أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 28th August,2000العدد:10196الطبعةالاولـيالأثنين 28 ,جمادى الاولى 1421

عزيزتـي الجزيرة

صرخة أب لابنه الضائع
أدرك نفسك قبل أن تغرق
إليك ولدي وفلذة كبدي، من والدك الذي ضحى من أجلك بكل وأغلى ما يملك، وكرس كل جهده وحياته وشبابه لتسعد أنت وسهر الليالي لتنام أنت وذلك بالكد والتعب والشقاء والسفر وحرمان الذات وكل ذلك من أجل سعادتك وبناء مستقبلك، ضممتك لصدري واحتويتك منذ نعومة أظافرك وحتى بلغت رشدك وأصبحت رجلاً درستك وعلمتك وكنت أملي في الحياة, فكل رجل يا ولدي لا يريد أن يكون أفضل منه في الدنيا غير ولده.
وضعت يدي بيدك لترافقني لبيوت الله وحلق الذكر والمحاضرات والندوات لتعرف طريق الله,.
كم حاولت أن أصنع منك رجلاً يضرب به المثل ولتحمل عني أعباء الحياة وتشاركني المسؤولية والحمل الثقيل فتكون بذلك رجلاً بكل ما تعنيه كلمة الرجولة من معنى.
لكنك للأسف,, أخذت تتأفف وتتضجر وتتعالى وعلى من؟ على من كان سبباً في وجودك بعد الله سبحانه في هذه الحياة,, للأسف بعد كل فضلي عليك قررت العيش بعيداً والهروب حيث الضياع والفساد والنوم في الطرقات وفي المقاهي برفقة جلساء السوء,, دون مراعاة لوجودي ومشاعري,.
فهل تعلم يا ولدي كيف أمضي الليالي والأيام التي تكون فيها بعيداً عني دون أن أعرف إليك طريقا وتغيب خارج المنزل باليومين والثلاثة وأسبوع وأسبوعين.
هل تعلم كيف يكون شعوري عندما تكون على هذا الحال إنه شعور مؤلم ,,, يا ولدي العزيز شعور يكسوه الخوف والتساؤلات وكثير من الاستفهامات والتفكير المرهق مع من تكون وأين ومنهم رفاقك وأصحابك وما هو حالك وكلما يخطر ببالي أنك في,,, أموت ألف موتة حسرة عليك وخوفاً من أن تسقط في الوحل أخيراً.
فكيف تترك النعيم والكرامة والعز لتذهب الى حياة الذل والإهانة وتركض كالمجنون لذلك العالم والشارع الذي تسكنه كل الفئات القذرة, وتفضل العيش بعيدا عن اهلك واخوتك الذين يرونك قدوة لهم وينتظرونك بفارغ الصبر لتعود الى صوابك وترجع عن طيشك.
,, ولدي العزيز,, لقد مشيت طريقا كله شوك وضياع فكانت أول خطوة على هذه الطريق عندما لقيت فرقة السوء على الأرصفة الذين تجدهم يتخبطون في كل مكان بانتظارك وأمثالك, فاستقبلوك بالترحاب ثم بعد ذلك جرتك الخطى لأن تسهر الليالي برفقتهم وأصبحت هذه الصداقة مع تلك الذئاب البشرية التي تتصف بالوحشية والبشاعة أولها قهقهة وتنكيت ثم بلوت وأغاني ثم معاكسات واعتداء على حرمات وأعراض عباد الله ثم الجلوس بالساعات الطوال أمام الدش في المقاهي حتى الفجر وادمان الشيش والدخان واضاعة الصلوات والسهر أمام الفيديو وهلم جرا,, وهكذا تمضي بك الأيام لتزلق بك قدمك دون أن تدري في مستنقع المخدرات والعياذ بالله حتى تصبح حياتك كحياة البهائم بل هي أضل.
نوم وأكل وشرب ولهو وملذات وشهوات ومضيعة للوقت واهدار للصحة والعبادات,.
فهلا توقفت ولدي واكتفيت بما مضى ووقفت مع نفسك وذاتك وحاسبتها قبل ان تحاسب, وكفى بأن ترمي بنفسك في جحيم الأعداء سواء في الخارج وعلى قارعة الطريق بين الوحوش وأسلحة الدمار والعناء او في المبيت بين المسلسلات والأفلام والانتقال من أغنية لأخرى دون ان تعلم انك تستهلك شبابك وحياتك وسعادتك وتقضي على مستقبلك وصحتك.
,, ولدي قل لي بالله عليك بماذا ستجيب اذا وقفت أمام الخالق الجبار؟
وأنت قد مارست جميع المعاصي,, عقوق والديك وترك الصلاة مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنواع المعاصي,, سرقة فاحشة وكل أساليب الشقاء والعصيان والتمرد,,؟
,, أخبرني بماذا ستجيب وقد بلغت من عمرك ما بلغت دون أن تسجد لله سجدة واحدة ماذا لو هجم عليك ملك الموت وانت على حالك هذا,.
ولدي,, ما أقرب النقمة من أهل البغي والأخير في لذة تعقب ندما ومن آمن الزمان خانه ومن تعاظم عليه أهانه,, فانصف نفسك قبل ان ينصف منك واعلم أن كفر النعمة لوم, وصحبة الجاهل شؤم، واعلم أن المقاهي مفسدة والدوران في الشوارع طوال الليالي وحتى طلوع الفجر ثم نوم كارثة تعود عليك بالحسرات والندامة,.
فهل أيقنت ولدي سبب حرصي وخوفي عليك وهل ستعود إليّ أخيراً رافعاً رأسي.
عائض جابر المالكي



أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved