أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 28th August,2000العدد:10196الطبعةالاولـيالأثنين 28 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

الانتهازيون,,!!
سلمان بن محمد العُمري
ان الانسان مجبول على أن يسعى لخدمة نفسه، وتطوير ذاته، ولكن قد يصل الأمر لحالة من الأنانية، وحب الذات، وتحقيق الغايات بشكل مرضي يضر بعباد الله، وهو لا يرضي الله تعالى.
ان لكل انسان مصالح ومنافع يسعى لتحقيقها، ولكن الأمر مختلف بين حالتين: حالة انسان متسامح كريم، تتحقق مصالحه بالشكل الذي يرضي الله تعالى، وبأسلوب شرعي لا غبار عليه، وبين حالة تحطم كل ذلك تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة ، وتغرق في سبيل تحقيق هذا الهدف والشعار بحالة من الانتهازية لا يحسد عليها صاحبها.
ان حالة الانتهازية قد تصيب فردا ما، أو جماعة أو منظمة، أو حتى دولة، والخطر يكبر حسب أهمية الفرد أو الجماعة، فالانسان الذي يبتلى بهذه الحالة يصبح انسانا بوجهين، وربما بعدة وجوه، فهو يتكلم في حضورك بعكس ما يقوله في غيابك، يمتدح هذا ليذمه غدا، ويشكر هذا ليضر به غدا، انه كاذب في كثير مما يقول، والمؤمن لا يكذب، كما قال تعالى: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون .
ان الانتهازي بفعلته الذميمة هذه يقترب من الكفر، ويبتعد عن الايمان، انه يسير حيثما يرى التيار يسير، وقد يكون التيار موصلا للهلاك والبوار، ورغم ذلك لا يعاكسه، ولا يمشي خلافه، لأنه يرى فيه تحقيقا لمصالحه ومنافعه، ان الأمر خطير، لأن كل انسان قدوة لأهله ورعيته، ولذلك قد يؤدي الانتهاز لحالة من الانتهازية حتى بين الأطفال، فتجعل أحدهم يكذب ليكسب ود أمه وأبيه، وأحدهم يظلم أخاه، وهكذا، والخسارة تكون جسيمة، لأنك تخسر براءة الأطفال.
من كل ما تقدم أظنكم قد رأيتم الرباط الوثيق بين الانتهازية والنفاق، والمنافق عقابه شديد في الاسلام، انها حلقة متسلسلة ومترابطة، تشتمل على النفاق والكذب والظلم والخداع والانتهازية، تلك هي الأوجه الحقيقية للذي يركض وراء مصالحه من غير ضابط، ولا رادع من دين، أو ضمير، فيصبح كالوحش المفترس ينهش من لحم أخيه.
ان الذي يتحلى بهذه الصفات هو انسان ضعيف أولا وأخيرا، ونتيجة لوهنه وضعفه وذله يلجأ لأساليبه الملتوية، كي يصل لأهدافه، فلا مكانته تؤهله لما يطلب، ولا امكانياته ومواهبه تسمح له بالتفوق على أقرانه.
ان من واجبنا جميعا أفرادا وجماعات أن نكشف، ونعري أولئك الانتهازين، لنردهم الى جادة الصواب، ونبعدهم عن غيهم وضلالهم، كما أن من واجبنا أولا وأخيرا أن يقف كل منا مع ذاته ونفسه، ولو للحظات يحاسبها، ويحقق معها.
فان رأى فيها شيئا من الانتهازية تخلص منها، وان رأى فيها ظلما، أو عادة قبيحة عالجها وابتعد عنها، والأمر الأساسي في ذلك هو أن يحيا الانسان حياة اسلامية صحيحة، لأن ذلك كفيل بابعاده عن الخوض في الأخطاء وزلات الأقدام، ان كثرة قراءة القرآن الكريم والتمعن فيه، وتدارس الحديث الشريف كلها أمور علاجية حقيقية، تطهر نفس الانسان وفكره، ولا تدع مجالا لسيطرة شهواته ونزواته وأطماعه عليه.
ان أي مؤسسة أو منظمة أو منشأة لا تخلو من أولئك الأشخاص الذين يضرون أكثر مما ينفعون، والذين قد ينجحون لفترة، ولكن الزمن كفيل بكشفهم، وتعريتهم، واظهار سواد قلوبهم على الملأ، ولكن ظلمهم قد يطال الكثيرين قبل أن يتم كشفهم، لذلك نقول: ان رب العمل أو المسؤول في دائرة ما، عليه مسؤولية مضاعفة وهامة بمعرفة المسؤول عنهم، واذا ما تأكد له خطورة أحدهم عليه أن يبعده، وأن يتأكد تماما قبل أن يظلم أحدا.
ان الأمر الأخطر هو أن الانتهازي قد يتجه الى القضاء ليحرف سير قضية ما، وفي ذلك من الظلم والخطورة ما لا يخفى على أحد، ولهذا ننبه الى خطورة أولئك الذين لا ذمة لهم!
ان العلاج الناجح والوقاية النافعة من أخطار النفس البشرية يتمثل بالاسلام، ولا شيء سواه، فالاعتصام بحبل الله يقي الانسان من نفسه ومن غيره، ويجعله مأمون الجانب محبوبا من الآخرين، ويمنحه من الصفات أحسنها، ومن المزايا أنفعها، والله المستعان.
alomari1420@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved