أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 28th August,2000العدد:10196الطبعةالاولـيالأثنين 28 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

على هامش مؤتمر برمنجهام
محمد بن عبدالوهاب ودعوته الإصلاحية
د, ماجد بن عبدالعزيز التركي *
لماذا تعقد المؤتمرات والندوات العلمية؟
هناك عدة أوجه لمتطلبات عقدها وإقامتها، ومنها:
الرغبة في التجلية العلمية لموضوع القضية المطروحة.
السعي الإعلامي للفت الانتباه لموضوع بذاته من زوايا محددة.
الدعم العلمي والإعلامي لاتجاه بعينه من خلال طرح وتناول قضيته وموضوعه.
هذه الأوجه الإيجابية وغيرها كدوافع ومبررات علمية وعملية لعقد الندوات والمؤتمرات، لا تصبح أهدافا محققة نهاية تلك البرامج مالم تتهيأ لها ظروف ومعطيات النجاح،وإلا فقد تنعكس إلى نتائج سلبية، وأبرز متطلبات النجاح:
التوقيت الزماني المناسب لطرح وتناول القضايا.
انتقاء الأدوات اللازمة للطرح والتناول.
اختيار اللغة الإعلامية المناسبة لطرح الموضوع.
وبين هذا وذاك تأتي اهمية الاستراتيجيات والتخطيط الشامل للطرح والتناول العلمي والإعلامي للأفكار الكبرى.
أولاً: مدخل موضوعي:
في المدة من :(4-6/5/1421ه، الموافق 4-6/8/2000م) انعقد في مدينة (برمنجهام) مؤتمر: (محمد بن عبدالوهاب: ودعوته الإصلاحية)، وجملة ما هدف إليه هذا المؤتمر تصحيح الصورة أو الصور الخاطئة عن هذه الدعوة الإصلاحية وصاحبها المجدد عليه رحمات الله ورضوانه وفكرة المؤتمر وفعالياته بمبادرة من جمعية أهل الحديث في بريطانيا.
وبالمتابعة الإعلامية لفعاليات المؤتمر فقد تم تناول موضوعه من خلال محاور ستة رئيسية:
أسس هذه الدعوة ومنطلقاتها وثوابتها.
المنهج الدعوي للشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمه الله).
دعوة الشيخ، والتيارات الفكرية المعاصرة.
آثار دعوة الشيخ (رحمه الله).
دعوة الشيخ، والعالم الغربي.
الإعلام في خدمة الدعوة.
وكل من هذه المحاور يصلح لأن يكون موضوعاً مستقلاً لمؤتمر خاص به.
وبالمتابعة الإعلامية أيضاً، فقد خلص المؤتمر إلى ثماني نتائج رئيسية، وست عشرة توصية، وليس هنا مكان ذكرها أو تناولها،ولكن المهم ان المؤتمر نجح في فعالياته،واستطاع المؤتمرون الوصول إلى نتائجه في إطارها النظري ضمن الدائرة الموضوعية للمؤتمر.
ولكن تبقى العقدة المشتركة بين كل أو على الأقل معظم المؤتمرات من هذا النمط، وهذا الاتجاه،والعقدة المطلوب تجاوزها هي الوصول إلى خطوات عملية بمثابة امتداد واقعي للنتائج النظرية، إذا كان يراد للمؤتمرات تجاوز الحدود النظرية، أو باختصار تحقيق جواب: ثم ماذا بعد؟
وما هي الخطوات المستقبلية في الاتجاهين النظري والعملي، أو بعبارة أخرى (استراتيجية حمل الأفكار الكبرى)؟.
إن شرف حمل الأفكار الكبرى تتبعه مسؤولية الدعم والمساندة العلميةوالعملية،وما يلزم لذلك من تخطيط وتنفيذ ومتابعة، ولا شك أن عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية هي جزء رئيسي، ولكنها في ذات الوقت ليست إلا حلقة ضمن سلسلة استراتيجية حمل الأفكار والقضايا الكبرى.
إن فكر الأمة، وعقيدتها، ومنهاج شريعتها، هو قضية القضايا، والمحور الرئيس الذي تدور في فلكه الأمة بمختلف شؤونها.
ثانياً: مراجعة التاريخ الفكري والمذهبي:
سجل التاريخ بوجه عام مليء بالطروحات الفكرية والمذهبية، على اختلاف في حجمها الفكري، ومساحتها الزمانية، وأبعادها المكانية، كما تختلف من وجه آخر في عمقها الآيديولوجي، وقوة تأثيرها وقبولها، وقبل ذلك كله رصيدها من الحقائق اليقينية.
الطروحات الفكرية وخاصة العقائدية والمذهبية أخذت أشكالاً متعددة فمعظمها طروحات جزئية، والبعض الآخر جاء في هيئة طروحات كلية كبرى، سواء في بداية نشوئها، أو أنها تبلورت حجمياً مع الزمن والجهود الداعمة أو المرافقة لها، ويمكن تصنيف تلك الطروحات بالنظر إلى واقعها (النظري والتطبيقي) إلى جملة من الأشكال، لعل أبرزها الآتي:
1, طروحات نظرية مجردة، لم يكن لها أثر في الواقع العملي (السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي)، من مجرد نظريات وأفكار مدونة في كتابات وثائقية فحسب.
2, طروحات فكرية تحولت إلى ممارسات عملية، من خلال صياغات مقننة (سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً)، بل وتشريعيا، مع اختلاف في المدى الزمني لتلك التحولات.
3, طروحات فكرية تراوحت (زمنياً) بين الظهور الواقعي والتأثير في الحياة العامة (بمختلف انماطها)، والعودة إلى الأرشيف والملفات النظرية.
ولكل من هذه الأصناف شواهدها الكثيرة جداً في تاريخ البشرية، والأهم هنا ليس استعراض تلك الشواهد، بل الإشارة والتأكيد على ان تحول بعض الأفكار إلى ممارسات لها صولات وجولات في حياة البشرية، بل وتغيير مجرى التاريخ في بعض فتراته عائد إلى الجهود (العلمية والعملية) التي ساندت الفكر ليتحول إلى حياة يومية، وهذا جزء من السنن في حياة البشرية، فقد شاهدنا، وقرأنا، بل وعايشنا نماذج بعضها يصطدم مباشرة مع الطبيعة والفطرة السوية، ومع ذلك قادت جزءاً كبيراً من المسيرة البشرية ردحاً من الزمن، فلا يمكن أن يتحول الفكر إلى حياة، ما لم يكن خلف الفكر حياة تدفع إلى الواقعية، وتحدث له الأرضية التي يقود بها الحياة.
إن تاريخ الأفكار الكبرى في حياة البشرية يكشف أنها لم تكن مجرد أفكار وإن كبرت، ولو كانت كذلك لبقيت في أدراجها وبين طيات أسفارها، بل كانت أفكاراً تدفعها للواقع آليات عمل محددة، وخطوات استراتيجية مقننة، وبدون هذه وتلك لم يكن ولن يكون لها واقع تعيشه البشرية، ويفرض عليها نمط حياة خاص ينطلق من فلسفة اتجاهاتها الفكرية.
الأفكار وإن كبرت تحتاج إلى كيان يحملها، وسياسة تدفعها، (فالرسالة المحمدية) وأعظِم بها من فكر، وحي إلهي تنزل به الروح الأمين على خاتم المرسلين (صلى الله عليه وسلم)، ظلت وبقيت سنوات ثلاثا دعوة سرية في دار الأرقم ابن أبي الأرقم، وإيمانا من صاحب الرسالة (عليه الصلاة والسلام) بأهمية وحتمية الكيان الذي يمثل القوة التي تحمله، ترحل بين القبائل يعرض عليهم هذا الفكر الجديد رجاء ان يجد من يستجيب ، وبعد توفر الكيان الذي احتضن الفكر تحول مباشرة إلى منهج حياة يومية في ظل دولة ترعاه في (المدينة المنورة).
وبعيداً عن المقارنة، ظلت أفكار (كارل ماركس 1818 - 1883) اليهودي الألماني، صاحب المذهب المادي التاريخي، بمشاركة (انجلز) في إطارها النظري الصرف (الماركسية)،ولو أن الثورة الروسية لم تقم في أعقاب الحرب العالمية الأولى، في سنة 1917، لما بُلي الفكر المعاصر في القرن العشرين بالماركسية، فقد وجدت في الانقلاب الروسي قوة سياسية تؤازرها وتجند لنشرها أقوى وأحدث أساليب النشر والدعاية، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية لتحصل الماركسية على قوة جديدة تؤازرها من خلال النصر العسكري والسياسي الذي حصل عليه الاتحاد السوفيتي.
فالبرغم من البناء الفكري الذي يناقض أبسط مكونات الفطرة البشرية السليمة إلا أن الفكر الماركسي تحول إلى منهج حياة عملي يومي، وتطور شكلياً وموضوعياً، وانبثقت عنه مدارس فكرية فرعية تحولت إلى دول وكيانات مستقلة بعضها قائمة حتى اليوم، رغم سقوط التمثال الأكبر (الاتحاد السوفيتي) الذي كان اساساً وراءها, كل ذلك جاء نتيجة لوجود الكيان الذي حمل الفكر.
وهكذا دواليك، فعبد الله بن سبأ (اليهودي اليمني) الذي أظهر الإسلام ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة، وعدم الموت، وغير ذلك من فكر ناقض به الإسلام في صدر الإسلام الأول، ظل فكره باطنياً تنقل به من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة، وبقي هذا الفكر يظهر ويخبت من زمن إلى زمن آخر حتى اصبح له كيان يحمله ويدفع عنه فتحول إلى منهج حياة،ونموذج تشريعي وسياسي مستقل وقائم بذاته.
إن التاريخ الفكري مليء بمثل هذه النماذج، وفي المقابل مليء بنماذج أخرى بادت، أو بالأصح لم تخرج من إطارها النظري، لذات السبب.
ثالثاً: دعوة الإمام المجدد (الدين والدولة):
جاء العرض السابق بمثابة المقدمة التقريرية، للتأكيد على حتمية الكيان الذي يحمل الفكر.
لقد عاشت دعوة الإمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب رحمه الله) تجربة غيرها من الأفكار الكبرى، فخلافاً لتنقلاته العلمية بين مكة المكرمة والمدينة المنورة والبصرة وغيرها، إلا أنه تنقل بعد مرحلة الاكتمال الفكري بحثاً عن الكيان الذي يحتضن هذه الدعوة الإصلاحية التجديدية، فقصد حريملاء، ثم عاد إلى العيينة، وخرج منها إلى الدرعية وذلك سنة (1158 ه)، وفيها بدأت مرحلة جيديدة في حياة هذه الدعوة وحياة صاحبها، ففي هذا الكيان الصغير (الدرعية) تكونت العنصار الضرورية لانطلاق الفكر عملياً في الحياة (مصلح وأمير)، وهذا تلازم لازم لقيام الكيان المتكامل (دين ودولة)، فقد وجد الإمام المجدد الحماية الكافية للدعوة والإصلاح، ومع أنها (دعوة وإصلاح) إلا أنه لم تقم ولن تقوم بدون العنصر المكمل، فكل منهما ضرورة حتمية للآخر، وشاهد هذا، الشرط الأساس الذي اشترطه الأمير (ابن سعود) على الداعية المجدد بقوله: (إذا قمنا بنصرتك وجاهدنا معك فلا ترحل عنا، أو تستبدل بنا غيرنا).
إن قيام الفكر على الحقائق واليقنيات، وإن كان لازماً لمصداقيته إلا انه غير كاف لانطلاقته العملية، فالكيان (الدولة السعودية في مراحلها الزمنية) هو الذي حمل هذه الدعوة ورعاها حتى أصبحت انموذجاً متكاملاً، في ظل الصراعات الفكرية والمذهبية والعقائدية المدججة بالسياسات والكيانات المماثلة، فالفضل هنا مزدوج لكل منهما على الآخر، فلا دولة بلا فكر، ولا فكر بلا دولة، ولكن ينتهي دور الدولة في فتح السبل للفكر للنفاذ والانطلاق، ويبقى دور الفكر في التطور، وتنمية الذات، ومواكبة متغيرات العصر، حتى يظل الفكر التجديدي متجدداً على مر العصور ولا يكتفي بصفة التجددية التي حملها في سالف زمانه ومبتدأ أيامه، وهنا وهنا فقط يأتي دور حملته ورواده في الحفاظ عليه ببريقة وصفائه وتجدده، وهذا لا يتأتى إلا في ظل وعي علمي مدروس، يدرك الزمان قبل أن يدركه.
محطتان هامتان جداً في مسيرة تجدد الدعوة الإصلاحية:
الأولى: (معهد إمام الدعوة): والذي نشأ ليس لمجرد تكريم الإمام المجدد بتخليد اسمه، لا ولكنه مواكبة مرحلة جديدة من مراحل التطور الفكري، فقد تجاوز الفكر أروقة دروس الخلاوي مع أهميتها حتى يومنا هذا ودشن في ذلك الوقت مرحلة بسيطة من نماذج التعليم المؤسسي التأهيلي، وقد حقق فوائد عظيمة في حينه، وكان نقلة نوعية هامة في نشر وتعليم أصول دعوة الشيخ.
الثانية: (أسبوع الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب): والذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في الفترة من يوم السبت 21/4/1400، إلى يوم الخميس 27/4/1400ه، الموافق 8-14/3/1980م واستضافت فيه الجامعة نحو مائة وخمسين عالماً وباحثاً وداعية من داخل المملكة وخارجها، بمدينة الرياض، وسبق ذلك بأربع سنوات القيام بجهود علمية مكثفة لجمع تراث الشيخ رحمه الله من مظانه، وتحقيقه وفهرسته وطباعته، وتقديمه للباحثين المشاركين كي يكون مصدراً أساسياً لبحوثهم، ومن ثم قيام الجامعة بطباعة بحوث هؤلاء الباحثين، وتحدد موضوعات بحوث اسبوع الشيخ، في الآتي:
1, حياة الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب وآثاره العلمية.
2, اعتماد دعوة الشيخ / محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة.
3, صلة دعوة الشيخ / محمد بن عبدالوهاب بمذهب السلف.
4, الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ / محمد بن عبدالوهاب.
5, تأثر الدعوات الإصلاحية الإسلامية بدعوة الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب.
وقدم العلماء والباحثون في هذا الأسبوع (أربعين) بحثاً، وخلص المجتمعون إلى ثلاث عشرة نتيجة وتوصية.
إن هاتين المحطتين العلميتين تحملان قيماً كبرى (علمياً وعمليا) في مسيرة هذه الدعوة المباركة، فلك ان تتخيل تخيل المشاهد حجم النتاج العلمي، وعظم الإبداع الفكري الذي تحقق من خلال هاتين المحطتين، إن هذا يقودنا إلى معاودة النظر في الأساليب والوسائل والجهود المبذولة في هذا الاتجاه، استرشاداً بالتجارب الرائدة.
إننا نعيش اليوم مرحلة طفرة المعلومات،وسهولة تناقلها، وسرعة وصولها، كما نعيش مزاحمة فكرية في عصر العولمة الذي فرضته التقنية المتطورة دون اختيار، فتجاوز الزمن مرحلة حبس الأفكار ببناء الحواجز المانعة الذاتية، فلا بد أن نسابق بفكرنا الزمن، وأن نكون به حيث تكون الصدارة، لذا تحتاج منا دعوة الإمام المجدد وقفة جديدة، وعملاً طموحاً يتجاوز الحدود الزمنية القريبة، والأبعاد المكانية المحيطة، في ضوء رؤية استراتيجية شاملة تقوم على المنهج الذي قامت عليه هذه الدعوة.
إن حاجتنا لهذه الدعوة والانطلاق الفكري من الأصول التي قامت عليها، تؤكدها التحزبات الفكرية المتناثرة، المتناحرة، وإن كان بعضها ضمن دائرة الإسلام، إضافة إلى إعادة صياغة الفكر العالمي وفق رؤى مادية بحتة تحكم نظم مؤسساته وإدارة شؤونها، مما يستلزم أمامها وضوح الرؤية الفكرية لدينا بكامل أبعادها الذهنية والعملية.
رابعاً: ملامح استراتيجية لحمل الدعوة:
إن رسم الاستراتيجيات (التخطيط الاستراتيجي) من أبرز ملامح التطور الحضاري والفكري للعصر الحديث، ورسم الاستراتيجيات يعد الطريق الأسلم للسير بخطى ثابتة وواضحة وقوية، وهي أحد العوامل الرئيسية المانعة للتخبط الفكري والعلمي، ورسم الاستراتيجيات هو إعادة صياغة المنهج بصورة متطورة وعملية ومقننة.
ويمكن القول بأن الاستراتيجية هي المنهج ذاته، وهذا صحيح من جانب، ولكنها من جانب آخر أشمل،وأكثر تفصيلاً (ولا مشاحة في الاصطلاح).
ليس من السهولة بمكان وضع ورسم استراتيجية شاملة، وخاصة فيما يتصل بالتناولات الفكرية العقائدية، ولكن ذلك ليس بمستحيل أيضاً، ومما يعين على ذلك الإيمان والقناعة بما تخطط له ، فكيف بك أمام قضية القضايا (فكر الأمة وعقيدتها).
إن وضع استراتيجية شاملة في هذا الاتجاه يعني تضافر الجهود العلمية والدعوية والأكاديمية والمهنية، وأن تأخذ المساحة الزمنية الكافية للتأمل والمراجعة والصياغة، وأن يراعى في ذلك المتغيرات والمؤثرات الجانبية والخارجية.
لا بد أن تبنى الاستراتيجية على مراحل زمنية،وخطوات عملية متتابعة، وأن يرافق ذلك المتابعة والتقويم وأن يكون جزءا من التخطيط .
إن بناء الخطط الاستراتيجية يأخذ أشكالاً متعددة، ولكن الأهم أن مكوناتها الأساسية لا بد أن تشتمل على الآتي:
1, جلاء الفكرة ووضوحها في ديباجة الخطة ومقدمتها.
2, وضع المحاور الكلية (مفصلة) التي ستبنى عليها الاستراتيجية.
3, الفصل التام بين التنظير للأفكار, والبرامج العملية لها.
4, الخروج من عموميات الوسائل والأساليب، إلى التحديد الدقيق لها وفق محاور الخطة وفروعها.
5, تحديد المراحل الزمنية، والخطوات العملية لها.
ويسبق ذلك كله وهوالأساس الذي تبنى عليه الاستراتيجية، وهو بيان الهدف أو الأهداف المراد تحققها سواء كلياً، أو مرحلياً.
ان تنطلق الاستراتيجية من المنهج الذي قامت عليه دعوة الإمام المجدد رحمه الله والذي عليه سلف الأمة، وهذا هو روح دعوة الشيخ رحمه الله دون الاقتصار على ذات الدعوة.
لا بد أن تظهر في (الاستراتيجية) روح الشجاعة في التفكير، وقوة الطرح، والإبداع في الأساليب، وعدم التأثر بردود الأفعال المتوقعة، أو المؤثرات الخارجية والحملات المعادية، وإن كان أخذ ذلك في الاعتبار ضرورة عملية ومنطقية.
لا بد أن يتوفر لإعداد (الاستراتيجية) قاعدة معلومات شاملة خاصة فيما يتصل بالأفكار، والأساليب، والوسائل، ومختلف دعاوى الحملات المعادية، سواء تلك التي صاحبت الدعوة في مسيرتها الأولى، أو التي لا تزال قائمة حتى الآن، وأن يكون جزءاً من ذلك الوقوف على كامل تفاصيلها.
هذه جملة من الملامح العامة التي يمكن النظر إليها عند محاولة وضع خطة استراتيجية لحمل دعوة الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله سواء فيما يتصل بالتخطيط لنشر الدعوة وتوسيع رقعة تبليغها، أو فيما يتصل بمواجهة الحملات المعادية والتي اختلفت أشكالها وتنوعت أساليبها وبات من المحتم النظر الشامل لمواجهتها وتحييدها.
خلاصة القول:
إن الذي جذب الانتباه للحديث مجدداً عن هذا الموضوع، هو الجهد العلمي المميز الذي ظهر في مؤتمر (برمنجهام) عن دعوة الشيخ (رحمه الله)، ولكن بالنظر إلى موضوعه وحجم الفكر الذي يحمله جاء هذا الطرح للإشارة إلى أن الأفكار الكبرى على مستوى الأمة تحتاج إلى جهود متواصلة ومتنوعة،وأن يأتي وفقاً لخطط بعيدة الاتجاهات، تقرر لماذا (دعوة الشيخ المجدد)، ولماذا منهجها بالذا؟
والله ولي التوفيق،،
* أستاذ السياسات الإعلامية المساعد

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved