤال كما لا أغضب من الانتقاد الذي يسربه لي بعض الاصدقاء في قضايا تساؤلات محيرة لماذا أنت هكذا تختلف عن سواك؟ أما يكفي ركضا وراء السراب؟ فكرت بأن أمحي هذه السطور وأنسى نزيفها لولا انها تقاطرت تجس نبضي,, تقصف عمري!
فإذا كانت السيرة الذاتية هي عماد الرواية فكم سيرتفع عدد الرواة؟ أليسوا بحجم سكان العالم انه الوهم فالرواية ليست سيرة ذاتية، بل انها تجسيد لصراع الانسان مع كل ما يحيط به، انها طموحاته من خلال المعاناة والألم، انها الأمل الذي يتخلل تساؤلات الدروب البائسة, انها الرومانسي في مواجهة الواقع الصخري، الحب على طاولة الكراهية الاخاء البشري يعاديه شيطان الانانية والحسد والجفاء والنميمة، والانحطاط الاخلاقي عامة ثم وهذا مهم جدا الموهبة الخلاقة التي تمارس العلاقة الثقافية بين الاجناس المختلفة والرؤى المتباينة انها الحس الفني الراقي الذي يتسامى بالطبيعة الدونية الى آفاق الحضارة المتجددة انها ارتفاع الانسان فوق مستوى هبوطه ليبلغ المثالية التي عجز عن ارتقاء نجومها والفن يتسامى على الواقع ويسخر من جفافه, لانه اكسير الحياة ومبعث اشراقته ولا حياة راغدة بهيجة بغير هذا البوح المتناغم من داخل المشاعر التي تتململ من صدأ الخمول وعذابات الكتمان وإذا كنت اتحدث نيابة عن الشعر فالرواية الفنية قرينة له مولعة بكل سرد حتى وان جاء على هيئة أبيات مقننة طالما هي تختار لآلىء اللغة التي لم تفض بكارة محارها رغم انها انتشلت من القاع الذي لا يصله إلا فرسان الكلمة الذين ذابوا في إيقاع نغمها السحري ونداء اضاءاتها في دياجير الظلمة فمرحى للصدق الفني والابداع.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved