أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 26th October,2000العدد:10255الطبعةالاولـيالخميس 29 ,رجب 1421

الثقافية

كلهن حبيباتي
محمد القشعمي
مع بدايات التواصل الرياضي بين شباب المملكة والدول العربية المجاورة وكنت وقتئذ موظفاً صغيراً بادارة صغيرة يتجاوز عدد موظفيها أصابع اليد الواحدة قليلاً، تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ادارة رعاية الشباب برئاسة مديرها المرحوم بإذن الله أبو هاني الدكتور عبدالله العبادي ومساعده محمد الزايدي والزملاء المتقاعدون حالياً فهد الجوعي وناصر البراكة والممثل عبدالعزيز الهزاع والخبيران الرياضيان أمين شعير من مصر وتيسير مشنوق من سوريا يرحمهما الله, والباقيان حتى الآن على رأس العمل الأستاذان/ إبراهيم علي العلي وعبدالرحمن العليق.
لم يمض على التحاقي بالعمل سوى أشهر قليلة وفي عام 1383ه طلب مني السفر بواسطة حافلة مستأجرة من شركة النقل العام خط البلدة التي تأسست بالرياض كأول شركة مساهمة محدودة بالرياض للنقل الداخلي كمنافسة لسيارات الأجرة التكاسي ,, واتفق على افشالها سائقو الأجرة فقد عرفت أو سمعت أن بعضهم أوقف سيارته والتحق كسائق بالشركة وبدأت الحوادث ومنها الاصطدام المتعمد أو التخبيط لعدم تغيير الزيت أو تعبئة الرديتير بالماء، مما سبب احتراق بعضها واتلاف البعض الآخر، وقد بقيت بعض تلك الحافلات سنوات في شوارع الرياض دون أن تزال.
وهكذا فشلت الشركة واعلنت افلاسها مع سبق الاصرار والترصد.
استأجرت الإدارة سيارة من الشركة وذهبت بها من الرياض إلى مطار الظهران حيث استقبلت فريق نادي قاسيون القادم من دمشق إذ ان مطار الرياض آنذاك لا يستقبل سوى الطيران السعودي ولم تتوفر وسيلة نقل جوية آنذاك مما اضطرنا إلى نقلهم عن طريق البر رغم صعوبة الطريق وكثرة الرمال التي تعترض خط الأسفلت وخصوصاً عند اجتياز رمال الدهناء خريص .
بعد أن لعب الفريق السوري قاسيون مع منتخب المنطقة الوسطى بملعب الصايغ بالملز واحتفاء الجميع بالضيوف اقترح أبو عبدالله محمد الصايغ صايم الدهر رئيس النادي الأهلي بالرياض ان تستغل عطلة عيد الحج للقيام برحلة بالفريق إلى قطر على أن تساهم الوزارة بتخصيص حافلة أتوبيس من سياراتها كدعم للنادي وتشجيع له.
وهكذا بدأت الرحلة من الرياض في الصباح الباكر ومع غروب الشمس كنا على شاطئ البحر بالمنطقة الشرقية ووجدنا طريقاً صحراوياً بين الرمال وطوال الليل والسيارة تتهادى وأحياناً تغوص عجلاتها بالرمال مما يستدعي الجميع للنزول لدفعها إلى الأمام أو الخلف وكل سيارة تمر بالقرب منا نؤشر لها للتأكد من صحة اتجاهنا.
المهم وعند قرابة الفجر وصل الركب إلى مركز سلوى الحدودي مع قطر وكان عبارة عن خيمتين أو ثلاث وبالقرب منها فراغ وضع على جوانبه بعض الأحجار الصغيرة، حاولنا ان نقنع الحارس بايقاظ الموظف المختص للتأشير على الجوازات، وعلى الأصح لم يحمل أحد منا أي جواز بل خطاب يشتمل على أسمائنا جميعاً ومصدق من وزير العمل ومدير عام الجوازات, ويطلب من يهمه الأمر تسهيل مهمتنا, وطلبوا منا يا حقين الكورة الانتظار إلى ما بعد صلاة الفجر.
وصلنا للدوحة قبل الظهر وبحثنا عن مقر النادي المضيف العروبة ووجدنا مقره عبارة عن دكان في أحد الشوارع الفرعية للشارع الرئيسي الوحيد هناك, وكان بابه الخارجي من النوع الذي يرفع إلى أعلى عند فتحه ويحدث صوتاً قوياً, وفوقه غرفتان أقام بها الاداريون والمرافقون واتخذ الأسفل مكاناً للطبخ، أما اللاعبون فقد بحثوا لهم عن سكن أكثر راحة، فوجد الفندق الوحيد وكان اسمه بسم الله يتكون من طابق واحد ولا يتجاوز العشر غرف فسكن الفريق به على أن يذهبوا مشياً على الأقدام لمقر الاداريين لتناول وجباتهم الغذائية هناك,إذ ان ما يسمى فندقاً لم يفتح بعد ولا يوجد به مطعم.
يوجد بالدوحة مكتبة واحدة في الشارع العام اسمها مكتبة التلميذ وكان الأخ محمد العجيان قد وصاني بكتاب ناصر الدين النشاشيبي ماذا جرى بالشرق الأوسط؟ وكذا كتاب الولد الشقي لمحمود السعدني، وكان من بين اللاعبين الأديب عبدالله نور الذي فوجئت به يشتري كتاب قضايا الشعر المعاصر لنازك الملائكة ولم أكن أعرفه من قبل إلا أنني رأيته في اليوم التالي وعند زيارتهم بالفندق للتأكد من استعدادهم للعب في اليوم التالي واذا هو يقرأ آخر الكتاب وبشكل جاد.
وهكذا في عصر اليوم التالي ووسط أرض فضاء حيث تقام المباراة بين فريقنا الأهلي وفريق العروبة المضيف لكرة القدم, أذكر أن عبدالله نور لم يستمر باللعب اذ نزل بدلاً منه المدرب وقتها السوداني السر سالم لا أعرف بالضبط النتيجة ولكن أذكر من بين اللاعبين الحارس حامد نقادي والمهاجم علي حمزة وزيد وعبدالرحمن بن مطرف وغيرهم ومن الاداريين عبدالعزيز العسكر وصالح الكنعان,, الخ.
أذكر انني ذهبت لمكتبة التلميذ ووجدت رجلاً مهيباً يجلس على كرسي وبجواره شاب سريع الحركة ما ان عرف انني غريب ولست من هنا إلا وأخذني ليعرض أسماء الكتب الجديدة والجرائد المصرية واللبنانية وغيرها.
وقد اشتريت البعض وأذكر أنه لفت نظري لكتابين جديدين هما تجارة الرقيق في الشرق الأوسط لسين أوكلاغان، وأبو طالب مؤمن قريش لعبدالإله الخنيزي، وقال إن هناك صحفاً لبنانية أهم من الصحف المصرية ولم أكن أعرف عنها شيء مثل الحوادث والمحرر والحرية,,الخ.
وعند مغادرتي المكتبة ناولني كتاباً صغيراً، وقال هذا هديتي إليك وهو باكورة انتاجي القصصي، وهو بعنوان كلهن حبيباتي وقد كتب اسمه في أعلى الغلاف يوسف عبدالله نعمة، وعرفت منه أنه طالب في جامعة بيروت العربية وانه يأتي في العطل لمساعدة والده بالمكتبة.
ولم أنس أنني بعد عودتي وقراءتي لمجموعته القصصية المذكورة، وأذكر انها تدور حول شاب مراهق يهوى جمع صور الفتيات وانه يطلع زملاءه عليها بقوله كلهن حبيباتي وصادف ان اطلع احدهم على تلك الصور ومن بينها صورة اخته فما كان منه إلا أن أوسعه ضرباً وركلاً جعله يقلع عن هذا الادعاء الكاذب كتبت له ببعض الملاحظات وقد أجاب برسالة أخوية.
وبعد مضي سبعة وعشرين عاماً وأثناء مؤتمر أو ندوة القصة القصيرة في دول مجلس التعاون المقام بالكويت عام 1989م أذكر انني قد حضرت هذه المناسبة مع وفد المملكة واستعرض رئيس الوفد القطري (1) مسيرة القصة القصيرة بقطر وبداياتها ولم يشر إلى الأستاذ يوسف نعمة أو مجموعته المذكورة، وقد سألت أحد اعضاء وفد قطر عنه وعرفت انه يعمل سفيراً لقطر بالهند, كما أن الدكتور عبدالعزيز السبيل وهو يستعرض ضمن مقالاته الاسبوعية السردية بالجزيرة الملحق الثقافي بدايات القصة والرواية لدول الخليج وعند مروره على بدايات القصة بقطر لم يتطرق أيضاً إليها، وعند لقائي به بعد ذلك وسؤاله قال انه يبحث عن تلك المجموعة فقد سمع عنها أيضاً، وعندما طلبها معتقداً انني احتفظ بها قلت انها قد ضاعت مع ما ضاع وما أكثره.
وأذكر انه بعد عودة الفريق من قطر وإذ بالاستعداد للمشاركة في دورة الجانيفو بجاكرتا عام 1963م وبدأ التجهيز للمنتخب السعودي للمشاركة في هذا اللقاء الذي تبناه مؤتمر عدم الانحياز في بدايات تكوينه وتحمس له الرئيس الأندونيسي سوكارنو وقرر استضافته.
ورأس وفد المملكة مدير رعاية الشباب وقتها الدكتور عبدالله حسن العبادي، ورافقه الخبير السوري محمد تيسير مشنوق رحمهما الله وقد اجتمعت الوفود العالمية في ملعب جاكرتا الشهير وطلب في حفل التعارف والسمر الليلي من كل وفد أن يشدو بالأغنية الوطنية الأولى أو كما يسمى النشيد الوطني .
(1) د, محمد طالب الرويك.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved