أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th October,2000العدد:10234الطبعةالاولـيالخميس 8 ,رجب 1421

محليــات

لما هو آت
د ,خيرية إبراهيم السقاف
لكِ وحدكِ 40
اللحظة فقط أشعرُ برهبةٍ، لا أدري أو وحشةٍ، لا أدري أو خوفٍ، لا أدري أو ترددٍ، ولا أدري أو كلِّ ذلك معاً,,.
وأنا أكتبُ لكِ وحدكِ تملؤني كلِّي مشاعر متمازجة، لأوَّل مرة,,, ليس من ورائها أي سؤال من هؤلاء: ما أكتبُ لكِ؟، ولا كيف أكتبُ لكِ؟، ولا لماذا أكتبُ لكِ؟، ولا متى أكتبُ لكِ!، ولا أين أكتبُ لكِ,,,؟،
لأنَّني أكتبُ ولا أَمِلُّ,,,، لأنني أحدثكِ دون توقف,,,، فكلُّ شيء فيَّ يحدثكِ,,,، لأنَّكِ معي ولستِ غيري,,,، فلا تكونين في منأى,,,، لذلك أنتِ تدرين كيف أحدثكِ,,, ولماذا أحدثكِ,,, ومتى أفعلُ ذلك، وأين، وحديثي معكِ بكلِّ الطرق، وفي كلِّ اللحظات من ثواني نبضي,,,، ونحن معاً في ملكوتٍ لا يتناهى,,,، وفي عالمٍ يموج بكِ، فأنتِ كلُّ العالم الذي لاينتهي,,,،
لكنَّ الأسئلة التي تملؤني، أنتِ بذرتِ فسائلها، واحدةً واحدةً، ثمَّ ألقيتِها في فضاء المدى الذي تَعُمِّين، ذلك المدى الذي تنشرين، ذلك المدى الذي تكونين، ذلك الاحتواء الذي يلمُّني، ويتوحَّدُ بي,,,،
شعرتُ برهبةٍ لأنّكِ تصمتين، ولأوَّل مرةٍ لا تتحدثين، ولأوَّل مرةٍ تهزِّينني بعنف، وأنتِ تعلِّمينني ما لم تُعلِّميني من قبل: كيف أقفُ وحدي، وكيف أصنعُ للمدى عباءةً لا ثقوبَ فيها، ولا منافذ، كي ألتحفها,,, وكي تلمَّني,,,، وأنتِ؟ ألأنّكِ تضعين قدميكِ عند مشارف النور، وتهمِّين للانطلاق، تتركينني عند مغزل النسيج، كي أغذَّ فيه عينيَّ، واستوى في تطريزه ناسجةَ الدموع، صانعةَ الألم؟!,,, لم تكن بين خيوط النسيج بذور الألم، وأنتِ التي عالجتِ شرنقةَ النور، وقطرةَ الدمع، ونسقَ الحسِّ فكوَّنتِ هذا، وكنتهِ معاً، ثم تسلَّلتِ، وأنتِ في ملكوتكِ النوراني، إلى حيث أقفُ، فمنحتِني هذا الطريق، وعندما جئتِني بكِ منكِ، وبي منكِ كانت تلك لحظات الميلاد، فكيف تكون نهايةٌ للبدء؟؟
وأنتِ من مسحَ على المفتاح، ويمَّمَ صوبَ الدروبِ، ورسمَ الخارطةَ، وأرسلَ الإبهامَ، وعبَّأ مزاريبَ الطريق، وأطلقَ للمزون، ونادى في العروق، وسيَّر النبض حتى إذا ما استوى السؤالُ إجابةً، عُدتِ فأرسَلتِ الإجابةَ سؤالاً,,,!
آه,,.
كيف أعدتِ لاطمئناني سرَّ الوثوب,,,؟!,,.
وبعد أن أفرَدتِ المشاعرَ، أعدتِ لها تجزئةَ الأسئلة، ونثرتِها عند بوابة الكلام؟!,,.
أدري أنَّكِ لا تغادرين مشارفَ الضوء إلابعد أن تُجلِّي عن الضوء كوكبِه,,,، لكنَّ الوقوفَ في عرض الحيرة، يبعثُ إلى التجلِّي، ولعلَّ لحظة توحدٍ مع مداكِ، لاتُتيح للتجلِّي أن ينهض، في ملكوت التِّيه الكبير الذي أقفُ فيه بمغزلي كي أنسجَ خيوطَ العباءةِ الليلية السرمدية التي سألقيها على المدى كي يستكين,,,، وأنتِ لاتزالين مشغولةً بكلِّ الذي ستتركين,,,، ولأنني الباقيةُ التي لن تنتهي، لأنكِ لاتنتهين,,,، فإن النسيج كتلةٌ من خليط الرهبة، والوحشة، والخوف، والتردُّد، ولا أدري كيف ستعالجين زحمةَ الطريق، وقد وسمتِهِ بكلِّ علامةِ استفهامٍ، لم يعد في المدى منفذٌ كي تستوعبَ من جديد,,,،
حدَّثتُكِ بما أنتِ,,.
وصمتِّ بما أكون,,,،
وما كان بين حديثكِ وصمتي، إلا بوارق الذي جاء منكِ,,.
وأنتِ أيتها البهيَّة في ملكوتكِ ترسلين للنوافذ مايُشرعها,,,، وللأبواب ما يفتحها، وللبهاء مايزيِّنه,,.
أرأيتِ كيف تزيِّنين البهاءَ بكِ؟!
ذلك الذي ظنَّ أن عالمكِ يتوحَّد بي وبكِ ولا يقتحمه سوانا,,.
نسي أنكِ تتمادين، ولاتنتهين,,,، وكلُّ الذي يتمادى يلمُّ، وكلُّ الذي لاينتهي يشملُ,,.
ولقد وقفتِ علىدروب الآخرين، ولقد تزيَّنوا ببهائكِ,,,، وعندما جاءني وهجٌ من بهائكِ زُهداً في بهائهم,,,، أرسلتِ إليَّ بإجابات الأسئلة,,,، بعيداً، وقريباً، مع، وبدون، في، وخارجاً عن، ملكوت الخوف، والرهبة، والوحشة، لا أتردَّد أبداً بعد أن وقفتُ إليكِ، وأنتِ عند شارفة الانطلاق كي أقول لكِ:
لقد فهمتُ، ولقد تعلَّمتُ,,.
ولقد قدرتِ كما أنتِ دوماً تريدين,,.
أن تعلمينني كيف أصنعُ للمدى عباءةً، وللطريق منافذ,,,،
وكيف أقفُ وحدي,,.
فهلاَّ باركتِ لكِ قدرتكِ الخارقة، وأنتِ تصنعين بصمتٍ ماتريدين؟
ذلك سرُّ من ضمن أسراركِ,,.
ذلك بهاءٌ نابعٌ من بهائكِ,,.
ذلك,,.
الذي يتسلَّلني,,, ويكونُكِ فيَّ,,.
وأنتِ التي تكونين,,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved