أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th September,2000العدد:10224الطبعةالاولـيالأثنين 27 ,جمادى الثانية 1421

محليــات

رأي الجزيرة
ألمانيا العرب
عندما تسكت المدافع بعد حرب أهلية ضروس، كما هو الحال في لبنان، يصبح المطلوب والمفترض قراءة واعية واستيعاباً عميقاً للأسباب التي قادت للحرب، لكي يتمكن الجميع من تجاوز تراكمات الحرب وما خلّفته من دمار.
ولعل من أهم الدروس ألا توظف طائفة أو فئة حالة ما بعد الحرب لصالحها أو تجيّر اتفاقاً لتحقيق مكاسب سياسية على حساب طوائف أخرى، فالحرب توقفت بفعل اتفاق الطائف، وهو إنجاز يُحسب للقوى السياسية اللبنانية بمختلف ألوان الطيف، ولعل من أهم إنجازات الطائف الإقرار بصيغة التعايش بين كافة فئات الشعب اللبناني، وبناء مؤسسات الدولة، وتعميق الصلات مع دول الجوار العربي، وتحرير الجنوب المحتل، وقد شهدت فترة ما بعد الطائف خطوات عملية ملموسة باتجاه ترسيخ الاستقرار وإنضاج الظروف المؤدية إلى حوار سياسي لبناني لبناني، وتقويم العلاقة مع الشقيقة سوريا في ضوء الدور المهم الذي قامت به سوريا لترسيخ قواعد الاستقرار في لبنان، غير أن بيان المطارنة والبيان المقابل من القيادات الروحية، هو تجاوز لسياق اتفاق الطائف وما أنجزه من مكتسبات، إذ من الخطأ تصوير الوجود السوري وكأنه انتصار لفئة دون أخرى، أو محاولة لهيمنة قوى معيّنة، فالوجود السوري كما قال الرئيس اللبناني شرعي ومؤقت، أي أنه مرهون بظروف الاستقرار ذاتها، وبيانات القيادات الروحية تؤدي إلى الاتجاه المعاكس، أي أن الأجواء خلال الحرب الأهلية بدأت تطل مرة أخرى.
العلاقة بين سوريا ولبنان تتجه لكي تصبح علاقة بين دولتين تربطهما مصالح مشتركة، وبينهما أواصر قربى ومنافع وتحالفات في ظل ظروف سياسية معقدة، وهذا الملف يبحث من خلال قنوات الدولتين ومن مؤسسات الدولة وليس من خلال بيانات وبيانات مضادة لا تخدم الصالح العام.
لا أحد في لبنان يقبل أن ينتمي إلى دولة منقوصة السيادة، كما أن الجارة الكبرى سوريا لا ترغب أن تبقى في لبنان أو أن تخلَّ بسيادته، وضمن هذا الفهم المتبادل تنسج خريطة علاقات بين دولتين تتجاوز تراكمات ماضٍ وتؤسس على تعاون مشترك.
لقد خرجت ألمانيا بعد الحرب منهكة ومدمّرة ومنقوصة السيادة، ومن بوابة الاقتصاد أصبح صوتها قوياً ومؤثراً ليس في دول الاتحاد الأوروبي فحسب، بل تجاوز ذلك إلى العالم, والشعب اللبناني بما يملكه من خصائص وصفات ومهارات وجدية، يستطيع أن يحوّل لبنان إلى ألمانيا العرب، إذا استجاب لطبيعته فغلّب الاقتصادي على السياسي، والوطني على الطائفي، واتخذ من التعددية ينبوع ثراء وتنوّع وليس مجالاً لتصفية حسابات أو استجابة لضغط خارجي.
الجزيرة

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved