أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th September,2000العدد:10219الطبعةالاولـيالاربعاء 22 ,جمادى الثانية 1421

الاخيــرة

عبدالعزيز الملك المؤسس
فؤاد عبد السلام الفارسي
لقد أجمع المؤرخون المنصفون على أن جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحديثة أحد الأبطال القلائل الذين جاءت إنجازاتهم أكبر بكثير مما كان يتوقعه أكثر المراقبين تفاؤلا الذين يعكفون على رصد الوقائع التأريخية وتدوينها والعمل على تحليلها وربطها بالبدايات والمسببات وتقويم النتائج.
من النادر أن تجد رجلا تجمعت فيه المزايا التي تجمعت في ابن سعود، فهو جندي موفق ظافر، ومصلح مبدع مبتكر، وتقي ورع صالح، وإنسان لطيف مهذب، وجواد سخي سمح، وراسخ وطيد متين، وذكي حاذق لبيب، وشجاع جريء مقتحم، نبيل في تواضعه، جليل في احتشامه الكاتب الانكليزي كنث وليمز.
يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم، لايقاتل الناس ولايعتدي عليهم، وإنما يحارب الجهل، ويقاتل الجمود، ويكافح التأخر جرمانوس مستشرق مجري.
يعتبر ابن سعود باتفاق آراء الناس، رجلا ذا حكمة واستقامة، وقد زادت في شهرته وشعبيته صفات العدل والكرم وحسن الضيافة المستشرق الأمريكي إس, تويتشل.
كان متعدد الجوانب، كامل الرجولة، لا أعرف أن أحدا التقى به من خصومه أو مواليه إلا أثر في شخصيته التي لم يجد التأريخ بمثلها، عرفته وهو لايملك من المال لإدارة هذا الملك الواسع إلا الكفاف، وعرفته والدنيا تفيض بين يديه خيرا وبركة فلم يكن إلا عبدالعزيز بن سعود,, ولد سيدا ومات سيدا ويعطي كل مايملك من القليل، ويعطي كل مابيده من الكثير عبدالرحمن بن عزام.
نجح ابن سعود أيما نجاح في إيجاد الحلول لكل مشكلة، والتوفيق بلباقة بين المتناقضات، هادفا إلى إيجاد طريق وسط بين الرجعية والتقدمية العصرية بحيث تفيد بلاده من جميع المستحدثات العصرية دون المساس بالدين أو بالتقاليد أو العادات الموروثة, وهو أمر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تضم مكة وفيها الكعبة قبلة المسلمين، وعليها أن تكون أكثر الأمم الإسلامية تمسكا بأحكام الدين والقرآن الكريم المؤرخ الألماني داكوبرت فون مبكوش.
إذا كان ابن سعود قد نجح في لم شعب الجزيرة العربية تحت لوائه، وإذا كان قد جعل من بلد مضطرب آهل بالعصابات، بلدا أكثر أمنا في العالم، فمرد ذلك ليس القوة والسيف فحسب، بل لأنه سكب في أعماق الأمة الناشئة أقوى عوامل التراص والتماسك أي التقيد الشديد بأحكام القرآن,, فالجرائم التي ترتكب حالياً في المملكة العربية السعودية خلال عام كامل أقل مما يرتكب في باريس خلال يوم واحد كتاب الخليج العربي موريس جورنو.
في ابن سعود ميزة أخرى وهي أنه كريم صادق وقد حادثته مرتين في شؤون مختلفة كان بعضها دقيقا جدا فلم ألحظ قط أنه يلبس الباطل ثوب الحق,, نعم كان سياسيا أحياناً في أجوبته فلا يقول كل مايعرفه، ولكنه لم يتلفظ بكلمة واحدة غير صادقة د, فون ويزل.
شهدت بنفسي عندما زرت المملكة العربية السعودية ماذا صنع الملك عبدالعزيز لرفاهية شعبه، لقد استقر بفضله السلام والأمن في البلاد التي كانت من قبل تمزقها المنازعات الداخلية وأتيح لي أن أشهد كيف تم الاعتراف به ملكا وزعيما على شعبه الذي اضاء له حكمة الطريق إلى الارتقاء في جميع المناحي الاجتماعية والثقافية لورد: إف اثلون حاكم كندا.
هذا قليل من كثير مما تزخر به المصنفات الوثائقية عن ملامح شخصية الراحل العظيم وطموحاته وماحققه من إنجازات خلال فترة وجيزة لاتحتسب في عمر الزمان.
وبطبيعة الحال فإن الطموحات التي لاتتجاوز الاهتمامات ذات الطابع الشخصي لامجال لمقارنتها مع تلك الطموحات التي نحن بصددها التي تلامس الآفاق على درب صرف العبادة لله وحده ثم بناء الوطن وإقامة الدولة وتوفير الأسس المنطقية والموضوعية التي تضمن الاستمرارية وإحراز المزيد من التقدم والازدهار.
فالمجتمع آنذاك متعدد الأهواء والمشارب ولذلك فهو يغلي كالمرجل نتيجة للانقسامات والحروب القبلية المواكبة لتلك الحقبة التي كانت تشتعل لأتفه الأسباب فتحصد الرجال وتأكل الأخضر واليابس.
وهنا يبرز الدور العظيم للقائد الملهم الذي وضع روحه في كفه عندما أطلق من أعماقه وبأعلى صوته عبارته المشهورة إما النصر أو الشهادة أي لامجال إلى التراجع أو الانهزام,, فكان له بتوفيق الله ما أراد نصرا مؤزرا.
ولكن تلك النتائج الباهرة لم تتحقق بين عشية وضحاها وإنما عبر مراحل عديدة من الصبر والمثابرة والكفاح المرير على امتداد عدة عقود بما شكل في مجموعة ملحمة من الملاحم البطولية الخالدة التي يزدان بها جبين التأريخ قديما وحديثا بالنظر لما ترتب عليها وما انبثق عنها من نتائج كان لها مابعدها.
فتوحدت البلاد بعد تمزق، وتصافى المجتمع بعد تناحر، فتحول من شراذم متصارعة إلى الحياة الحضارية الحديثة وفي إطار العقيدة الإسلامية السمحة وتحكيمها في إدارة شؤون البلاد فصيغت النظم وفق ماجاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما ورث عن السلف الصالح.
ولذلك نحن مدينون للراحل العظيم الذي وفقه الله لإقامة هذا الكيان الكبير الذي تقلنا أرضه الموحدة وتظللنا سماؤه بكل الحب والأمن والأمان والتحنان,.
بما يتوجب المداومة على شكر الله عز وجل لأنه بالشكر تدوم النعم,, كما أن علينا جميعا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوة للاستزادة من العلم والمعرفة من أجل الارتقاء بمهاراتنا لتطوير عطاءاتنا ليكون كل واحد منا في المستوى الذي يؤهله ليحمل مسمى المواطن الصالح.
فالصلاح لايتحقق بالاسترخاء والكسل والتبلد والخمول وإنما يتحقق بالامتثال لشرع الله عز وجل ثم بالمثابرة وبالتضحية والفداء والإيثار والتسابق لأداء الواجب والمحافظة على المكتسبات وقبل ذلك وبعد ذلك الالتزام المطلق بأركان الإسلام وإقامة الشعائر على الوجه الصحيح الذي يحبه الله ويرضاه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,



أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved