أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 8th October,2000العدد:10237الطبعةالاولـيالأحد 11 ,رجب 1421

محليــات

دار الآثار الإسلامية في رحاب عاصمة الثقافة العربية
في مساء هذا اليوم الأحد 11 رجب الموافق 8 أكتوبر 2000م تتشرف وزارة المعارف ممثلة في وكالة الآثار والمتاحف بافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض معرض الفن الاسلامي ورعايته كنوز من الكويت الذي تقيمه دار الآثار الاسلامية بالكويت في قاعة العروض المؤقتة بالمتحف الوطني بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
وتأتي هذه المناسبة مشاركة من دار الآثار لاختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية وتعبيرا عن التواصل الثقافي والحضاري بين دولتين شقيقتين هما المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، ومما يزيد فرحتنا بهذه المناسبة مشاركة عدد من المسؤولين المعنيين بالثقافة والتراث والفنون وفي مقدمتهم سمو الشيخ ناصر بن صباح الجابر الأحمد الصباح مستشار سمو ولي العهد في دولة الكويت، وسمو الشيخة حصة صباح سالم الصباح مديرة دار الآثار الاسلامية، ومعالي الدكتور سعد بن طفله العجمي وزير الاعلام بدولة الكويت، وسعادة الدكتور محمد الرميحي أمين المجلس الأعلى للثقافة والفنون بدولة الكويت.
كما يحضر مناسبة الافتتاح عدد من أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين ورجال الفكر والأدب وغيرهم من المهتمين بالتراث والثقافة في بلادنا.
يأتي الاهتمام بالفن الاسلامي تجسيدا لقيمته الفنية والتاريخية، فهو شاهد على حضارة العالم الاسلامي وانفتاح الثقافة العربية على كل ما هو مفيد, تمثلت تلك الحضارة في صناعات دقيقة لم يكن المسلمون ليستنكفوا عنها، فامتلكوا زمام الحضارة وسادوا الأمم، فما أحوجنا اليوم الى الاعتزاز بذلك الارث الحضاري العظيم.
ان كل قطعة فنية مصنوعة وتحفة ومخطوطة تحمل من الايحاءات الشيء الكثير,, انك تقف ويقف غيرك مشدوها أمامها، مترحما على مبدعيها، مدفوعا الى تمثل قيم الجدية في أداء العمل واتقانه والتزامها منهجا في الحياة.
يتكون المعرض من أربعة أجنحة رئيسة، تشتمل على أنواع عديدة من التحف والمصنوعات الاسلامية النادرة المعدنية والخزفية والزجاجية والحلي وأدوات الزينة والسجاد والمخطوطات القرآنية وغيرها، وتمثل في مجموعها فنون العالم الاسلامية من غرب الصين وحتى الأندلس، وتغطي الفترة من العصر الاسلامي المبكر مرورا بالعصر الأموي والعباسي بما في ذلك الفترة الطولونية والفاطمية والفترة الأيوبية والمماليك وعصر الخلافة العثمانية.
وتصدر دار الآثار الاسلامية كتابا كبير الحجم عن مجموعة الدار يظهر لأول مرة باللغة العربية، كذلك يوزع دليل المعرض الذي تتصدره كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وأجدها مناسبة طيبة لتقديم معلومات موجزة عن دار الآثار الاسلامية وتاريخ انشائها ودورها الثقافي ومكانتها, ففي 23 فبراير من عام 1983م تم افتتاح دار الآثار الاسلامية لتصبح مركزا ثقافيا وحضاريا يشتمل على متحف ومكتبة متخصصة ووحدة بحوث ومطبوعات وقسم للتنقيب الأثري، ووحدة للفنون والحرف العربية والاسلامية، ولهذه الدار قصة لابد من ذكرها,, يعد الشيخ ناصر الصباح الأحمد الصباح وحرمه الشيخة حصة صباح السالم الصباح المالكين لمجموعة الدار، فقد سحرهما الابداع العربي والاسلامي في الفنون بأنواعها وبدأ الزوجان في اقتناء التحف الاسلامية منذ عام 1975م واستطاعا جمع ما يزيد عن عشرين ألف قطعة من نوادرالتحف الاسلامية، وقد كان بامكان الشيخ ناصر والشيخة حصة أن يحتفظا بهذه المجموعة في منزلهما العامر على شاطىء الخليج بالكويت، ويتمتعا بها كما يفعل الكثير ممن منحهم الله المال والجاه ولكنهما قدما مجموعتهما لتكون بمثابة قرض دائم لدولة الكويت تحت رعاية وزارة الاعلام، وتفرغت الشيخة حصة التي تحمل شهادة عليا في اللغة الانجليزية لتعمل مديرة للدار.
لقد زرت متحف دار الآثار الاسلامية بالكويت بعد افتتاحه رسميا بفترة من الزمن فوجدت العروض المتحفية فيه على أرقى مستوى من التنظيم والادارة المميزة، يفوق في أسلوبه ورسالته الكثير من المتاحف الحكومية والخاصة في عدد من البلدان الأخرى.
بدأت الدار تنظم برنامجا ثقافيا سنويا تستقطب له أشهر الباحثين والدارسين في مجال التاريخ والحضارة والفنون والعمارة، وتنظم الدار زيارات لتلاميذ المدارس، وتضع كافة امكاناتها في يد الباحثين والدارسين من الطلاب الجامعيين والأساتذة، وأصدرت الدار نشرة فصلية بهدف اطلاع الجمهور على نشاطات المتحف الثقافية، وتتضمن المقالات والدراسات والبحوث وعرضا للكتب المتخصصة في العمارة والفنون والحضارة الاسلامية بصفة عامة, كذلك تصدر الدار مطبوعات عديدة موجهة للطفل والمرأة وعامة الناس.
ومن أهم البرامج التي نهجتها الدار استضافة المعارض الخارجية من مختلف بلاد العالم فكانت هذه الخطوة رائدة في بابها من أجل التواصل الثقافي وتفعيل دور دار الآثار في رعاية الفنون والعمارة والحضارة الاسلامية, وشرعت الدار في تنظيم معرض متنقل يطوف أرجاء عواصم ومدن العالم الكبرى من أجل التعريف بحضارة الاسلام والمسلمين بأسلوب عصري حديث.
لقد واجهت الدار تحديات كثيرة ادارية ومالية وفنية لكن أهم تحد واجهته الدار كما واجهته دولة الكويت نفسها هو الاجتياح العراقي الغاشم، اذ قامت فرقة خاصة من جنود صدام باقتحام المتحف والاستيلاء على كل ما يحويه المتحف من مقتنيات وكتب وأثاث، وبعده تم نسف مبنى المتحف بكامله، ولكون معظم المقتنيات كانت لها سجلات موثقة فقد تقدمت الحكومة الكويتية بها لهيئة الأمم المتحدة طالبة العمل على استعادتها وفق القانون الدولي عن طريق اليونسكو فعاد معظمها، فكانت الفرحة فرحتين، الفرحة الأولى تحرير دولة الكويت والفرحة الثانية عودة معروضات دار الآثار الاسلامية، ولكن ماذا صنع الشيخ ناصر والشيخة حصة ازاء اعادة الروح لهذه النفائس؟
لقد حولا قصرهما الخاص بكامله الى ورشة عمل، واستقدما أشهر الخبراء في الترميم والصيانة، وأمّنا أحسن الأجهزة والمعدات في عالم المتاحف، ووضعا أسلوبا دقيقا في أساليب الحفظ للمقتنيات، فلكل منها خزائن خاصة، ولقد شاهدت بنفسي هذا العمل الجليل والرائد الذي يعد أنموذجا يحتذى به في صيانة ورعاية نفائس التراث الاسلامي الخالد، وهكذا استمرا في حمل الأمانة ومواصلة الجهد على أمل انشاء مقر دائم للمتحف الاسلامي لهذه النفائس عوضا عن المقر السابق الذي نسفته جيوش صدام.
ونعود مرة أخرى للحديث عن معرض الفن الاسلامي الذي تستضيفه الرياض عاصمة الثقافة العربية، ولهذا المعرض قصة أيضا,, فقد كانت أولى محطاته متحف الهرميتاج الحكومي بمدينة بطرسبورغ لنينغراد سابقا بالاتحاد السوفيتي من أغسطس الى نوفمبر 1990م، ويصادف اقامة المعرض العدوان العراقي الغاشم على الكويت، وفي أوج المأساة والحزن الذي خيّم على منطقة الخليج والعالم العربي والاسلامي أقيم المعرض وفتح أبوابه للجمهور في ظل ظروف قاسية وصعبة، وحقق المعرض نجاحا باهرا وذاع صيته على المستوى الدولي، وتحدثت عنه وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء.
ومن ذلك التاريخ ومعرض الفن الاسلامي لدار الآثار الاسلامية يتنقل بين عواصم العالم والمدن الكبيرة ليتعرف الناس بمختلف تخصصاتهم ومشاربهم على ابداعات المسلمين الأوائل في الصناعة والفن، ويحمل المعرض رسالة واضحة في معنى رعاية الفن الاسلامي.
يحط معرض الفن الاسلامي لدار الآثار الاسلامية اليوم رحاله بالمتحف الوطني بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بقلب الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م تعبيرا صادقا للاخاء والتواصل الحضاري والثقافي بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة.
يقام المعرض بفضل الله ثم بفضل الدعم والمؤازرة التي وجدناها من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله فما إن عرض على سموه معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير المعارف اقتراح استضافة المعرض حتى بادر سموه بالموافقة والترحيب، ووجه حفظه الله بتسهيل كل ما من شأنه اقامة المعرض في موعده المحدد، وكان لتعاون الجهات المسؤولة جهدها المشكور في تيسير دخول المعرض منقولا على طائرة عسكرية كويتية خاصة، ويأتي في مقدمة تلك الجهات وزارة الدفاع والطيران، ووزارة الخارجية، وامارة منطقة الرياض، والمديرية العامة للجمارك، وسفارة خادم الحرمين الشريفين بدولة الكويت.
ولابد أن نزجي الفضل لأهل الفضل وهم دار الآثار الاسلامية التي رحبت ووافقت مشكورة على اقامة المعرض في الرياض تقديرا ووفاء منها للرياض عاصمة الثقافة العربية التي ستخلفها الكويت عاصمة للثقافة لعام 2001م.
وما تشريف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لرعاية المعرض الا دلالة على اهتمام سموه بالآثار والتراث الاسلامي، وسموه من أوائل من دعا لاقامة متاحف ومكتبات وأندية أدبية وثقافية منذ أن تشرفت به الرياض أميرا لها.
والأمير سلمان عاشق للتاريخ وقارىء لكتب التاريخ ومتابع لحركة النشر، ويرعى الكثير من الفعاليات العلمية والثقافية التي تقام في مدينة الرياض وخارجها، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي خير شاهد على ما بذله سموه من جهد في الاشراف على هذا المشروع الثقافي والحضاري الكبير حيث تابع سموه بنفسه جميع خطوات المركز منذ أن كان فكرة ثم تخطيطا وتنفيذا حتى تم افتتاحه في الخامس من شوال 1419ه برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ولم يقف جهد سموه عند هذا الحد بل تابع وما زال يتابع الخطة التشغيلية للمركز، ويعمل على تطويره للأفضل لتحقيق الهدف المنشود الذي اقيم من أجله، وما وجود معرض الفن الاسلامي لدار الآثار الاسلامية في المتحف الوطني الا رسالة واضحة بأن المملكة العربية السعودية منبع الحضارة والأصالة وجسر التواصل الحضاري على مر العصور.
ومرة أخرى أعود للحديث عن دار الآثار الاسلامية لأقول: ان هذه المؤسسة قامت على أسس علمية سليمة من التخطيط والتنظيم، وقد وفق الشيخ ناصر والشيخة حصة في اختيار اسم عربي لها، له بعده في الرؤية والهدف، وأصبح اسم دار الآثار الاسلامية يكتب وينطق باللغة العربية بين الباحثين والدارسين على مستوى العالم، وكسبت الدار ثقة المؤسسات الحكومية والخاصة في داخل الكويت وخارجها، ومن النجاحات التي حققتها الدار حصولها على ترخيص مؤسسة خيرية في أمريكا تحت نظم الاعفاء الضريبي، بحيث تتمكن الدار من الحصول على تبرعات من الشركات الأمريكية المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية مقابل اعفاء تلك الشركات من الضريبة بحسب قيمة التبرع.
اننا نتطلع في القريب العاجل ان شاء الله لنرى دار الآثار الاسلامية في مقرها الجديد لتعاود المسيرة في رعاية الفن الاسلامي بكامل عناصره، وأتمنى أن يكون العمل الجليل الذي قام به الشيخ ناصر والشيخة حصة قدوة للآخرين من رجال الأعمال والوجهاء والأعيان والمؤسسات الخاصة بدعم مسيرة العمل الأثري والمتحفي في بلادنا، والتبرع بما لديهم من تحف ومقتنيات ومخطوطات ومواد تراثية لعرضها في متاحفنا المحلية والاقليمية، وتسجل وتوثق بأسمائهم تقديرا لجهدهم ووفاء لخدمتهم لتراث أمتهم وحضارتها.
شكرا وألف شكر لدار الآثار الاسلامية، ووزارة الاعلام، والمجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت على تسهيل استضافة معرض (الفن الاسلامي ورعايته, كنوز من الكويت ) بالمتحف الوطني بمدينة الرياض، وشكرا لمعالي وزير المعارف ولكافة العاملين بوكالة الآثار والمتحف الوطني ولأعضاء اللجنة التحضيرية للمعرض على كل الجهود التي بذلوها في اقامة المعرض، والله من وراء القصد.
د, سعد الراشد
وكيل الوزارة للآثار والمتاحف

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved