أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 10th September,2000العدد:10209الطبعةالاولـيالأحد 12 ,جمادى الثانية 1421

العالم اليوم

ذبح العاملين في الأمم المتحدة بإندونيسيا لم يكن مفاجأة
* جاكرتا بقلم جو كوتشران د,ب,أ
ربما أن الأمر المثير للدهشة إزاء مصرع ثلاثة من العاملين التابعين للأمم المتحدة في إقليم تيمور الغربية بإندونيسيا هذا الأسبوع ليس هو وحشية الحادث ولكن الوقت الطويل الذي مضى قبل ان يقع الحادث.
فلا تزال نفس الميليشيات الموالية لاندونيسيا والتي ارتكبت جرائم قتل جماعية في إقليم تيمور الشرقية قبل عام واحد تعيث فسادا في تيمور الغربية المجاورة برغم مزاعم الحكومة الاندونيسية بعكس ذلك.
فرجال تلك الميليشيات يحملون السلاح جهارا، ويحتجزون ما لا يقل عن مائة ألف من أبناء تيمور الشرقية كرهائن رغما عنهم, ولا يبدو أنهم مسؤولون سواء أمام الحكومة او الشرطة الاندونيسية.
وقد استعرضت الميليشيات التي يزعم انها لا تزال تحظى بتأييد ودعم القوات المسلحة الاندونيسية قوتها مرة تلو الأخرى حتى الهجوم على مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة لأمم المتحدة في أتامبوا.
فقد لقي ثلاثة من العاملين الدوليين مصرعهم ولا يزال آخر في عداد المفقودين بعد ان قام آلاف من الميليشيات وعصابات من اللاجئين التيموريين الشرقيين الموالين لاندونيسيا بتدمير المكتب.
وفي مناسبات عدة منعت الميليشيات على مدار الأشهر الأخيرة بالقوة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من تسجيل 120 ألف لاجىء من تيمور الشرقية لتحديد الذين يرغبون في العودة الى ديارهم والذين يرغبون في إعادة توطينهم داخل إندونيسيا.
وأوقفت المفوضية التابعة للأمم المتحدة عملياتها لفترة محدودة الشهر الماضي بعد ان تعرض ثلاثة من العاملين بها لضرب مبرح على أيدي الميليشيات, وتعتقد المفوضية ان 80 في المائة من اللاجئين يرغبون في العودة الى ديارهم في تيمور الشرقية.
ان استئناف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لعملها لإعادة اللاجئين الى ديارهم يعد سخرية تبعث على المرارة, فهؤلاء اللاجئون هم الورقة الوحيدة المتبقية للمساومة في أيدي الميليشيات الذين يعارضون استقلال تيمور الشرقية عن اندونيسيا, وأما الميليشيات فلا تتورع عن قتل العاملين بالأمم المتحدة للابقاء على اللاجئين في تيمور الغربية.
وحذر دبلوماسي غربي ان الوضع يخرج عن السيطرة ويعد في الواقع مبعث حرج لجوس دور في إشارة الى الرئيس الاندونيسي عبدالرحمن عبدالواحد بالاسم الذي يلقب به.
وأما التفسيرات بأن الغوغاء قد هاجموا مكتب الأمم المتحدة كرد انتقامي على قتل زعيم ميليشيات على أيدي معتدين مجهولين يوم الثلاثاء فهي تعد بمثابة إضافة الى الحماقة التي تعرض تيمور الغربية في الوقت الراهن للخطر.
وتستمر الاعمال الوحشية يوما بعد يوم فقد طعن الميليشيات الموظفين الدوليين الثلاثة حتى الموت ثم اضرموا النيران في جثثهم, وفي الوقت الذي لا تعير الحكومة الاندونيسية التفاتة لما يحدث، يبدو انها لا تزال تعيش حالة من الانكار بشأن فقدها تيمور الشرقية قبل عام.
وحتى بعد هجوم يوم الاربعاء تمضي الحكومة الاندونيسية في زعمها أنها قد اتخذت خطوات لتسريح ونزع سلاح الميليشيات متغاضية فيما يبدو عن التحذيرات المتكررة من المجتمع الدولي طيلة الاثني عشر شهرا الماضية.
ويؤكد سوسلو بامبانج يودهويونو الوزير رفيع المستوى في الحكومة الاندونسية قائلا: إننا نعمل منذ عام لحماية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والعناصر الدولية الأخرى في المنطقة.
ويمثل هذا الحادث حالة خاصة، غير انه لا يعني أننا لم نفعل شيئا طوال اثني عشر شهرا لحماية اللاجئين وتأمين المنطقة والتوصل الى حل المشكلة هناك.
ولا تختلف تصريحات يودهويونو عما أدلى به وزير الخارجية علوي شهاب في مؤتمر صحفي عقد الشهر الماضي بعد ان قتلت الميليشيات أحد العاملين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم في تيمور الشرقية ومثلت به.
وقد وجه الصحفيون الغربيون وبصورة متكررة الى شهاب الذي يحظى بثقة الرئيس الاندونيسي، أسئلة تتعلق بلماذا لم تقم الحكومة الاندونيسية بتسريح الميليشيات أو نزع أسلحتهم، ومرة بعد الأخرى راوغ شهاب الرد على تلك الأسئلة.
وحتى يوم الخميس قالت القوات المسلحة والشرطة أنه ليس لديهم أي خطط لمداهمة قاعدة الميليشيات في أتامبوا التي تأوي الميليشيات التي شنت هجوم يوم الاربعاء.
ولِمَ لا؟ الحق ان الأحداث التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية يبدو انها تؤكد سيناريو مخيفا يتمثل في أن حكومة الرئيس الاندونيسي الديمقراطية الهشة وقوات الأمن التابعة لها ليست بقادرة على وقف أنشطة الميليشيات واحتواء الأعمال المنافية للقانون في رابع أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان.
ويقول آندي مالارانجينج المحلل السياسي البارز ان ما يجري من أحداث لا يقع فحسب في تيمور الغربية ولكن يحدث أيضا في كثير من المناطق في اندونيسيا حيث لم يعد هناك أي نوع من الاحترام للسلطة وطاقة الجيش والشرطة لاحتواء الوضع القائم هزيلة للغاية, لقد ضعفت روحهم المعنوية ولم يعد هناك احترام للسلطة.
لقد وصف زعماء الاستقلال في تيمور الشرقية الميليشيات بأنهم إرهابيون ومجرمون ولكنهم اعترفوا بأن نوعا من الحل السياسي يعد مطلوبا لحل الميليشيات التي تروع المواطنين على جانبي الجزيرة المقسمة.
ويقول المحلل السياسي بمقدورهم مصادرة الأسلحة مثل البنادق ولكن أسلحة مثل المدي والسيوف يمكن العثور عليها واستخدامها, لذا يتعين التوصل وعلى وجه السرعة الى حل سياسي لاننا في إندونيسيا نفتقر الى القدرة على السيطرة على الوضع القائم.
غير انه ليس من المرجح ان تلوح في الأفق تسوية سياسية، على الأقل في وقت قريب, وإذ لا يزال الرئيس الاندونيسي مشغولا بمعارك سياسية مع النواب في جاركتا وبالعنف الطائفي والحركات الانفصالية في أقاليم أخرى بما يعتبر أكثر أهمية من تيمور الغربية بالنسبة لاندونيسيا للابقاء على وجودها.
وربما تدفع الضغوط الدولية إندونيسيا الى القيام بإجراء في الوقت الراهن مثل القيام ببعض الاعتقالات كما فعلوا يوم الخميس.
ولكن مع إجلاء الأمم المتحدة لما تبقى من العاملين التابعين لها من تيمور الغربية فإن ال120 الفا من لاجئي تيمور الشرقية المروعين قد يختفون مرة أخرى من على شاشات رادار المجتمع الدولي.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved