أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th October,2000العدد:10234الطبعةالاولـيالخميس 8 ,رجب 1421

عزيزتـي الجزيرة

على الرغم من ريادتها وميزاتها
التجربة السعودية في القضاء بحاجة للمراجعة والتطوير
عزيزتي الجزيرة
القضاء في الاسلام صورة بارزة لمنهج العدل الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لإصلاح حياة البشرية.
لقد احتوى القرآن الكريم على العديد من الآيات التي ترسخ هذا المفهوم الكريم بين الناس واشاعة روح الطمأنينة بينهم.
قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
واذا كان القضاء قد شهد تطورا في تنظيماته وتطبيقاته فانه في ذات الوقت قد بقي شامخا راسخا في اصوله وتشريعاته.
ولقد كان للمذاهب الفقهية المتعددة في الاقطار الاسلامية دور واضح في تطور تطبيقات القضاء واجراءاته.
لقد كانت التجربة السعودية في مجال القضاء تجربة مهمة فريدة ليس لانها سابقة، فالتطبيق الشرعي للقضاء وجد على مر العصور الاسلامية بدءا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومرورا بخلفائه الراشدين والدولة الاموية والعباسية والممالك والدول التي تلتها.
الا ان ما امتازت به التجربة السعودية انها جاءت في وقت راهن الكثيرون على نجاح اي محاولة لتطبيق الشريعة وحكموا عليها بالفشل السريع في خضم هذا العالم المحموم المتباهي بمدنيته وحضارته وعلى الرغم من تميز التجربة السعودية في ذلك الا انها لم تحظ بالدراسة اللازمة على الرغم من مرور اكثر من مائة عام عليها.
إن الاشادة بهذه التجربة الرائدة في المجال القضائي لا تمنع البتة من ضرورة المراجعة الدائمة لتلك الانظمة الاجرائية التي لا تخل بالمبادئ والاسس العامة للشريعة.
ومن ثم تطوير تلك الاجراءات حسبما يتفق مع حاجة الناس ومتطلباتهم.
ولقد شهد التنظيم القضائي السعودي العديد من التطورات الايجابية والتنظيمية التي منها:
أولا: المرسوم الملكي الصادر في شهر صفر سنة/ 1346ه المتعلق بأوضاع المحاكم الشرعية وتشكيلاتها الذي يعتبر ناسخا للتعليمات العثمانية وملغيا لها.
ثانيا: المرسوم الملكي الصادر في 24/ صفر/ 1346ه بتشكيل لجان للمراقبة على المحاكم الشرعية.
ثالثا: المرسوم الملكي الصادر في 25/3/1349ه ببيان الملحقات الاضافية لاختصاص المحاكم المستعجلة.
رابعا: الامر السامي رقم 32/1 في 24/1/1357ه الذي صدر فيه نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي.
خامسا: الامر السامي رقم 109 في 24/1/1372ه الذي تم بموجبه تنظيم الاعمال الادارية بالدوائر الشرعية والقضاء وفي 4/7/1395ه صدر المرسوم الملكي رقم م/64 بنظام القضاء وعدل بالمرسوم رقم م/76 في 14/10/1395 وبالمرسوم م/4 في 1/3/1401ه.
ومن خلال هذا التطور التدريجي لنظام القضاء في المملكة العربية السعودية وسعي ولاة الامر وفقهم الله لكل خير الى اقامة نظام قضائي متميز يستمد قوته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حظي القضاء في المملكة العربية السعودية بمصداقية وقبول بين مرتاديه لا يضاهيها اي نظام او قانون معاصر.
لقد جاء نظام المرافعات الشرعية الذي صدرت موافقة مجلس الوزراء عليه مؤخرا بعد اقرار وتصديق مجلس الشورى عليه الذي يعتبر انجازا مهما ومنعطفا تاريخيا في تاريخ القضاء في المملكة العربية السعودية ومن ثم جاءت ابواب النظام المكونة من (267) مادة لتعيد صياغة حديثة لسير المرافعات والتقاضي امام المحاكم.
ان تشبثنا بأصول القضاء وشرعيته لا يتنافى مع بحثنا عن تنظيم راقٍ يكفل حقوق المتخاصمين في ظل نظام واضح ومتين.
بل ان كثيرا من القضاة بحاجة الى مثل هذا التنظيم الذي سوف يخدم القضايا ويختصر جهدا ووقتا مهدرا في المحاكم والمرافعات فيها ويضمن وجود مرجعية نظامية واضحة تتيح للقاضي والخصوم الرجوع اليها.
ان البعض قد لا يدرك المراد بالمرافعات وهي مجموعة من الانظمة التي تحدد سير التقاضي واجراءاته والكيفية التي يتبعها الخصوم عند رفع دعواهم امام القضاء وسبل واجراءات التقاضي في المجلس القضائي.
لقد جاءت ابواب هذا النظام المهم الذي صدر مؤخرا بدءا بالدعوى وصحتها وانواعها ووقف الخصومات وتركها واختصاص المحاكم في نوعية القضايا ومكانها واجراءات الاحكام والاعتراض عليها والتماس اعادة النظر اضافة الى ما اشتمل عليه النظام من ابواب مهمة احوج ما يكون الناس اليها وخصوصا فيما يتعلق بالحجز والتنفيذ واجراءات ذلك.
اضافة الى تحديث القضاء المستعجل وما يعالجه من قضايا وسرعة البت فيها.
كما ان تنظيم عملية تسجيل الاوقاف التي تشكو من بطء شديد في المحاكم سوف تشهد في هذا النظام ان شاء الله تطورا جديداً.
ومن اكثر القضايا ورودا الى المحاكم ما يتعلق بالانهاءات وحجج الاستحكام وحصر الارث والورثة وسوف تخدم جميعها القضاة وتؤدي الى مزيد من المرونة والتيسير وتضييق فجوة التباين في سير اعمال القضاة.
كما ان هذا النظام سوف يؤدي باذن الله الى تخفيف العبء على القضاة في سير جلسات التقاضي والاستعانة بكتاب الضبط وملازمي القضاء وموظفي المحاكم ممن سوف يطلعون على النظام.
ان وجود مرجعية نظامية قضائية كهذه من المؤكد انه سوف يقضي على العشوائية التي يمارسها مرتادو المحاكم من المتخاصمين وموكليهم بحيث يضمن ضرورة الالتزام بتلك الاجراءات عبر تداولها او اللجوء الى المحامين الذين سوف يستفيدون من هذا التنظيم الذي بموجبه يتم ايصال الحقوق الى اهلها عبر اسهل وأيسر الطرق الشرعية.
وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجزي ولاة الامر خير الجزاء على اهتمامهم بهذا الجانب الرئيس من حياة الناس.
وان يديم على هذه البلاد نعمة الامن والاطمئنان في ظل تطبيق شرع الله واقامة حدوده.
محمد بن عبدالله بن إبراهيم المشوح
المستشار والمحامي

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved