أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th September,2000العدد:10223الطبعةالاولـيالأحد 26 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

شدو
في جنون الكتابة!
د, فارس محمد الغزي
تعود شدو إلى قواعدها سالمة! بعد توقف استغرق أسبوعين وخلال ماينيف عن السنتين من الركض فكريا دون توقف, في مثل هذه الحالة، يصبح التوقف المفاجئ عن الكتابة للمعتاد عليها كتوقف المرء فجأة عن أي شيء ضروري وحيوي في هذه الحياة لا يعادله سوى التوقف المفاجئ لاقدر الله عن المشي وبدون أعراض أومقدمات, بالمناسبة، أعتقد هنا أن تشبيه الكتابة بالمشي مناسب بحق وحقيق: فكما أن المشي حركة جسدية متأنية فالكتابة هي نفسها حركة فكرية بتأنٍ وروية، فلا غرو إذن أن يختلف الكتاب باختلاف أساليب كتاباتهم وعلى غرار قولهم الأسلوب هو الرجل : فهناك من هو متحرول! الفكر مشلول القلم فلا يستطيع التحرك فكريا مهما حاول، وهناك من بالكاد يتحرك فكريا ولكأنه يحبو حبوا، كما أن هناك من هو حاط رجله على عماها! أقصد قلمه موضع رجله، أعزكم الله,, وهناك من يتحرك واثق الخطوة فكرا أو بالأصح واثق القلم! , إن الكتابة عادة وانتزاع العادة شديد وكما تقول العرب بل إنك تمضي في حال سبيلك متوقفا عن الكتابة وشعور غريب لا ينفك يلازمك موحيا إليك بأن ثمة شيئاً مهماً قد سقط من كيانك.
ولذلك فلعلك توافقني الرأي بأن مجرد كلمة التوقف كلمة في الحقيقة ثقيلة دم! قلما تشير إلا الى شيء سيئ! حتى ولو كان التوقف عن التدخين والذي رغم اهميته وضرورته للصحة فله وأقصد التوقف من الأعراض الإنسحابية ما يجعله مرضا بحد ذاته وش يدريني؟! مالك دخل!! ولذا اجد ان لدي الجرأة لأقول بأن التوقف بكل صيغه اللغوية غالبا ما يكون سلبيا ولنا دليل بعبارات من قبيل توقف التنفس الوقوف في الطابور، وقوف الغير ضدك، توقف القلب الله يستر! بل ما هو شعورك في سماع رجل المرور يصرخ من ميكرفون سيارة المرور وبطريقة أبعد ما تكون عن شيء اسمه حضارة صارخا بالجميع وقف على جنب ياولد؟ وماذا عن توقف محرك سيارتك بمكان بعيد منعزل مظلم موحش؟ أو اضطرارك للوقوف في عرض الطريق تائها تستجدي العناوين؟ وما رأيك في توقيفك في قسم الشرطة، وما هو شعورك تجاه الوقوف المزدوج، أو توقف النمو، أو توقف قطعة لحم في حلقك، أو وقوف دمعة على مشارف ناظريك، أو حتى ماذا عنك وعنها عند توقفك أنت عن القدرة على التلقيح! وتوقفها هي عن الإنجاب؟!
أعتقد أن كراهة الإنسان للتوقف عما اعتاد عليه غريزة مكتسبة تزداد تأصلا مع مضي الزمن,, فالتوقف عادة ما يكون فجائيا لم نحسب حسابه أو قسريا مما يعني الحيرة، والاضطراب، واختلاط الاوراق، ونغمة البدء من جديد زمانيا ومكانيا وما يتبع ذلك من صعوبة البدايات، وثقل أول الخطوات، ووحشة أول المشوار، وآه ياخوفي من آخر المشوار ياخوفي! كما صدح العندليب!
بالمناسبة ماذا عن توقف محرك الطائرة الماخرة بك عباب السماء؟ بل ماذا عن هذه الكلمة منفية : كعدم توقف ذئب او قطو! يلاحقك تالي الليل! او عدم توقف الدم او الصداع، او عدم توقف السيارة في دحديره! او حتى عدم التوقف في الوقت المناسب عن الكلام,, عن البكاء,, عن الاكل,, عن التفكير,, عن احلام اليقظة,, وعلى ذلك فقس ولا تتوقف! بل ماذا عن هذه الكلمة تاريخيا؟ ماذا افاد وقوف اوائلنا بأطلال هذه الحياة البائدة: ماذا عن امرىء القيس القائل: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل، وهل نفعه الوقوف؟! أستميحكم العذر بعدم قدرتي على التوقف ,, رغم محاولاتي الجادة، فكل ماأردت قوله منذ البداية,, انني توقفت عن الكتابة من خلال إجازة قصيرة سرعان ما انقضت!
,, لكأني بألسنة الحال تصرخ قائلة: طيب، وش السالفة؟! لأقول: عوافي! فكل ما في الامر أنني تِمغَّطت وسخَّنت! هنا فكريا استعدادا للانطلاق الفكري,,,,, فإلى اللقاء.
ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved