أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th September,2000العدد:10204الطبعةالاولـيالثلاثاء 7 ,جمادى الثانية 1421

العالم اليوم

آرييه درعي,, من عالم المخدرات إلى وزارة الداخلية ثم السجن
أمر رئيس المحكمة الإسرائيلية العليا أهارون باراك بحبس الزعيم السابق لحركة شاس الدينية المتشددة آرييه درعي اعتباراً من الثالث من الشهر الحالي بعدما صدر حكم بسجنه ثلاث سنوات في يوليو الماضي بتهمة الفساد.
واعتبرت المحكمة الإسرائيلية العليا التي أجلت موعد وضع درعي بالسجن المقرر بالأصل في الثالث عشر من الشهر الماضي ان لامبرر للتأجيل مرة أخرى.
وفي ختام محاكمة طويلة وجد زعيم شاس السابق مذنباً بتهمة الحصول على رشوات بقيمة 95 ألف دولار وبالتهرب من دفع الضرائب واستغلال النفوذ .
المسؤولون في حركة شاس التي تتمتع ب 17 نائباً في الكنيست الحالي ثاروا على قرار المحكمة وقارنوا محاكمة درعي بالضابط الفرنسي دريفوس وشككوا في صلاحية المحكمة العليا التي يعتبرونها خاضعة لسيطرة اليهود الاشكناز (الغربيين) ويريدون استبدالها بمحاكم حاخامية.
الياهو سويسا أحد قادة حركة شاس أعلن ان قرار المحاكمة يشكل طعنة جديدة في خاصرة اليهود السفارديم منذ 52 عاماً (منذ تأسيس الكيان الصهيوني)، وأضاف ان ثورة السفارديم بدأت اليوم في اسرائيل وفي العالم لأن حكومة النخبة برئاسة ايهود باراك أعلنت الجهاد على الدين الذي يريد إزالته من الدولة، (في إشارة لمشروع باراك إجراء إصلاح علماني من خلال وضع دستور لاسرائيل مما يعني إعادة النظر في العلاقة بين الدين والدولة).
باراك انتقد تصريحات سويسا متهماً إياها بالتعرض للتقاليد المقدسة للسفارديم مذكراً في الوقت نفسه بأنه من اليهود الاشكناز وزوجته (نافاه) من السفارديم وأنه أى باراك قاتل إلى جانب اليهود من كل الأجناس ورئيساً للوزراء ورب أسرة فمن هو الحاخام آرييه درعي الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات والذي يهدد قرار سجنه بثورة اليهود السفارديم في اسرائيل والعالم كله؟
ينقسم اليهود في اسرائيل إلى طائفتين: الأشكنازية وتتألف من الأقلية الاستيطانية الصهيونية التي هاجر أكثرها إلى فلسطين من بلدان أوروبا الشرقية وبعضها من أواسط أوروبا وغربها ومن أمريكا، وتمثل هذه الطائفة قمة الهرم في المؤسسة الصهيونية المتحكمة في البلد، أي الأكثرية الساحقة في مجلس الوزراء والبرلمان (الكنيست) والوظائف الحكومية والنقابية العليا ورأس المال الخاص والعام والوكالة اليهودية والمؤسسة العسكرية والصفوة الثقافية وقيادة الشرطة والمخابرات، وتمتاز هذه الطائفة بالغطرسة العنصرية وتؤمن بتفوقها النوعي والحضاري.
والطائفة الثانية هي طائفة اليهود السفارديم وتمثل أغلبية اليهود الذين قدموا من الوطن العربي والدول الاسلامية إلى جانب أولادهم وحفدتهم المولودين في فلسطين, وتمكن المستوطنون الاشكناز من تحويل هذه الطائفة إلى أيد عاملة رخيصة بعد أن كانت تنتمي إلى الطبقة الثرية والطبقة الوسطى وطبقة أصحاب الحرف اليدوية والمهن الحرة في الدول التي هاجروا منها، ثم أصبح مصير أبنائها وحفدتها المولودين في اسرائيل أسوأ من الناحية الاقتصادية والثقافية.
من طائفة السفارديم ظهر الحاخام آرييه درعي وزير الداخلية السابق وزعيم الحزب الثالث في اسرائيل حزب شاس الديني المتشدد والذي حكمت عليه المحكمة المركزية في القدس في مارس 1999م بالسجن أربع سنوات بعد إدانته بتهم الاختلاس والسرقة والتلاعب بالأموال العامة وتلقي الرشاوي عندما كان وزيراً للداخلية وقبل ذلك مديراً عاماً للوزارة، وكانت المحكمة المركزية الاسرائيلية قد أدانت درعي بعدة تهم وأكدت أنه صاحب منهج غير سليم في الإدارة وفي الحكم، وقد استغل مناصبه القيادية من أجل تخصيص ميزانيات من أموال الدولة لمؤسسات بعضها وهمية ليحصل في نهاية المطاف على 180 ألف دولار إضافة إلى تلقي رشاوٍ كثيرة وصلت إلى 155 ألف دولار استخدمها في شراء شقة في القدس وفي تمويل رحلات خارجية برفقة زوجته,وقد اعتبر اليهود الشرقيون ان الحكم على درعي ماهو إلا نتاج التمييز والاضطهاد اللذين يمارسان بحقهم في الدولة العبرية منذ تأسيسها، في حين اعتبر اليهود الأشكناز ان درعي وقع ضحية المناورات والألاعيب السياسية والمالية التي ابتدعها واصبح من أبرز منفذيها في المؤسسة السياسية الحاكمة.
وقصة آرييه درعي قصة نجاح مبكر وهو في ريعان الشباب انتهت بسقوط سريع وهو في سن الأربعين، فدرعي يعتبر واحداً من رجال السياسة النافذين في اسرائيل، ويتزعم حزب شاس الذي يعد ثالث الأحزاب الاسرائيلية بعد العمل والليكود إذ يشغل سبعة عشرة مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، حيث اختاره ربع مليون يهودي شرقي معظمهم من أصل مغربي زعيماً لحزب شاس، ويتولى حقيبتين وزاريتين هما الداخلية والعمل.
ولد آرييه درعي في مدينة مكناس المغربية عام 1959م لعائلة يهودية فقيرة، وهاجر إلى اسرائيل عام 1968م حيث انغمس بعد وصوله إلى اسرائيل في عالم المخدرات والانحراف في بلدة (بات يام) جنوبي تل أبيب التي أقام فيها والتي كان أغلب سكانها من العمال والفقراء، لكن عائلته ارسلته إلى معهد ديني في بلدة حاديرا شمالي اسرائيل حيث التقى بأحد أبناء الحاخام أوفاديا يوسف وأصبح بشكل سريع من أقرب المقربين إليه ومن أكثر الأشخاص تأثيراً في أوساطه، وجنباً إلى جنب مع الزعماء الروحيين المؤثرين في أوساط اليهود الشرقيين عمل درعي على تأسيس حركة شاس في عام 1984 وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، واستطاع حزب شاس من الفوز في العام ذاته بأربعة مقاعد في الكنيست وسرعان ماتحولت الحركة التي تملك الآن سبعة عشر مقعداً في الكنيست إلى ثالث قوة سياسية في اسرائيل بعد حزبي العمل والليكود وإلى مايشبه بيضة القبان بالنسبة لمختلف الحكومات الاسرائيلية التي باتت تعتمد على دعم شاس لضمان بقائها.
في عام 1986م أصبح درعي مديراً عاماً لوزارة الداخلية وبعد عامين تولى هذه الوزارة ليصبح أصغر وزير في تاريخ اسرائيل، وبدا أنه لايوجد أي شيء يمكن أن يعيق صعوده إلى الحياة السياسية في اسرائيل.
واستطاع اليمين الاسرائيلي الذي يمثله تكتل الليكود من البقاء في الحكم بفضل دعم حركة شاس وذلك من خلال مشاركته في حكومة الليكود السابقة بزعامة اسحاق شامير عام 1988م وبزعامة بنيامين نتنياهو عام 1996م واحتفظ درعي في الوقت نفسه بعلاقات قوية مع حزب العمل وهو ما جعله يحظى بمنصب حكومي في حكومة اسحاق رابين عام 1992م ، وكان خلالها من أبرز مؤيدي التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، وبالرغم من خلفيته الدينية المتشددة فقد استطاع ان يقيم علاقات طيبة مع الأوساط العلمانية سواء في حزب العمل أو مع المتشددين في الليكود واستطاع كسب ود قطاع كبير من الاسرائيليين حينما ألغى بعض اجراءات الرقابة التي أعاقت الانتاج المسرحي في اسرائيل كما تمكن من تكوين قاعدة انتخابية محدودة بين جزء من الوسط العربي في اسرائيل بفعل تأييده لزيادة حجم التقديمات الاجتماعية لهذا الوسط,ورغم ان قرار المحكمة كان بالسجن الفعلي أربع سنوات على درعي إلا أن المحكمة أتاحت له البقاء طليقاً حتى انتهاء الاستئناف في المحكمة العليا وكذلك لقرب الانتخابات الاسرائيلية التي جرت عام 1999م وفاز بها بنيامين نتنياهو, وبالرغم من ان قرار إدانة درعي الذي صدر بعد اجراءات قضائية استمرت تسعة أعوام سيمنعه من الوصول إلى (الكنيست) أو كرسي الوزارة خلال عشرة سنوات من انتهاء محكوميته، إلا أنه سيعزز موقعه في أوساط اليهود الشرقيين حيث يمثل درعي لهم انتصاراً على الطائفة الاشكنازية.
عادل أبوهاشم

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved