أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th October,2000العدد:10253الطبعةالاولـيالثلاثاء 27 ,رجب 1421

الاقتصادية

لماذا الجوع في عالم من الوفرة؟!
د, زيد بن محمد الرماني
يحصد الجوع المزمن في كل عام ما يتراوح بين 18 20 مليوناً من الناس, والسؤال المهم في هذا المجال: لماذا يوجد الجوع في عالم تسوده الوفرة والبحبوحة؟
يقول جوزيف كولينز وفرنسيس مورلابيه في كتابهما (الجوع في العالم): منذ اكثر من 15 سنة حاولنا ان نفهم لماذا هناك جوع في عالم تسكنه الوفرة؟ وحين تجاوزنا النظرة السطحية إلى الجوع، وصلنا إلى حقائق مذهلة منها:
1 ليس الجوع في أي دولة من دول العالم مشكلة مستحيلة الحل, حتى تلك الدول التي تعتبر مكتظة بالسكان إلى حد كبير لديها الامكانات الضرورية لتحرير نفسها من عبء الجوع.
2 زيادة الانتاج الغذائي قد لا يُساعد على حل المشكلة ففي كثير من الدول يزداد الانتاج، ويزداد معه الجائعون ولكن ما هو الجوع؟, إن مشاهد هياكل الأجساد والصفوف الطويلة بانتظار حفنة من الطعام هي المجاعة، أسوأ أنواع الجوع.
على أن للجوع شكلاً آخر,, جوع الذين يأكلون يوماً ولا يأكلون يوماً، جوع آخر يعانيه أكثر من 70 مليون شخص.
ونعيد طرح السؤال: ما هو الجوع؟ هل هو ذلك الألم المعوي الذي يصيبنا فيما لو لم نأكل؟ هل هو تلك المعاناة الجسدية لمن يعاني من سوء التغذية؟
الجواب هو نعم، لكن الجوع أشياء أخرى أيضاً.
فالجوع يعني الألم، ألم الخيارات المستحيلة، والجوع يعني الحزن، والجوع يعني الذل، والجوع يعني الخوف ومن ثم صارت أبرز أبعاد الجوع هي الألم، والحزن، والذل والخوف.
وإذا كان الجوع بالنسبة لنا مجرد أرقام من الناس لا يحصلون على غذاء كافٍ، يكون الحل بالنسبة لنا أرقاماً ايضا من الأطنان ومن الدولارات، من المساعدات الاقتصادية.
إلاّ أننا متى بدأنا نفهم الجوع بما هو، أناس حقيقيون يعيشون أشد المشاعر الانسانية إيلاماً، حينئذ نستطيع ان نرى جذور الجوع.
فالانسان الجائع هو الانسان الذي حرم القدرة على حماية نفسه ومن يحب, تلك هي الخطوة الأولى نحو فهم حقيقي لمشكلة الجوع وظاهرة المجاعة وأسباب ذلك ليست هي القلة، لأن العالم مليء بالطعام.
وليست الكوارث الطبيعية، بل إن ظلم الانسان لأخيه الانسان، وسخب الانسان وجشعه، وتبذير الموارد الاقتصادية، والاسراف في استخدامها، وإهدار الطاقات كل ذلك، وغيره، من أسباب تفشي الجوع، وانتشار المجاعة في كثير من بقاع العالم.
وقد ذكر جوزيف كوليتر وفرنسيس مورلابيه في كتابهما (الجوع في العالم) مجموعة من الخرافات ذات الصلة بالجوع ومنها:
1 خرافة (لا يوجد ما يكفي من الطعام).
2 خرافة (اللوم يقع على الطبيعة).
3 خرافة (الضغط الذي يسببه العدد الكبير لسكان الأرض على مواردها المحدودة هو أصل الجوع).
4 خرافة (العدالة في مواجهة الانتاج).
5 خرافة (السوق الحرة كفيلة بوضع حد للجوع).
المجاعات، كوارث اجتماعية، وليست كوارث طبيعية، إنها نتيجة لأعمال الانسان.
ثم ماذا عن التزايد السكاني؟ أليس هناك من ترابط واضح بينه وبين انتشار الجوع؟, أي هل يسبب التزايد السكاني الجوع ام انهما كلاهما نتيجتان لحقائق اجتماعية مماثلة؟
بما أنه لا توجد علاقة واضحة بين الكثافة السكانية والجوع، فان الأرجح، أن الجوع أحد مظاهر الفقر المدقع والتزايد السكاني وأن الجوع سبب مشترك لهما.
فإذا ما وضعنا اللوم على البيئة او السكان فاتنا أن ندرك أن المؤسسات البشرية هي التي تحدد مَن هم المحتاجون الى الطعام؟ ومَن هم المعرضّون للجوع دائماً؟
إن لوم البيئة أو السكان أو غيرهما يجعلنا نشعر بالعجز عن المواجهة والمعالجة.
إن بحثنا عن أسباب الجوع قد أوصلنا إلى مجموعة من النتائج الايجابية ومنها:
1 بما أن الجوع ينتج عن خيارات بشرية، لا قدرات بيئية، فإن انهاءه ممكن.
2 تعتبر التغييرات الاساسية لانهاء الجوع، بمثابة عوامل رئيسية لتخفيف حدة النمو السكاني، حتى يصبح البشر في توازن مع سائر الكائنات.
3 لا يفترض انهاء الجوع، تدمير البيئة بالضرورة، بل على العكس من ذلك، انه يتطلب حماية البيئة باستخدام وسائل زراعية هي من جهة صالحة بيئياً ومن جهة ثانية في متناول الفقراء.
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved