أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th October,2000العدد:10253الطبعةالاولـيالثلاثاء 27 ,رجب 1421

أصداء

الصورة سيدة الموقف
خالد الطويل
** المراقب للتعامل الإعلامي مع انتفاضة الأقصى التي تدور رحاها حاليا في فلسطين المحتلة دفاعا عن المقدسات والاراضي ودفاعا عن حق المسلمين في العيش بعزة وكرامة في دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشريف أقول إن المراقب هنا يخرج بعدة ملاحظات لا يمكن اغفالها تتعلق اولها بانطلاق هذه الانتفاضة في عصر فضائي شامل بحيث يتم نقل الاحداث علىالهواء مباشرة وهو الامر الذي أعطى للمشاهد حكمه الخاص على الاحداث الناتج عن مشاهدة ومتابعة بصرية مكثفة,, من الامور الملفتة ايضا قوة الآلة الاعلامية في صنع الخبر اذا تم بشكل مصور فلقطة الشهيد محمد الدرة وهو ملتصق بجانب والده الذي كان لحظتها يرفع يديه في الهواء طالبا من الجنود الصهاينة ايقاف اطلاق النار ثم قتله بعدها برصاص المحتلين اليهود كان له ابلغ الاثر في وصف الموقف دون تحليل او حديث (فالصورة كانت كافية لوصف ما يحدث في فلسطين المحتلة رغم ان غيرها من صور الارهاب اليهودي لم تنقل للمشاهد قد تكون أبشع من الحدث المصور مثل اختطاف شراذم المستعمرين اليهود لاحد الفلسطينيين وقتله بعد تعذيبه ثم احراق جثته والقائها على قارعة الطريق) وهذه الصورة للشهيد الدرة وغيرها من صور نقلت حية على الهواء كانت كافية لوصف ما يحدث من عدوان وتدمير وارهاب اسرائيلي.
** هناك لقطات اخرى كان لها وقع الصدى على الشارع الاسرائيلي والغربي المتعاطف معه مثل صورة هدم الجدران التي اقامها المستوطنون اليهود حول ما اسموه (قبر يوسف) وهو مكان يقال انه دفن فيه احد من يسمون بالاولياء في أواخر القرن التاسع عشر وكذلك اللقطات التي تبين اخذ الفلسطينيين بعض ثأرهم من الجنود الصهاينة التابعين لوحدة المستعربين الذين تم اعتقالهم ووضعهم في مقر الشرطة الفلسطينية في مدينة رام الله ثم ما تلاه مباشرة من عرض صور القصف الهمجي الصهيوني على مقر الشرطة وبعض المباني المدنية بصواريخ من طائرات الهيلوكبتر الاسرائيلية الذي جاء دليلا مصورا على الهمجية الصهيونية المعتادة منذ تأسيس دولة العصابات اليهودية.
** هناك محطات عربية مختلفة على القمر الصناعي (عرب سات) منها من غطى الحدث وتفاعل معه بكل قوة ومنها من اعطاه بعض الاهتمام ومنها من لم يهتم به الا عبر نشرات الاخبار ومن تلك المحطات محطة )LBC( التي يقال انها لبنانية,, على الفضائيات ايضا تابع المشاهد العربي من المحيط الى الخليج تفاعل زعمائه مع الحدث عبر تصريحاتهم أو مؤتمراتهم الصحفية او المقابلات التي أجريت مع بعضهم وكانت عبارات البعض متوازنة وتعبر عن إدراك عميق لما يحدث حاليا من ضرورة التعامل معه بالحكمة والتضامن والتشاور المستمر في حين كانت عبارات البعض غريبة من حيث مضمونها الذي اغفل ما تحتاجه ضرورة توحيد الموقف العربي حاليا.
** بعيدا عن ال(CNN) وال)BBC( وال(Euro News) تابع العديد من المشاهدين العرب احداث ما يجري عبر المحطات العربية التي ارتفعت الى مستوى الحدث ولاشك ان البعض وكاتب هذه السطور من ضمنهم حرص على متابعتها عبر المحطات الثلاث المذكورة لاسباب تتعلق بمعرفة طريقة الطرح الاعلامي الغربي لما يحدث وطريقة تقديمه للمشاهد غير العربي وكانت الاجابة معروفة حول تغطية إخبارية منحازة الا ان رغبتي كانت تتمثل في محاولة معرفة كيفية عرض هذه التغطية المنحازة وأسلوبها الاعلامي حيث تم التلاعب في عقلية المشاهد بحيث وصف ما يحدث في الاراضي المحتلة حاليا بأنه عنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين وكأن الفلسطينيين هم من يملك ويستعمل الاسلحة الرشاشة والقذائف والطائرات والدبابات ويستعمل اساليب حصار المدن والقرى! وكانت الساحة الاعلامية مفتوحة بالكامل لوجهة النظر الاسرائيلية لطرح زيفها الاعلامي سواء عبر التقارير الاخبارية التي حوت مقابلات مع شراذم المستعمرين اليهود او عبر المقابلات الفضائية المباشرة أو ندوات التحليل وبرامج الحوار مثل برنامج اليهودي الامريكي (لاري كينج) ولم تلاق انتفاضة الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1368ه 1948م اي بادرة اهتمام في تغطية عادلة من المحطات غير العربية رغم كونهم يحملون الجنسية الاسرائيلية ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في حين ان المحطات الغربية اعطت ممثلي الفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة عام 1948 الفرصة لعرض وجهة نظرهم حول ما يحدث ولعل العديد من المشاهدين العرب اكتشفوا ان من بالداخل هم مسلمون فلسطينيون يشعرون,, بمحنة اخوانهم في الضفة والقطاع وانهم منظمون بطريقة جيدة حيث يمثلهم (10) أعضاء في الكنيست الاسرائيلي الامر الذي يعطيهم الفرصة لخلق التحالفات في بيئة سياسة اسرائيلية هشة مليئة بعشرات الاحزاب اليهودية المتطرفة.
** من خلال متابعتي هذه اكتشفت صدق ما كتبه (هيربرت شيللر) استاذ مادة (وسائل الاتصال) بجامعة سان دييجو بكالفورنيا في مقدمة كتابه (المتلاعبون بالعقول) الصادر عن سلسلة عالم المعرفة لشهر 11/1419ه 3/1999م حيث يقول: (انه من الصحيح تماما في تصوري وصف الولايات المتحدة بانها مجتمع منقسم يمثل فيه التضليل الاعلامي إحدى الأدوات الرئيسية للسيطرة في ايدي مجموعة صغيرة حاكمة من صناع القرار واصحاب الشركات ومسؤولي الحكومة) ويضيف (ان وسائل التضليل عديدة ومتنوعة ولكن من الواضح ان السيطرة على أجهزة المعلومات والصور على كافة المستويات تمثل وسيلة اساسية، ويتم تأمين ذلك من خلال اعمال قاعدة بسيطة من قواعد اقتصاد السوق فامتلاك وسائل الاعلام والسيطرة عليها شأنه شأن الملكيات الاخرى متاح لم يملكون رأس المال والنتيجة الحتمية لذلك هي ان تصبح محطات الاذاعة وشبكات التلفزيون والصحف والمجلات وصناعة السينما ودور النشر مملوكة جميعها لمجموعة من المؤسسات المشتركة والتكتلات الاعلامية، وهكذا يصبح الجهاز الاعلامي جاهزا تماما للاضطلاع بدور فعال وحاكم في عملية التضليل) ويكمل هربرت شيلر (ان فهم آليات الصناعة الثقافية الامريكية اصبح ضروريا بصورة ملحة) فمنتجات ومبتدعات هذه الصناعة تم انجازها وفقا لمواصفات محددة وبمقومات تم اختبارها علميا ان عمليات ادارة وتوجيه المعلومات سوف تشهد المزيد والمزيد من التنظيم على ايدي المتحكمين في وسائل الاعلام الامريكية في السنوات المقبلة، ان تدفق المعلومات في مجتمع معقد مثل الولايات المتحدة الامريكية هو مصدر لسلطة لا نظير لها وليس من الواقعية في شيء ان نتصور ان التحكم في هذه السلطة سوف يتم التخلي عنه عن طيب خاطر.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved